تاريخ متتابع من الإخفاق الغربي للتهجير .. من النكبة الفاضحة لصفعة القرن الثانية

التهجير والاختفاء نكبة وصفعة القرن الثانى

تاريخ متتابع من الإخفاق الغربي للتهجير .. من النكبة الفاضحة لصفعة القرن الثانية
 

تاريخ متتابع .. ما بين الانتقام والإرضاء : أسباب العودة المجنونة للتهجير القسري .
فحينما أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن نيته لعودة الصفعة الهادفة للتهجير القسري ، أثير حفيظة الجميع بدء من الشعب الأمريكي حتى الشعوب العربية.

كتب : مصطفى نصار
 
و ذلك لأسباب شتى تقع كلها ضمن نطاق الرفض للمقترح المجنون من الأساس ، مما حوله لمصدر وحدة و اصطاف عربي لأول مرة منذ ما يزيد على قرن ، حتى على المستوى الداخلي الفلسطيني توحد حماس و فتح برغم اشتراك السلطة الفلسطينية مع إسرائيل في حملاتها التهجير القسري و القتل الجماعي منذ ٥ يناير السابق .

بغض النظر عن الرد الطبيعي على خطة ترامب و آثاره المرتبة عليها ، فإن الجنون المحض و الإصرار العنادي له يدور ضمن ٤ سينايورهات طرحتها صحفية وانشطن بوست في تقرير لها يوم الجمعة الماضي ٥ فبراير لمحاولة الإحاطة الكاملة بفكر ترامب التوسعي و الانعزالي كذلك تجاه القضية الفلسطينية. علاوة على ذلك، يجاهد ترامب مع إسرائيل لمحاولة إرضائها لإنها دعمت حملاته الانتخابية بمبالغ تضاهي ٣٤٤ مليون دولار من عائلة أديلسون المتمثلة في مريم و شلدون المالكين لسلاسة قنوات فوكس و جرائد كبرى مثل جوزاليم بوست أي أن ترامب يكسب ودهم  و عطفهم لاستمرار وراثة الحكم انتخابيًا من بعده لأحد أولاده .

يغدو هذا الاحتمال الأول ، و يأتي بعده الاحتمال الثاني ، متضمنًا على فكرة مفادها تطبيق نظرية الرجل المجنون ليس فقط للتخويف أو تهويش خصومه بحدة ، بل ينجز بها صفقات سريعة و رابحة عبر تحويلها لساحة مفاوضات تجارية ، مما قد يحقق أهداف مصيبة و واقعية لحد ما ، مغفلًا بذلك نقض النظرية عند فشل الصفقة من الأساس كما حدث على مدار تاريخ القضية الفلسطينية كلها. فوضع الأنظمة العربية كافة في حالة الاستعداد لقبول التهجير آذان بانهيارها بشكل مدوي و كامل و مزعزع لاستقرار المنطقة كلها بوصف الكاتب المخضرم ستفين كوك .

أما عن الاحتمالين الثالث و الرابع فهناك شبه إجماع سياسي في الولايات المتحدة أن الخطة انتقام معتمد لإحراج المخابرات و أجهزة الدولة العميقة خدمة لمصالح إيلون ماسك و الأغنياء أمثاله ، مما يعكس اهتمام ترامب البالغ لاستقرار و استمرار الاقتصاد بصورة رجل الأعمال القابض على القرش لا ينزعه بل يزيده ، لكن الاحتمال الرابع يكمن في رغبة ترامب من الجميع الخضوع المطلق و الاستسلام الانسحاقي له و خاصة في الداخل لإثبات وجهة نظره النرجسية بأنه الوحيد القادر على إنجاز و تنفيذ مهام أمريكا الصعبة و المعقدة على رأسها القضية الفلسطينية، و كذلك فيما يتعلق بالقضاء على أيدولوجية الجندر المتطرفة و التي شكلت عاملًا حيويًا في فوزه من الأساس لدعم المحافظين و المسلمين،  إنه رجل الصفقات الأبرز لوجه أمريكا الإمبريالي القبيح ، لينفذ في الآخر ما يقلص مصالح الولايات المتحدة،  و يقوض جزءًا كبيرًا من النظام الدولي ، دون أن يفهم بانعزاليته المعهودة ، و الشعبوية أنها ستنهي السيطرة الكاملة للولايات المتحددة على العالم، فكما قال البروفسور جيفري ساكس عن عدم إرادته لحدوث نكبة جديدة لإنها بعيدة المدى و يصعب تنفيذها و غير قانونية .

أهداف ترامب الأربعة

تتخلص أهداف ترامب إذن في ٤ أهداف أساسية ، الانتقام الوحشي من الداخل و الاهتمام بمصالح أمريكا كامبراطوية أوشكت على السقوط بعمودية مباشرة و تسارع رهيب ، ليست كما كتب دانييال إيمورجوو في كتابه كيف تخفي إمبراطورية في أن ممارسات و سياسات الولايات المتحدة تحاك و تلعب في الخفاء و بمكر شديد كما كان في عهدي ترومان و كارتر الذين حققا لإسرائيل و أمريكا مكاسب كبيرة دون إبراز وجه أمريكا الإمبريالي الاستعماري بمنتهى الصفاقة و الوضوح الجلي الذي في أسلوب ترامب الذي يود أن يبقى مصالح إسرائيل أولًا ثم مصالحه الشخصية في تخلي تام عن وعوده للأمريكين ، و هذا قد يظهر المعادلة العكسية لما عليه كتاب كيف تخفي إمبراطورية لديفيد إيمورجوو الذي يؤكد فيه أن الممارسات السياسية للولايات المتحددة تعتمد على المكر و الإخضاع القهري لنفوذها الدولي أو العسكري ، لينهيها ترامب بمنتهى الجدية و العمق بتهديدات مجنونة مثله لا تفيد إلا المطبق عليهم أو المهددين بها .
 


سلسلة متتالية من الإخفاقات المدوية : الحلم المتكرر و تجسيد الصمود الفلسطيني.
 
من غير الإنصاف أن نلوم ترامب وحده على فكرة التهجير القسري ، لإنها حلم قديم المنال بعيد الوصول في السياسات العالمية و المحلية خاصة الخارجية الأمريكية ، لضمان أمرين بحسب المفكرين إيلان بابيه و نعوم تشومسكي في كتابهما عن فلسطين أن التخلص من القضية الفلسطينية ضمان بقاء دائم لإسرائيل و كذلك للوضع الساكن و المخزي للشرق الأوسط إلا أن الفصائل في مختلف التيارات لها جذور أقدم من الكيان اللقيط .

حقيقة وجود دولتان

غذت تلك الجذور الحالة الخاصة بالشعب الفلسطيني في الصمود و الإرادة العزيزة لامتلاك مشروع سياسي عقدي لا يقوم على القومية الحديثة أو الدوي الانهياري كما يعبر البروفسور الإسرائيلي شلومو ساند في كتابه المعنون باسم أيوجد حقًا دولتان؟!
تاريخ مؤجز للصهيونية ، عارجًا فيه على بعض الأحداث الكبرى في تاريخ القضية الفلسطينية مثل النكبة و النكسة و التطبيع الرسمي و محاولة فرض الأمر الواقع على فلسطين و الدول العربية . فمثلما يذكر ساند و غيره من المؤرخين الجدد المناهضين ، في أغلب السردية الرسمية الصهيونية التي تتحداها اللحظات شديدة الخصوصية و الفرادة عبر العديد من الحركات المسلحة أو بمعنى أدق التحرر الوطني .
 
أخذت محاولات التهجير منحيات مختلفة و مراحل متعددة حتى وصلت للحظة العظيمة،  لحظة طوفان الأقصى التي عرت العالم و أظهرت عوارته المقيتة ، و مساحيق التجميل التي حافظ عليها لعقود ، فبدأت مع اختيار المؤسس الفعلي للصهيونية ثيوردو هرتزل فلسطين باعتبارها وطنًا قوميًا لليهود عقب فشله في اتخاذ قرار بعدة دول منها أنجولا و الأرجنتين و موزنبيق ، ليعقد مؤتمر هرتزليا أو الصهيوني الأول في بازل بسويسرا عام ١٨٩٧ ، و الذي تم على أساسه الهجرة الجماعية ، و كذلك وعد بلفور عام ١٩٠٧ المشئوم ، و مؤتمري القاهرة الذي وضع بذرة الأنظمة الوظيفة و شكل الشرق الأوسط حتى الآن بحسب سي براد فورت ، و انتهى بمؤتمر مدريد من أكتوبر من نفس العام ١٩٢٠ م لزيادة القوانين التي تسمح بتوطين اليهود لفلسطين و اغتصاب الأراضي و نزعها من أصحابها الأصليين.
 
مظاهرات المدن والميادين

أخذت المقاومة المسلحة أشكالها الحديثة المسلحة في بداية الأمر عقب الانتداب البريطاني لفلسطين عام ١٩٢٠ ، فانطلقت المظاهرات المتوالية في ميادين المدن الفلسطينية مثل عكا و يافا و القدس كاملة بقيادة محمد الحسيني محافظ بلدية القدس الذي استشهد في ١٩٠٤م ، و ورث النضال من بعده ابنه عبد القادر الحسيني البطل الذي استشهد برفقة سيد سلامة والد الأمير الأحمر حسن سلامة المناضل و القيادي في حركة فتح  .
 

عقب النكبة الفاضحة، عمل الاحتلال الإسرائيلي على تهجير جماعي و تطهير عرقي للفلسطينين في كافة الأراضي المحتلة ، و على رأسها الطنطاوية التي وثقتها روائيًا الناقدة و الكاتبة رضوى عاشور ، و كذلك البروفسور إيال وايزمان في كتاب أرض جوفاء الذي أكد فيه قتل أكثر من ٥٠٠عائلة مجتمعة و دفنهم في مقابر جماعية ، و من بقى حيًا نزح حاملًا ذكريات الجريمة و الخذلان و المظالم الكبرى لغزة ، و هجر بعضهم باعتبارهم لاجئين أو مبتعثين علميين مثل إسماعيل الفاروقي ، حتى تشتت بهم المطاف في مخيمات دول الجوار مثل لبنان و سوريا لعام ١٩٥٥م.
 
في العام ١٩٥٥،  أطلق الصهاينة عملية هبة أزار لاتمام التهجير لسكان أهالي غزة البالغ عددهم آنذاك ٣٠٠ ألف ، فأفشلوا المخطط بسبب المعارضة المسلحة ، فضلًا عن تشبثهم العميق بالتهجير القسري ، فتحول لحلم لا يموت و تكرر من دون تحقق إلا مرتين النكبة ١٩٤٨ ، و النكسة١٩٦٧ التي تبقى بعدها ٣٧%من سكان فلسطين على الأراضي المحتلة ليأتي بعدها محاولات ما بعد النكسة في محاولة عام ١٩٦٨ الذين فشلوا في تهجير أهالي غزة لسيناء عبر فتح الصحراء و تقديم المنح و البعثات لمصر . فبدلًا من التخلص منهم ، جاءوا لغزة إما لتعميرها أو قيادة الحركات و الفصائل مثل حماس التي تتكون من غالبية خريجي الجامعات المصرية مثل محمود الرنتسني ، و محمود الزهار .

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.