التقاضي عن بعد يختصر الزمن ويصون الحريات: آليات جديدة لضمان استمرار العمل القضائي تحت أي ظرف

كتب باهر رجب

التحول الرقمي يصل إلى قاعات المحاكم: إطلاق منظومة التقاضي عن بعد في الدعاوى الجنائية بالإسكندرية

الحدث التاريخي 

في خطوة تعد نقلة نوعية في مسيرة التحول الرقمي للقضاء المصري، أطلق الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والمستشار عدنان فنجري وزير العدل، منظومة التقاضي عن بعد في الدعاوى الجنائية بمحكمة شرق الإسكندرية يوم 12 أغسطس 2025. جاء الإطلاق بحضور نخبة من القيادات القضائية والأمنية، بينهم محافظ الإسكندرية الفريق أحمد خالد حسن سعيد، ورئيس محكمة استئناف الإسكندرية المستشار زكريا يوسف حرز الله، ومسؤولي وزارتي الداخلية والاتصالات .

 

المنظومة الجديدة: بين التكنولوجيا والعدالة

تتمحور المنظومة حول ثلاث ركائز أساسية: 

1. حضور المحامين عن بعد:

تمكين المحامي من الدفاع عن المتهم المحبوس احتياطيا دون الحضور إلى قاعة المحكمة، باستخدام وحدات اتصال مرئي متقدمة .

2. تحويل الصوت إلى نص:

توظيف الذكاء الاصطناعي لتحويل المرافعات الشفوية وأقوال المتهمين وقرارات القضاة إلى نصوص مكتوبة بدقة تصل إلى 96%، لاستبدال المحاضر اليدوية .

3. ربط المؤسسات القضائية:

توصيل 850 خط ألياف ضوئية بقاعات المحاكم ومراكز الإصلاح وأقسام الشرطة، وتوزيع 1530 وحدة اتصال مرئي لتمكين جلسات متعددة المواقع .

 

الضمانات التقنية والقانونية

– الأمن السيبراني:

صممت المنظومة بأيدي مهندسين مصريين من “مركز الابتكار التطبيقي” التابع لوزارة الاتصالات، مع تطبيق أعلى معايير الحماية ضد الاختراق .

– الإطار التشريعي:

يأتي الإطلاق تمهيدا لتطبيق قانون الإجراءات الجنائية الجديد (المواد 525–532)، الذي ينظم إجراءات التحقيق والمحاكمة عن بعد، ويضمن حقوق المتهمين مثل:

– حضور المتهم دون قيود.

– عدم الفصل بين المتهم ومحاميه.

– حق الاعتراض على المحاكمة عن بعد في أول جلسة .

كلمات القيادات: رؤية مستقبلية

– وزير الاتصالات:  

  “هذه المنظومة لبنة وضاءة في صرح العدالة الرقمية، تختصر بها الزمن و تصان الحقوق، وتوفر 30% من نفقات التقليدية” .  

– وزير العدل:  

  “نضيف لإرث مصر القضائي صفحات من الإبداع، لضمان عدالة ناجزة تواكب توجيهات الرئيس السيسي بالتحول الرقمي الكامل” . 

التحديات والضمانات

رغم المزايا، ثمة مخاوف من تأثير التقاضي عن بعد على مبدأ “المواجهة” بين الخصوم، خاصة في الدعاوى الجنائية. لكن القانون الجديد استبعد هذه المخاوف عبر:

– تسجيل الجلسات إلكترونيا وتوقيع القضاة عليها .

– إعلان الخصوم مسبقا بمواعيد الجلسات .

– حماية الشهود بإخفاء هويتهم عند الضرورة .

 

رحلة التطبيق: من التجريب إلى التعميم

شهد حفل الإطلاق جلسة افتراضية تجريبية لنظر مد حبس احتياطي، مثل خلالها متهم ومحاميه عن بعد أمام محكمة شرق الإسكندرية. وتخطط وزارة العدل لتعميم المنظومة على:

– جميع المحاكم الجنائية والاقتصادية.

– قضايا الحبس الاحتياطي والإفراج المؤقت .

الخاتمة:

نحو عدالة رقمية شاملة

تمثل هذه المنظومة إحدى حلقات مسيرة التحول الرقمي التي تقودها مصر منذ سنوات، بدءا من المحاكم الاقتصادية وصولا إلى الدعاوى الجنائية. وبينما تختصر بها المسافات وتحفظ الحقوق، تبقى التحديات القائمة على ضمان استقرار البنية التقنية وتدريب الكوادر القضائية هي محط الأنظار في المرحلة المقبلة.

البيان الرسمي يؤكد: “مصر تتقدم بخطى ثابتة لتصدير نموذج قضائي رقمي يلهم المنطقة” .

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.