ريهام طارق تكتب: إعمار غزة.. هل تنجح الخطة المصرية أم تُوأد في مهدها؟
إعادة إعمار غزة: بين طموح مصري كبير وحقيقة سياسية مُرَّة
- تعيش الساحة السياسية العربية حراكا دبلوماسيا مكثفا في الآونة الأخيرة، حيث تتبلور ملامح خطة مصرية شاملة يُنتظر أن تشكّل حجر الأساس للمبادرة العربية الرامية إلى إعادة إعمار قطاع غزة، بما يكفل صون هوية سكانه وحمايتهم من مخاطر التهجير.
بقلم: ريهام طارق
تأتي هذه الخطوة في إطار رؤية مصرية استراتيجية تسعى إلى تقديم مقاربة شاملة وفعالة للتعامل مع أحد أكثر الملفات الإقليمية تعقيدا، وسط توقعات بأن تحظى هذه الخطة بدعم واسع خلال القمة العربية الطارئة المرتقبة في القاهرة، ما يعكس إدراكا عربيا متميزا لأهمية تكاتف الجهود من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة.
اقرأ أيضاً: زيلينسكي: ترامب يعيش في “فضاء التضليل الإعلامي” الروسي.
وفي إطار الجهود المصرية الدؤوبة لحشد الدعم الدولي، قدمت القاهرة خطتها أمام وزراء خارجية مجموعة السبع في ألمانيا، في خطوة استراتيجية تهدف إلى بناء توافق دولي وإقناع الإدارة الأميركية بالعدول عن أي مقترحات قد تفضي إلى تهجير قسري للفلسطينيين، واللافت في هذا التحرك أنه لم يقتصر على الدوائر الغربية فحسب، بل شمل أيضاً تنسيقاً عربياً مكثفاً، حيث جرت مشاورات معمقة مع الأردن والسعودية بهدف بلورة موقف عربي موحد يسبق القمة المرتقبة، ما يعكس إدراكاً مشتركاً لضرورة توحيد الصف العربي في هذه المرحلة الدقيقة.
اقرأ أيضاً: “فانتدج للتنمية العمرانية”: مصر من الأسواق الواعدة في نمو المساكن ذات العلامات التجارية
غموض يضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى المشهد السياسي:
ورغم هذا الزخم السياسي المتصاعد، لا تزال هناك عقبات معقدة قد تعترض طريق تنفيذ الخطة، وعلى رأسها الجدل المحتدم بشأن مستقبل الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، فقد أفادت مصادر فلسطينية بأن الوثيقة المصرية، التي تمتد على مئات الصفحات، لم تقدم حلاً حاسماً لقضايا مصيرية، من بينها مصير أعضاء حركة حماس و سلاحها، إلى جانب مستقبل الأجهزة الحكومية التي أسستها الحركة، والتي تصر إسرائيل على رفض أي دور لها في المرحلة المقبلة، هذا الغموض يضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى المشهد السياسي، ويجعل من تحقيق توافق شامل أمراً بالغ الصعوبة.
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: مؤامرة التهجير تنكشف.. ومصر والأردن يعلنان المواجهة!
الخطة المصرية تواجه عوائق لوجستية معقدة:
إلى جانب التحديات السياسية، تواجه الخطة المصرية عوائق لوجستية معقدة، أبرزها الحصار الإسرائيلي الذي يمنع إدخال المعدات الثقيلة والمنازل المتنقلة إلى قطاع غزة، هذا الواقع يفرض على القاهرة ابتكار حلول بديلة مبتكرة لتجاوز هذه العقبات دون التأثير على سير الخطة أو تعطيلها.
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: مخطط ترامب لإعادة توطين الفلسطينيين تسوية أم تصفية للقضية؟
أما من الناحية الفنية، تستند الخطة إلى ثلاث مراحل متكاملة تنفذ بتتابع مدروس:
المرحلة الأولى:
تتمحور المرحلة الأولى حول إزالة الأنقاض وإعادة تدويرها، بهدف استخدامها في عمليات إعادة الإعمار، مما يضمن توفير المواد الأساسية بطرق مستدامة وصديقة للبيئة.
تليها المرحلة الثانية:
تعنى المرحلة الثانية بتطوير البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات، وهي مرحلة جوهرية لضمان مستوى معيشي لائق للسكان.
وأخيرا، تأتي المرحلة الثالثة التي تركز على التخطيط العمراني المتكامل، عبر بناء الوحدات السكنية وتوفير الخدمات التعليمية والصحية والثقافية، بما يسهم في إرساء بيئة مجتمعية متكاملة ومستدامة.
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: مشروع “ريفيرا الشرق الأوسط” بين التصعيد والحل المزعوم!
إعادة إعمار غزة: بين طموح مصري كبير وحقيقة سياسية مُرَّة
في ختام الأمر، تمثل الخطة المصرية رؤية شاملة وطموحات لإعادة إعمار قطاع غزة، غير أنها تشكل في الوقت ذاته اختبار حقيقي لـ قدرة الإرادة السياسية العربية والدولية على التعامل مع المأساة الفلسطينية بروح من الواقعية والمسؤولية المشتركة.
ويبقى هنا التساؤل معلقا: هل سيتمكن العرب من ترجمة هذه الرؤية إلى واقع ملموس يداوي جراح غزة، أم أنها ستظل حبيسة الأدراج، تصطدم بتعقيدات المشهد الإقليمي والدولي؟