الزيارة المؤقتة .. كائن حى ومشهد إعتدناه في كل البيوت لكننا في غفلة عنه
الزيارة المؤقتة .. الأم وأبنها في زيارة إلي أحدي الأقارب أو الأصدقاء أو المعارف ….
في البداية يسري كل شئ بسلاسة وينفذ التعليمات لأصول الزياره وآداب الضيف يمر بعض الوقت إلا أن يأخذ علي المكان ويحسبه بيته ويدرسه ويعرف مداخله
و يبدأ بالحركة.
بقلم : زينب النجار
لا أحتاج التكملة فكلنا مررنا جميعًا بمثل هذه الزيارات…
لنأت للأم فهي تبدأ تنصح وتقول “أجلس هنا سوف نذهب بعد قليل ، وتنصحه وتصر عليه بإلا يتحرك من مكانه ، وتوجه له الكثير من الكلمات عيب لا يصح وتهدده بمعاقبته بعد المغادرة ، وتارة توعده بشراء الحلوي من السوبر ماركت لكن يجب أن يستمع لكلامها ويجلس بأدب وأحترام ” وكثير من النصايح والتحذير والتخويف و أحيانًا في الظاهر بالضرب الخفيف…
تحاول أن تجعله هادئا يجلس المدة المحددة إلى أن تنتهي الزيارة خوفاً عليه أن يؤذي نفسه بالتصرف أو يؤذي من في البيت أو يمرح تحاول أن تفهمه أن هذا البيت ليس ملكه وإن ألعابه ومتعلقاته مؤقتة ولا يستطيع أخذها معه ،وأنه لديه في بيته ومكانه الحقيقي ألعاب ومتعلقاته الخاصة بالشكل الذي يناسبه تحاول أن تنصحه وترده إلا أن يلتزم بالتعليمات التي ستحميه وتحمي من حوله…
وتحاول أن تخرق قانون التعلق وتشيع وترسخ في نفسه مشاهد الفراق وتعوده أن الترك لتجنب دموعه حينما تنتهي الزيارة لأنه تعلق بشيء ما ، وتحاول أن تجعله يفكر في بيته الأصلي وما يستحقه من صبر بعد أنتهاء تلك الزيارة…
والآن أدركتم ماذا تعني بالأم والزيارة؟
أدركتم من هو الطفل ؟
نعم نحن أطفال في بيوت مؤقتة تغرينا ألألعاب والدنيا والمتعلقات وحب الشهوات والزينة ……
والأم هنا هي كل ما يرجعنا للأدراك والوعي قد تكون علي شكل تعاليم دينية توقظ غفلتنا و قد يكون جندي الأحزان والأبتلاءات وقد يكون الفراق بكل أنواعه
في ظاهرها تبدو تلك الأم قاسية توجع قلب الولد..
تزرف منه الدموع والحسرات والألم والشكوي وتضيق مساحته من اللهو ولكن كل ذلك لصالحه للبيت الذي خلق له منذ البداية “الجنة”
فالأم هنا حكيمة حنونة تنظر لمستقبل ولدها إلي أن يحن موعد أنتهاء زيارته
ومن أعظم جنود الله وأقواها جندي الفراق سلاحه قوي موجع وأكثرهم تردد علي الإنسان ،فأي شئ يفارق وسيفارق أو فارق ،تلك سنته….
ومشاهد الفراق تحلاقنا كل يوم بأختلافها النهار والشمس في مغربها تفارق كل يوم ، خلايا الجلد تموت وتتبدل، الظافر ينكسر ، ومتعلقاتنا تقدم وتذوب وفي الطبيعة تموت الزهور وتسقط أوراق الشجر، يموت الجيل تلو الجيل كل شيء متهالك حولنا ولكن أعتدنا عليه دون التدبر ، فلو تديرنالعرفنا أن الموت أو الفراق كائن حي..
علينا تقبل وجوده وألتهامه وحقه أن يسري علي كل ما في أيدينا وعلينا أيضا..
فلا هناك أحد يصح أن نخرق قاعدة الفناء من أجله ويستحيل أن ننقذه من الفراق فلا مزيد من الجزع والحزن ، بل هيا للتعود والتقبل والرضا فهو مأمور بحكمة من الله …
الجزاء هنا عن الرضا بفراق الدنيا وألتزامنا بآداب الزيارة…
ففي النهاية جزاءنا جنة، بل أضاف لها الله مصطلح يطمئنا أن مشهد الفراق المرعب في الدنيا لن يتكرر بل دعا لأهلها
بأنهم خالدون فيها…..
فوصلنا إلى الآن أن الفراق شيء محتوم لا راد له…
هيا لنري الوجه الآخر من الزيارة فالطفل مدرك أن زيارته مؤقتة ولكن تذمر وتسلطت عليه نفسه وأبي وأستكبر
ولم يحترم أمه ولا من في البيت بل أهمل وكسر وأذي وتعلق وأحب كل مؤقت وفاني وتخلى عما في بيته وهان في عينه كل ما حضره الله له….
تهين الأم و تعاقب و تنوي بالمحاسبة في البيت…
إذا ما سيفعلوا هؤلاء بأخرتهم
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ، وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (٤٥)
فشئ طبيعي إن تجلس متضايق حاسس بالتكتف أو أنك غريب لكن لابد
الألتزم بآداب الزيارة المؤقتة……