تراتيل إلى جدتي…
تراتيل إلى جدتي…
الاعلامية هدى المهتدي الريس
ما زالت رائحة التبغ تدغدغ ذاكرتي…
عبر زقاق.طويل يحمل عبق ماض اندثر تحت معاول الإهمال..والجشع…وجني المال…زقاق في حي يعتبر من أقدم آثار مدينتي الصغيرة هذا الميناء الأقدم في التاريخ الذي تطوف على شاطئه ذكريات اجداد واسماء عوائل عريقة مروا من هنا وضعوا لبنة وبصمة في معجم اسمه طرابلس الفيحاء ما زالت قلعتها تقاوم أنياب البشر قبل فواجع الأيام..هذه المدينة الصغيرة لم يرحمها من تربع على عرشها ونام بين بساتين ليمونها واكل من عيون عنبهاوتغذى وشبع من شفاه تينها …
وما زالت حتى اللحظة شامخة تقاوم الإهمال والفقر وجشع الكراسي و المناصب وتعاقب الأيام….والأسماء..
كانت من أسرة معروفة متوسطة الحال ..تضم تحت جناحها عوائل كثيرة…
هل كانت جدتي تحس بالألم…
تشعر بتفاوت الحظ والفرص وبريق الجاه بين الطبقات… ؟ ؟!!
هل كان هذا ما يدفعها لبعثرة وامتصاص الامها مع سيجارة تمضغ جوع يتامى وفقراء يتغذون على فضلات موائد الكبار؟ ؟!! واحدة من ضحايا الفقر بائعة التبغ…
.كانت تصحبني جدتي إلى كوخها..
غرفة تتكدس فيها أطباق التبغ..كل طبق تفوح منه رائحة عرق سواعد من زرع ..وتمتمات اغاني نسوة وقت الحصاد وحبل تتهادى على اذرعه وريقات ذهبية اللون تراقصها خصلات الشمس..و.بائعة التبغ لا تكف عن سرد تاريخ وشجرة عائلة بضاعتها …
نعم……
تراتيل الى جدتي