ثورة الضوء: كيف تُعيد تارا من جوجل تعريف توصيل الإنترنت إلى المناطق النائية

مشروع تارا التابع لجوجل: الاتصالات الضوئية اللاسلكية جسرًا للشمول الرقمي في أصعب بقاع العالم

كتب باهر رجب

 

مقدمة: رؤية تارا نحو عالم متصل بالإنترنت للجميع

في عالم يعتمد بشكل متزايد على الرقمنة، لا يزال ملايين الأشخاص في المناطق النائية يعانون من انعدام الوصول إلى الإنترنت. هنا يأتي دور مشروع تارا(Taara)، المبادرة الطموحة التي أطلقتها شركة ألفابت إكس(Alphabet X)، المختبر المسؤول عن مشاريع الابتكار الجذرية في جوجل، بهدف سد الفجوة الرقمية عبر تقنية ثورية تعتمد على الاتصالات البصرية اللاسلكية

(Free-Space Optical Communications – FSOC).

 

١. ما هو مشروع تارا؟

هو مشروع يهدف إلى توفير اتصال إنترنت عالي السرعة للمناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية التقليدية، باستخدام الضوء غير المرئي لنقل البيانات عبر الهواء.

بدأ المشروع كجزء من مبادرة Loon

(التي استخدمت المناطيد لتوفير الإنترنت)، لكنه تطور ليكون حلًّا أكثر استقرارًا وقابلية للتطبيق.

 

أهداف المشروع:

– توصيل المناطق النائية والجزر والمناطق ذات التضاريس الصعبة.

– تقليل تكلفة البنية التحتية مقارنة بكابلات الألياف الضوئية.

– تمكين المجتمعات من الوصول إلى التعليم، الرعاية الصحية، والفرص الاقتصادية عبر الإنترنت.

 

٢. كيف تعمل تقنية تارا؟

تعتمد الفكرة على مبدأ بسيط:

نقل البيانات عبر حزم ضوئية بين محطتين مثبتتين على أبراج أو أسطح المباني، تشبه الألياف الضوئية لكن دون كابلات!

 

التفاصيل التقنية:

– الضوء المستخدم:

أشعة تحت حمراء غير مرئية وآمنة.

 

– السرعة:

تصل إلى 20 جيجابت/الثانية

(أسرع من الاتصالات اللاسلكية التقليدية).

 

– المسافة:

تغطي حتى 20 كيلومترًا بين المحطات، مع دقة توجيه عالية.

 

– الشريحة الإلكترونية:

طور الفريق شريحة بحجم ظفر الأصبع، تُنظِّم انبعاث الضوء وتُحسِّن كفاءة نقل البيانات.

 

التغلب على التحديات:

– الظروف الجوية:

تستخدم الخوارزميات الذكية تعديل شدة الضوء وإعادة توجيه الحزم تلقائيًا لتعويض تأثيرات الضباب أو الأمطار.

 

– الاستقرار:

أجهزة استشعار حركة دقيقة تضمن تثبيت الشعاع حتى مع اهتزاز الأبراج بسبب الرياح.

 

٣. المزايا الرئيسية لتقنية تارا

1. التكلفة المنخفضة: 

– تصل تكلفة تركيب وصلة تارا إلى 30% من تكلفة كابلات الألياف، خاصة في المناطق الجبلية أو الغابات.

 

2. السرعة في التنفيذ:

– يمكن تركيب المحطات في ساعات بدلًا من أشهر

(كما في مد الكابلات).

 

3. المرونة: 

– تصلح للحالات الطارئة، مثل الكوارث الطبيعية حيث تتعطل البنى التحتية.

 

4. الصديقة للبيئة: 

– لا حاجة لحفر التربة أو تعطيل النظم البيئية.

 

٤. التحديات التي تواجهها تارا

– العوائق الطبيعية:

الأشجار أو المباني العالية قد تعترض مسار الشعاع.

 

– الاعتماد على الرؤية المباشرة:

يجب أن تكون المحطتان متقابلتين دون عوائق

(Line of Sight).

 

– الصيانة:

تتطلب مراقبة مستمرة لضمان استقرار الإشارة، خاصة في المناطق ذات الطقس المتقلب.

 

٥. تجارب ناجحة حول العالم

– الهند:

في 2021، نجحت تارا في توصيل قرى في ولاية أندرا براديش، حيث وفرت الإنترنت لأكثر من 30,000 شخص عبر شبكة من المحطات الضوئية.

 

– أفريقيا:

جُربت في كينيا لربط المدارس والعيادات البعيدة.

 

– البرازيل:

ساهمت في تحسين الاتصالات في غابات الأمازون.

 

٦. تارا مقابل تقنيات أخرى: من الأفضل؟

 

٧. مستقبل تارا: ما الخطوة التالية؟

تعمل ألفابت إكس على:

– زيادة مدى التغطية إلى 50 كيلومترًا.

– خفض التكاليف أكثر لجعل التقنية في متناول الدول النامية.

– دمج الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالعوائق الجوية وتحسين الأداء تلقائيًا.

 

خاتمة: نحو عولمة رقمية عادلة

تمثل تارا نموذجًا للابتكار التكنولوجي الموجه لخدمة الإنسانية، حيث تساهم في تحقيق الهدف العالمي للشمول الرقمية. رغم التحديات، فإن إمكاناتها هائلة، خاصة مع تزايد الحاجة إلى حلول مرنة وسريعة في عالم ما بعد الجائحة. كما قال **بارات ميدولكار**، قائد الفريق: *”الضوء كان دائمًا أسرع ناقل للمعلومات، والآن نحن نجعله جسرًا للفرص.”

 

باستخدام تارا، قد يصبح “الإنترنت للجميع” حقيقةً قريبة! 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.