حاتم صلاح الدين: رحلة فنان متعدد الأبعاد

حاتم صلاح الدين: رحلة فنان متعدد الأبعاد

كتب / أسامة سمير 

 

شغف يروي قصة الإبداع من القلب

في عالم الفن المليء بالألوان والتفاصيل، هناك قصص تلامس الروح بصدقها وعمقها. قصة فنان لا يكتفي بإتقان جانب واحد، بل ينسج من مواهبه المتعددة لوحة فنية متكاملة. إنه حاتم صلاح الدين، الاسم الذي يتردد في كواليس صناعة المحتوى المرئي، يروي حكاية إصرار وشغف تحول إلى إبداع ملموس؛ ممثل، ومخرج، ومونتير، ومؤلف، وملحن، كلها أدوار تتجلى في شخصية واحدة عاشقة للفن.

البداية.. نغمات طفولية عبر الحدود!

لم تكن خطوات حاتم الأولى في عالم الفن تقليدية؛ فبعد ولادته في المنصورة، انتقلت عائلته إلى القاهرة. في المرحلة الابتدائية، وتحديداً في مدرسة العائلة المقدسة، بدأت أنامله الصغيرة تستكشف عالم الموسيقى. هناك، لم يكن مجرد طفل يغني، بل كان يعزف على آلة الأورج، في لمحة مبكرة لموهبة تتفتح بهدوء.

ثم جاء منعطف مؤثر في رحلته، عندما سافر هو وعائلته إلى المملكة العربية السعودية في المرحلة الثانوية. في أرض المملكة، وجد فرصة لا تقدر بثمن للقاء كبار المطربين والموزعين الموسيقيين. هذه التجربة الثرية لم تُثرِ شغفه بالموسيقى فحسب، بل عمّقت فهمه لأسرارها، وأضاءت دربه نحو آفاق أرحب للتعبير الفني.

من وهج الإعلانات إلى شاشة التمثيل والإخراج!

مع عودته إلى القاهرة لاستكمال تعليمه الجامعي، بدأت فصول جديدة في قصته. اقتحم حاتم عالم الإعلانات كموديل، وكان هذا الظهور على الشاشات بمثابة دعوة غير متوقعة لعالم التمثيل، حيث بدأت موهبته التمثيلية تتجلى. لم تكن هذه مجرد تجربة عابرة، بل كانت نافذة فُتحت على مصراعيها نحو الإبداع التمثيلي. وبعد التخرج، ظل محافظًا على جانبيه الأكاديمي والفني، فعمل أستاذًا جامعيًا متخصصًا في التربية الموسيقية، ليجمع بين الموهبة الفطرية والأسس العلمية.

الخطوة الحاسمة نحو الإخراج جاءت عندما تولى مسؤولية إنتاج وإخراج أول كليب سينمائي للمطرب جواد العلي. في هذا العمل، عمل كمخرج منفذ إلى جانب المخرج الإماراتي المتميز هاني الشيباني. هذا التعاون كان له وقع خاص؛ فموهبة حاتم لم تمر مرور الكرام على الشيباني، الذي سرعان ما وجه له دعوة للانتقال إلى الإمارات العربية المتحدة.

هناك، انضم حاتم صلاح الدين إلى فريق عمل مسلسل تلفزيوني ضخم من إنتاج قناة دبي بعنوان “أحوال”، ليعمل كمخرج منفذ. ومن هذه اللحظة، تدفقت أعماله التلفزيونية والسينمائية.

مسلسلات تركت بصمة في الخليج وخارجه:

بعد “أحوال”، أضاف صلاح الدين إلى رصيده العديد من المسلسلات التي تعكس تنوع رؤيته الإخراجية والفنية، ومن أبرزها:

 

“أهلاً رمضان”

“دبابيس”

“راشد وميرة”

“شعبيات”

إلى جانب هذه الأعمال التلفزيونية البارزة، قدم حاتم صلاح الدين مجموعته المتنوعة من الأفلام والكليبات التي تحمل توقيعه.

تقديرات مستحقة.. الإبداع يضيء المهرجانات!

الجهد والإخلاص في العمل الفني غالبًا ما يجد طريقه إلى التقدير، وهذا ما حدث مع حاتم صلاح الدين. في عام 2009، تلألأت أعماله في المهرجانات الفنية، وحصدت إشادات لافتة:

حصل على جائزة أفضل مونتاج عن فيلم “فندق في المدينة” في مهرجان الشرق للأيام السينمائي بأبوظبي، وهي جائزة مالية تقدر بـ 10 آلاف درهم إماراتي.

ولم يقف النجاح عند هذا الحد، فالفيلم نفسه، “فندق في المدينة”، نال جائزة أفضل فيلم خليجي روائي طويل في المهرجان ذاته.

كما حاز فيلم “أحزان صغيرة”، الذي شارك في مونتاجه، على جائزة أفضل فيلم إماراتي روائي قصير، إلى جانب جائزة أفضل سيناريو.

تزامنت هذه الإنجازات مع خطوة مهمة في مسيرته، وهي حصوله على كارنيه نقابة المهن السينمائية المصرية كعضو عامل في عام 2009، ليُضاف هذا الاعتراف الرسمي إلى رصيده الفني.

بوصلة الطموح: إخراج وتمثيل بقلب فنان!

على الرغم من إتقانه لمختلف جوانب صناعة الفيلم والتلفزيون — من الإنتاج والمونتاج إلى التأليف والتلحين — إلا أن بوصلة طموح حاتم صلاح الدين تشير بوضوح نحو مجالين محددين: الإخراج والتمثيل. يرى أن كل موهبة اكتسبها وكل نجاح حققه في مسيرته، ما هي إلا لبنات قوية تدعم شغفه العميق وما يصبو إليه في هذين المجالين، وكأن كل خطوة سابقة كانت تمهيداً لترك بصمة فريدة لا تُنسى.

ومع كل هذه الإنجازات، تأتي ذروة الطموح في باكورة أعماله القادمة: مسلسل “تعويذة رشيدة”. هذا العمل الذي يتأنى فيه حاتم صلاح الدين بشكل غير اعتيادي، وقد اختفى بداخله لعدة سنوات، ليظهر مجدداً بعمل قوي يُنتظر أن يُثبت مجدداً رؤيته الفنية المتجددة وبصمته المتفردة.

مجمد

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.