دراما 2000 ودراما اليوم… رحلة بين التحول والحنين

 

دراما 2000…الفن مرآة الروح وذاكرة المجتمعات

حين نتأمل خارطة الدراما الرمضانية بين الأمس واليوم، لا نرصد فقط اختلافات في الإنتاج أو الأداء، بل نقرأ تحولات أعمق ترتبط بثقافة المتلقي، بذوقه، وبطبيعة الزمن نفسه. فالفن لا يُصنع في فراغ، بل ينمو ويتغير مع نبض المجتمع. وهنا تصبح المقارنة بين دراما بداية الألفية ودراما 2025 أشبه برحلة في ذاكرة الشاشة الصغيرة.

 

كتبت: ماريان مكاريوس 

 

رمضان الألفية: زمن الذروة الفنية

في بداية الألفية، كان الموسم الرمضاني مساحة للإبداع الهادئ والعميق. أعمال مثل وجه القمر، الذي أعاد سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة إلى الشاشة بعد غياب، حملت بصمة فنية راقية وحنينًا للأصالة. كذلك كانت الأعمال الاجتماعية والإنسانية مثل الفرار من الحب، أوبرا عايدة، أوان الورد وخيال الظل تحمل رسالة وقيمة تلامس الوجدان، وتقدم محتوى يليق بعقلية وذوق المشاهد.

 

بين الأمس واليوم: تغير الإيقاع وضياع الدفء

لا يسعني إلا أن ألاحظ حجم التحول الذي طرأ على الشاشة الصغيرة. نعم، كنا ننتظر “وجه القمر” و”الفرار من الحب” بقلوب مفعمة بالمشاعر، نستشعر في كل مشهد نبض الواقع ونكهة الأصالة. أما اليوم، فقد أصبحت الدراما أكثر جرأة وتنوعًا وسرعة في الإيقاع، لكنها في المقابل فقدت شيئًا من دفء التفاصيل وبساطة الطرح.

 

ففي زمن بكار كان الطفل يحفظ قيمًا، وفي زمن الباركود يحفظ فقط “كود الاشتراك”. وبينما كنا نتابع الكاميرا الخفية ونضحك من قلوبنا، أصبحنا نحن الآن الكاميرا، والمشاهد ضحية “مقالب” إنتاجية لا تنتهي. لعلّ السؤال الحقيقي لم يعد: ماذا سنشاهد في رمضان؟ بل: هل بقي شيء يستحق المشاهدة أصلًا؟

التحدي الأكبر: الموازنة بين الأصالة والحداثة

الفن ليس ساكنًا، بل يتطور كما تتطور الحياة. لكن التحدي الحقيقي الذي يواجه دراما اليوم هو الموازنة بين التحديث البصري والعمق الإنساني. أن تقدم دراما تجمع بين نبض العصر وحداثة الشكل، دون أن تفقد حرارة القلب، وصدق الحكاية، وروح الحنين التي طالما أحببناها.

 

المنصات الرقمية وتغير ذوق الجمهور

لقد أعادت المنصات الرقمية تشكيل خريطة المشاهدة وسلوك الجمهور. لم تعد الأسرة تجتمع أمام شاشة واحدة، بل صار لكل فرد منصته وخياراته الخاصة. هذا التغيير أدى إلى تنوع كبير في الأنماط الدرامية، لكنه في الوقت ذاته ساهم في تراجع الأعمال ذات النفس الطويل التي كنا نعيش معها يومًا بيوم. وأمام هذا التشتت، يبقى السؤال: كيف تستطيع الدراما أن تستعيد روحها الجامعة دون أن تفقد إيقاع العصر؟

دراما تُخلّد أم تُنسى؟

ربما لا يمكننا إيقاف عجلة الزمن، لكن يمكننا أن نطالب بأن تظل الدراما وفية لجوهرها الإنساني. فالمسلسلات التي نحفظ أسماءها ونردد حواراتها بعد سنوات ليست فقط تلك التي أبهرتنا بصريًا، بل التي لمست شيئًا حقيقيًا في داخلنا. فهل ستنجح دراما اليوم في أن تترك نفس الأثر؟ أم أنها مجرد عابر رمضاني بلا أثر في الذاكرة؟

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.