رقصٌ على دماء الشهداء: مول رام الله وفضيحة الانفصال عن الوجع الفلسطيني
رقصٌ على دماء الشهدء .. بينما تتساقط القنابل على غزة، وتُنتشل جثث الأطفال من تحت الركام، وتتحول المدينة المحاصرة إلى رماد، تُضاء أضواء “مول رام الله” بألوان الفرح المزيفة، وتعلو أصوات الموسيقى في مشهدٍ يعكس انفصالًا موجعًا بين شطرَي المأساة الفلسطينية.
كتب- أحمد سالم
في غزة، الموت حاضر في كل بيت، والدمار لا يميز بين مستشفى ومدرسة، ولا بين رضيعٍ ومقاوم، أكثر من 30 ألف شهيد، جلّهم من المدنيين، نساء وأطفال يُحاصرهم الجوع قبل القصف، بينما يكتفي العالم بإحصاء الضحايا دون أن يوقف المجزرة.
وفي رام الله، وسط الضفة الغربية، وُلد مشهد صادم، لم يكن مجرد افتتاح لمجمع تجاري، بل كان احتفالًا صاخبًا يتناقض تمامًا مع ما يعيشه الفلسطيني في غزة، الأمر الذي فجّر موجة غضب شعبية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر كثيرون أن ما حدث هو “رقص على دماء الشهداء”، وتعبيرٌ صارخ عن الانفصال النفسي والوجداني مع قضية تُعدّ جوهر الهوية الفلسطينية.
اقرأ ايضا: صندوق النقد مدمر الأمم وساحق إقتصاديات الدول
هل أصبح الدم الفلسطيني عاديًا؟
من المحزن أن يتحوّل الألم الفلسطيني إلى خلفية باهتة لحفلات النخبة، بينما تُسحق غزة تحت وطأة الاحتلال، تنشغل بعض النخب بإظهار “صورة الحداثة” وكأن شيئًا لا يحدث، وكأن المأساة التي تهزّ كل بيت فلسطيني، لا تعنيهم.
هذا الانفصال لا يعكس فقط أزمة أخلاقية، بل يكشف أيضًا عمق الهوة بين من يعيشون تحت الحصار والموت اليومي، وبين من باتوا يعتبرون فلسطين مجرد شعار، أو ربما تذكرة للظهور السياسي.
من المسؤول؟
المسؤولية لا تقع على الأفراد فقط، بل على الطبقة السياسية والسلطة التي سمحت بهذا التناقض الفج، وعلى الإعلام الرسمي الذي تجاهل الحدث، وكأن الأمر طبيعي، السكوت عن هذه المهزلة هو مشاركة غير مباشرة في الإساءة لتضحيات الشهداء.
في الختام:
من غير المقبول أن يتحوّل الألم الفلسطيني إلى مجرد “خبر عاجل” لا يوقف الموسيقى، ولا يمنع الرقص. غزة اليوم لا تحتاج فقط إلى التضامن، بل إلى صحوة ضمير وطنية، تُعيد تعريف الكرامة الفلسطينية على أساس الوحدة، لا الانفصال، فالوطن الذي يتجزأ ألمه، هو وطنٌ يفقد روحه