ريهام طارق تكتب: مشروع “يهودا والسامرة” لشرعنة الضم ومحو الهوية الفلسطينية

الضم والاستيطان: نهاية حل الدولتين وإشعال فتيل المواجهة

أقرت لجنة إسرائيلية في تصعيد خطير يكشف نوايا إسرائيل التوسعية، مشروع قانون يستبدل اسم “الضفة الغربية” بـ”يهودا والسامرة”.

مسقط: ريهام طارق 

جاء هذا في خطوة وصفتها الخارجية الفلسطينية بأنها تمهيدا لضم المنطقة وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، مما فتح الباب أمام تساؤلات مصيرية حول الأهداف الحقيقية وراءه، ومدى تأثيره على مستقبل القضية الفلسطينية.

التلاعب بالمصطلحات تعتبر أداة خطيرة في الصراعات السياسية، إسرائيل توظفها بذكاء لاستبدال “الضفة الغربية” بـ”يهودا والسامرة” في محاولة لترسيخ رواية توراتية تمنح شرعية دينية وسياسية لـ مشروعها الاستيطاني، هذا التغيير لا يهدف فقط إلى إعادة تشكيل المشهد القانوني بل يسعى أيضًا إلى محو الهوية الفلسطينية، وفرض واقع جغرافي جديد يخدم الأجندة الصهيونية اعتماد هذه التسمية يمهد الطريق لتطبيق القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية مما يعني ضمها فعليًا دون الحاجة إلى إعلان رسمي والتفافًا على القوانين الدولية التي تصنفها كأرض محتلة.

اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: إجماع عربي السيادة السعودية خط أحمر لا يقبل المساومة

الضم والاستيطان: نهاية حل الدولتين وإشعال فتيل المواجهة.

تمثل هذه الخطوة ضربة قاتلة لحل الدولتين حيث إن الضم الفعلي للضفة الغربية يجعل إقامة دولة فلسطينية مترابطة جغرافيا وقابلة للحياة أمرًا مستحيلا ومع استمرار التوسع الاستيطاني تتلاشى أي فرصة لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة في انتهاك صارخ للقانون الدولي، ما يزيد الأمر خطورة أن هذا الإجراء يتعارض تمامًا مع قرارات الأمم المتحدة وعلى رأسها القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن الذي يرفض شرعية المستوطنات الإسرائيلية ورغم ذلك تواصل إسرائيل تحدي المجتمع الدولي مما قد يؤدي إلى مزيد من العزلة السياسية والاقتصادية، وفي ظل هذه السياسات العدوانية تتصاعد حدة التوترات بين الفلسطينيين والمستوطنين مما ينذر باندلاع انتفاضة جديدة خاصة مع تزايد الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين العزل في الضفة الغربية.

اقرأ أيضاً: تحليل ريهام طارق: غزة في مفترق الطرق بين تحديات الحاضر وآمال المستقبل

ازدواجية المعايير: دعم غير مشروط رغم الإدانات:

رغم سيل الإدانات التي تصدر عن الدول الغربية، تظل إسرائيل تحظى بدعم سياسي وعسكري واسع من حلفائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة. ورغم فرض واشنطن عقوبات على بعض الجهات الممولة للاستيطان، فإن هذه الإجراءات تبقى شكلية دون أي ضغط حقيقي لوقف التوسع الإسرائيلي، هذا الموقف يعكس بوضوح ازدواجية المعايير في التعامل مع القضية الفلسطينية، حيث تتحكم المصالح الاستراتيجية والتحالفات الانتخابية في قرارات القوى الكبرى، لتبقى حقوق الفلسطينيين رهينة الحسابات السياسية الدولية.

اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: غزة على صفيح ساخن ..احتلال يرتدي قناع التحرير وإعادة الإعمار

مواجهة التهديدات: تحرك عاجل لإنقاذ القضية الفلسطينية 

في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر يصبح التحرك الفلسطيني والعربي ضرورة ملحة تتطلب تصعيد الحراك الدبلوماسي لاستغلال المنابر الدولية وفضح المخططات الإسرائيلية والمطالبة بمحاسبتها قانونيًا كما أن تعزيز الوحدة الوطنية بين مختلف الفصائل يمثل حجر الأساس في مواجهة المشروع الاستيطاني فلا يمكن مجابهة هذه التحديات بصفوف مشتتة أما المقاومة الشعبية فهي سلاح فعّال يجب تفعيله من خلال تصعيد النضال السلمي والمقاطعة الاقتصادية لعرقلة المخططات الإسرائيلية ويبقى الدور العربي والدولي حاسما حيث يجب اتخاذ مواقف أكثر صرامة تربط العلاقات مع إسرائيل بمدى التزامها بالقانون الدولي في النهاية هذا المخطط ليس إلا امتدادا لمشروع صهيوني طويل الأمد يسعى للاستحواذ الكامل على الأرض الفلسطينية ما يجعل المقاومة السياسية والدبلوماسية والميدانية خيارا لا غنى عنه لمواجهة هذا الخطر الوجودي.

اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: الضغوط الأمريكية على مصر والأردن وتحديات القضية الفلسطينية

مشروع الضم الإسرائيلي: معركة الهوية والمصير الفلسطيني

في النهاية إن ما تشهده الضفة الغربية اليوم ليس مجرد تصعيد عابر، بل هو جزء من مشروع استيطاني ممنهج يهدف إلى فرض واقع جديد على الأرض، يجهض حل الدولتين ويمحو الهوية الفلسطينية. وبينما تواصل إسرائيل تحدي القانون الدولي بدعم غير مشروط من حلفائها، يبقى الرهان الحقيقي على صمود الشعب الفلسطيني ووحدته، وعلى موقف عربي ودولي أكثر حزما في مواجهة هذا التغول.

إن المقاومة بكل أشكالها، سواء كانت دبلوماسية أو شعبية أو قانونية، لم تعد خيارا، بل أصبحت واجبا لا يقبل التأجيل في معركة الحفاظ على الأرض والحقوق والهوية.

 

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.