اهتمام واسع بتعديل قانون الإيجارات القديم
في الآونة الأخيرة، أصبح الحديث عن تعديل قانون الإيجارات في مصر من أكثر المواضيع إثارة للجدل والاهتمام بين المواطنين، إذ تشير التقديرات إلى أن نحو ٧٠٪ من المصريين يتأثرون بهذا القانون بشكل مباشر، سواء كانوا ملاكًا للعقارات أو مستأجرين يعيشون في وحدات خاضعة للقانون القديم.
القانون الحالي، الذي تم تطبيقه على عقود الإيجار المحررة قبل عام ١٩٩٦، ظل ساريًا لأكثر من ٣٠ عامًا دون أي تعديل جذري، مما أدى إلى خلل حاد في العلاقة الإيجارية بين الطرفين، وانعدام التوازن بين الحقوق والواجبات.
بقلم المستشار القانوني مايكل ظريف
ما هو قانون الإيجار القديم؟ ومن يشمله التعديل؟
يشمل قانون الإيجار القديم جميع العقود السكنية المحررة قبل عام 1996، والتي تمنح المستأجر وأسرته امتيازات واسعة، من أبرزها الامتداد القانوني للعقد ليشمل الزوجة، والأبناء، وأحيانًا الأحفاد، مع بقاء القيمة الإيجارية ثابتة وبسيطة لا تتماشى مع القيمة السوقية للعقار.
التعديل المقترح يشمل:
-
جميع العقود السكنية القديمة.
-
إعادة النظر في الامتداد القانوني للعقد.
-
إعادة تسعير القيمة الإيجارية بشكل تدريجي.
-
تقنين العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر خلال مدة انتقالية.
- متى يحق للمالك إخلاء المستأجر وما الذي سيتغير في قيمة الإيجار خلال الخمس سنوات القادمة
أبرز ملامح مشروع التعديل الجديد
وفقًا للمعلومات المتداولة، فإن مشروع تعديل قانون الإيجارات لا يزال في مرحلة المقترح، تمهيدًا لعرضه على مجلس النواب، ومن ثم التصديق عليه والعمل به رسميًا.
المدة الانتقالية لتوفيق الأوضاع
ينص المشروع على فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، يتم خلالها تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر تدريجيًا، بحيث:
-
يُمنح المستأجر مهلة مناسبة لتوفيق أوضاعه.
-
يُعاد تقدير القيمة الإيجارية بشكل تصاعدي.
-
يُمنع تمديد العقد بشكل تلقائي بعد انتهاء الفترة الانتقالية.
بوابة إلكترونية للمستأجرين: حلول بديلة تحفظ الحقوق
من بين الخطوات العملية المصاحبة للتعديل، ستقوم الدولة بإطلاق بوابة إلكترونية خلال شهر من إقرار القانون، تتيح للمستأجرين من الفئات غير القادرة التقديم للحصول على:
-
وحدات سكنية بديلة ضمن مشروعات الإسكان الاجتماعي.
-
دعم حكومي أو تمويل مساعد لتسهيل الانتقال.
هذه البوابة تُمثل حلًا إنسانيًا لضمان عدم الإضرار بالفئات الضعيفة، وتحقيق العدالة الاجتماعية بالتوازي مع إنصاف الملاك.
معاناة الملاك في ظل القانون الحالي
على الجانب الآخر، يُعاني آلاف الملاك من أوضاع غير عادلة بموجب القانون القديم، حيث:
-
يحصلون على إيجارات رمزية لا تتناسب مع قيمة العقار الحقيقية.
-
يُجبرون على ترك أملاكهم تحت سيطرة المستأجر مدى الحياة.
-
يمتد العقد لأجيال دون وجود أي عائد مجزٍ للمالك.
يصف العديد من الملاك وضعهم الحالي بـ”الاستيلاء المقنن على الملكية“، ما أدى إلى عزوف المستثمرين عن الاستثمار في الإيجارات القديمة، وتأثر حركة التطوير العقاري في بعض المناطق.
التعديل المقترح… هل هو عادل؟
من وجهة نظر قانونية، فإن التعديل المقترح متوازن إلى حد كبير، حيث:
-
يمنح المستأجر وقتًا كافيًا لتصحيح أوضاعه.
-
يعيد للمالك جزءًا من حقوقه المشروعة.
-
يحافظ على السلم المجتمعي ويمنع النزاعات الحادة.
-
يوفر حلولًا بديلة لتفادي التشريد أو الإخلاء القسري.
توصيات قانونية لتفعيل التعديل
ندعو الدولة إلى اتخاذ الخطوات التالية بعد التصديق على القانون:
-
تخصيص دوائر قضائية مستقلة للنظر في منازعات الإيجارات القديمة بسرعة.
-
إنشاء لجان فنية لتقييم العقارات وتقدير القيمة الإيجارية المناسبة.
-
تفعيل دور وزارة الداخلية في تنفيذ أحكام الإخلاء فور انتهاء المدد القانونية.
-
إطلاق حملات توعية قانونية لتوضيح حقوق الطرفين بعد التعديل.
خاتمة: خطوة نحو العدالة العقارية
إن تعديل قانون الإيجار القديم لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحة لتحقيق العدالة وإنهاء عقود من التمييز القانوني والاقتصادي ضد طرف من أطراف العلاقة التعاقدية. نتطلع إلى رؤية الدولة تتبنى هذا التعديل وتنفذه بروح القانون والعدالة، وبما يحقق توازنًا حقيقيًا بين الحقوق والواجبات.