ماذا تريد إسرائيل من العرب؟ رؤية تحليلية في ضوء الواقع السياسي والاقتصادية
ماذا تريد إسرائيل .. منذ نشأتها عام 1948، سعت إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية تجاه العالم العربي، متأرجحة بين المواجهة العسكرية، والتطبيع السياسي، والتغلغل الاقتصادي.
بقلم / د. عمر محفوظ ” كاتب وناقد
إن فهم ما تريده إسرائيل من العرب يتطلب قراءة معمقة في سياساتها الخارجية، وأجنداتها الأمنية، وأهدافها الاقتصادية، فضلاً عن المتغيرات الدولية التي تؤثر على هذه العلاقة.
أولاً: الأبعاد السياسية والأمنية
1. الاعتراف بشرعيتها وإنهاء الصراع
أحد أهم المطالب الإسرائيلية من الدول العربية هو الاعتراف بها كدولة شرعية وإنهاء حالة العداء، وهو ما تجسد في اتفاقيات مثل “كامب ديفيد” مع مصر (1979)، و”أوسلو” مع الفلسطينيين (1993)، و”وادي عربة” مع الأردن (1994)، وأخيرًا اتفاقيات التطبيع الحديثة مع بعض الدول الخليجية.
2. ضمان أمنها القومي
ترى إسرائيل أن العالم العربي يشكل مصدر تهديد محتمل، سواء من خلال الجيوش النظامية كما في السابق، أو عبر الجماعات المسلحة في الوقت الحاضر. لذلك، تسعى لضمان تفوقها العسكري، وضمان التفكك الداخلي في بعض الدول العربية، وتعزيز التحالفات مع قوى إقليمية ودولية لحماية مصالحها.
3. تقليص التأثير الفلسطيني
رغم اتفاقيات السلام، لا تزال إسرائيل تعمل على إضعاف القضية الفلسطينية إقليميًا ودوليًا، سواء عبر تكثيف الاستيطان، أو تقويض الدعم العربي للسلطة الفلسطينية، أو عبر استراتيجيات التطبيع التي تتجاوز الفلسطينيين تمامًا.
ثانيًا: الأهداف الاقتصادية
1. الوصول إلى الأسواق العربية
إسرائيل تسعى إلى اختراق الأسواق العربية، والاستفادة من الثروات والموارد المتاحة، سواء في مجال الطاقة، أو التكنولوجيا، أو الخدمات، حيث تلعب الشركات الإسرائيلية دورًا متزايدًا في قطاعات متعددة داخل بعض الدول العربية.
2. التحكم في الموارد المائية
لطالما كانت قضية المياه محورية في الصراع العربي-الإسرائيلي، إذ تسعى إسرائيل للسيطرة على مصادر المياه في الجولان، والضفة الغربية، وجنوب لبنان، بالإضافة إلى عقد اتفاقيات مع بعض الدول العربية لضمان أمنها المائي على حساب الفلسطينيين.
3. بناء شراكات تكنولوجية
إسرائيل تستثمر في تصدير التكنولوجيا الأمنية والزراعية والطبية للدول العربية، مستغلة تفوقها في هذه المجالات، وهو ما يعزز حضورها الاقتصادي والسياسي في المنطقة.
ثالثًا: البعد الثقافي والإعلامي
تسعى إسرائيل إلى تغيير النظرة السلبية تجاهها في الوعي العربي عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، واستغلال الدبلوماسية الثقافية لخلق صورة جديدة لها في أذهان الأجيال الشابة، مما يسهل عملية التطبيع المستقبلي.
نقطة نور
إسرائيل لا تريد فقط علاقات سياسية واقتصادية مع الدول العربية، بل تطمح إلى إعادة تشكيل المنطقة وفقًا لمصالحها الاستراتيجية، بحيث تبقى القوة المهيمنة سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا. ويبقى السؤال الأهم: هل يستطيع العرب صياغة مشروع استراتيجي مضاد يحفظ مصالحهم في ظل هذه التغيرات؟