متى تحولنا إلى نسخ لا تشبهنا ؟ للكاتبة امانى عبد الرحمن
متى تحولنا إلى نسخ لا تشبهنا ؟ للكاتبة امانى عبد الرحمن
مازالت غرفتي القديمة تطاردني بأحلامي، رغم أنها صارت ركامًا، لكني مازلت عالقة بذكرياتها، ادعيت كثيرًا أن تلك السنوات اختفت مني كما اختفت جدرانها، لكن حقيقة الأمر أن لا شيء ينتهي منا ، يقينًا الأحداث تنتهي لا شيء يبقى للأبد، فلا سعادة دائمة، ولا حزن مقيم.
أقرأ المزيد:اشمعني !! اشمعني !؟و ليه ؟ الإجابة كلمة
لكنها تمر بنا تعبرنا وتترك فينا أثرا،ولا تكتفي فتمد يدها الباطشة لتنزع منا كل ماتطوله من أمان وأحلام ، وعندها يظن البعض أننا انتهينا فجأة ، لكنها أبدًا لم تكن كذلك كان اتنهاءً تدريجيًا ، أجزم أني فقدتني دون أن أشعر، واستيقظت يومًا لأجدني نسخة أخرى لا تشبهني، قديمًا اتبعت أنظمة للحمية الغذائية كنت ماهرة في حرمان نفسي والقسوة عليها، حرمتني الطعام، وساعات الراحة، عملت لساعات طويلة، تحملت مشقتها، حتى المشاعر عشت دونها، تعلمت كيف أخطو على الألم، وكأنني كنت أتلذذ في حرماني، وعشت صراعات شتى ، هل يولد الإنسان ليتألم?هل لزامًا عليه أن يدفع فاتورة لوجوده? هل هذه الفاتورة ألم، فقد، خذلان. هل هم ؟ أم أنا؟.
أسئلة كثيرة وأنا أدور حولها كفراشة تحترق كلما اقتربت من النور، نعم احترقت مع غموض كل ما يحدث حولي ، يأتي الليل ، تنهشني الأسئلة، ويذيبني الألم، أريد لعقلي أن يهدأ ، يصمت ولو قليلًا ، فأهرب إلى النوم ربما أستيقظ وقد انتهى كل شيء، لكن لا شئ ينتهي، تمنيت لو أن لفراشي سردابا ألوذ به ، أختفي بعد أن ينام الجميع، لكنه لم يحدث يومًأ.
المزيد أيضا:توحيد اللغة العربية والتاريخ والهوية فى مناهج التعليم مطلب أمن قومى
ولجأت لسرداب داخل نفسي ، فتلاشت نسختي القديمة وإذا بي أخرى ، أحاول السيطرة عليها لكن دون جدوى، نسختي الرافضة ، المتمردة: أتوسل إليك أن تهدأي، تترفقي . لكنها لاتجيب، ثم أخبرتني أنه علينا أن نتفق ، أن أتركها وشأنها فقد تركتني كثيرًا، وأنني استنفدت طاقة الانتظار، ولم يعد سوى طاقة العوز، أخبرتني ذات مساء وأنا أحاول الاختباء والفرار إلى النوم ، أنه لا فائدة فلم يعد بوسعي الهرب.
هنا .. عرفت متى يتحول الإنسان إلى نسخة أخرى لا تشبهه