ريهام طارق تكتب: مخطط ترامب لإعادة توطين الفلسطينيين تسوية أم تصفية للقضية؟
إعمار غزه بلا تهجير اختبار للصلابه العربية علي الصمود
تشكل القضية الفلسطينية محوراً جوهرياً في توازنات الشرق الأوسط، حيث تُلقي الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة بظلالها على المشهدين الإقليمي والدولي.
بقلم: ريهام طارق
ما يدفع باتجاه تحركات دبلوماسية مكثفة لإيجاد حلول مستدامة، وفي هذا السياق، أعلنت مصر عن عزمها طرح “تصور متكامل” لإعادة إعمار غزة، يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، في مواجهة ضغوط أميركية متزايدة، يقودها الرئيس دونالد ترامب، لإعادة رسم الخريطة السياسية والجغرافية للمنطقة،هذه المستجدات تطرح تساؤلات جوهرية حول ملامح الرؤية المصرية ومدى قدرتها على الصمود أمام التعقيدات الدولية والإقليمية.
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: إسرائيل وحماس بين هدنة هشة ومناورات متبادلة
مصر تُعلن عن خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين وسط ضغوط أميركية
تتبنى مصر نهجاً ثابتاً في تعاملها مع القضية الفلسطينية، يقوم على دعم حل الدولتين ورفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين قسرياً، وقد جدّدت وزارة الخارجية المصرية في بيانها الأخير تأكيد هذا الموقف، مشددة على أهمية الحفاظ على مكتسبات السلام في المنطقة، ورفض أي حلول غير واقعية قد تؤدي إلى تصعيد التوترات وتفاقم الأوضاع.
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: مشروع “يهودا والسامرة” لشرعنة الضم ومحو الهوية الفلسطينية
توطين الفلسطينيين في سيناء تهديداً مباشراً لاستقرار مصر وأمنها القومي:
موقف القاهرة لا يقتصر على الأبعاد السياسية التقليدية، بل يمتد ليشمل اعتبارات استراتيجية أعمق، حيث يشكل أي حديث عن توطين الفلسطينيين في سيناء تهديداً مباشراً لاستقرار مصر وأمنها القومي، خاصة في ظل المخاوف من استغلال الجماعات المتطرفة لهذا السيناريو لتعزيز نفوذها.
كما أن السيادة الوطنية تبقى خطاً أحمر، إذ ترفض مصر أي مساس بجغرافيتها السياسية أو فرض حلول لا تتوافق مع مصالحها.
وفي الوقت ذاته، تسعى القاهرة إلى الحفاظ على دورها الإقليمي كوسيط رئيسي في القضية الفلسطينية، ما يجعل رفض أي مبادرات تُفرض دون تنسيق عربي مشترك ضرورة استراتيجية.
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: إجماع عربي السيادة السعودية خط أحمر لا يقبل المساومة
مخطط ترامب لإعادة توطين الفلسطينيين: تسوية أم تصفية للقضية؟
منذ عودته إلى البيت الأبيض، يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إعادة فرض رؤيته الخاصة لحل القضية الفلسطينية، والتي تقوم على إعادة توطين سكان غزة في مصر والأردن. وتعكس تصريحاته الأخيرة، التي تحدث فيها عن “الحصول على قطعة أرض في مصر والأردن”، تختزل القضية الفلسطينية في مسألة إعادة توزيع السكان، متجاهلاً أبعادها التاريخية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
لكن هذه الرؤية قوبلت برفض حاسم من مصر والأردن، حيث أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، خلال لقائه ترامب، أن هناك “خطة عربية” سيتم تقديمها قريباً، في خطوة تعكس محاولة لتشكيل موقف عربي موحد لمواجهة أي مساعٍ لفرض حلول مجحفة بحق الفلسطينيين.
اقرأ أيضاً: ريهام طارق تكتب: غزة على صفيح ساخن ..احتلال يرتدي قناع التحرير وإعادة الإعمار
الخطة العربية.. هل تنجح في كسر الضغوط الدولية؟
في خضم هذه التطورات، تبرز “الخطة العربية” كتحرك استراتيجي لمواجهة الضغوط الأميركية، حيث تسعى دول عربية، وفي مقدمتها مصر والسعودية والأردن، إلى بلورة رؤية أكثر توازناً لإنهاء الصراع.
ويعكس انعقاد مباحثات في الرياض تصاعد التنسيق العربي بهدف تقديم تصور يحظى بدعم دولي، بدلاً من الرضوخ لمشاريع خارجية مفروضة.
لكن نجاح هذه المبادرة يبقى مرهوناً بعدة عوامل، أبرزها قدرة الدول العربية على فرض رؤيتها في مواجهة النفوذ الأميركي والإسرائيلي، ومدى التزام المجتمع الدولي بدعم حل الدولتين كمسار عملي لإنهاء الصراع، إضافة إلى موقف الفصائل الفلسطينية و استعدادها للتجاوب مع الطرح العربي.
إعمار غزة بدون تهجير.. اختبار للصلابه العربية على الصمود
تجسد خطة مصر لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها تحدياً حقيقياً للقدرة العربية على التصدي للضغوط الدولية، وتعكس تمسك القاهرة بثوابتها الاستراتيجية في التعامل مع القضية الفلسطينية. ومع رفض مصر والأردن القاطع لأي مقترحات لإعادة توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم، تبرز الحاجة الملحّة إلى تصعيد الجهود الدبلوماسية لتعزيز موقف عربي موحد يضمن حقوق الفلسطينيين ويحقق الاستقرار الإقليمي.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الدول العربية من فرض رؤيتها، أم أن الضغوط الدولية ستفرض حلولاً تتجاهل جوهر القضية الفلسطينية؟
الأيام المقبلة ستكون الفيصل في تحديد قدرة المنطقة على رسم مستقبلها السياسي بعيداً عن الإملاءات الخارجية.