مشروع بقيمة 7 مليارات يورو يعزز ريادة مصر الإقليمية والعالمية في الطاقة النظيفة
مصر على أعتاب ثورة خضراء: مشروع رأس شفير للهيدروجين الأخضر و الامونيا الخضراء
كتب باهر رجب
في ظل التحديات العالمية المتعلقة بتغير المناخ والتحول نحو الطاقة النظيفة، تبرز مصر كواحدة من الدول الرائدة في تبني حلول مستقبلية طموحة.
يأتي مشروع رأس شفير لإنتاج الهيدروجين الأخضر
و مشتقاته كأحد أضخم المشروعات العالمية في هذا المجال، بشراكة دولية تجمع بين مصر وفرنسا والإمارات،
و باستثمارات تصل إلى 7 مليارات يورو.
هذا المشروع ليس مجرد خطوة اقتصادية فحسب، بل إعلان صريح عن التزام مصر بقيادة التحول الأخضر إقليميا و عالميا.
ما هو الهيدروجين الأخضر؟
الهيدروجين الأخضر هو وقود نظيف
ينتج عبر تحليل الماء كهربائيا باستخدام طاقة متجددة
(كالشمس أو الرياح).
تفصل جزيئات الماء (H₂O) إلى هيدروجين (H₂) وأكسجين (O₂) دون أي انبعاثات كربونية،
مما يجعله بديلا مثاليا للوقود الأحفوري.
و يسمى “أخضر” لاعتماده الكامل على مصادر الطاقة النظيفة، على عكس:
– الهيدروجين الرمادي:
ينتج من الغاز الطبيعي مع انبعاثات كربونية عالية.
– الهيدروجين الأزرق :
ينتج من الوقود الأحفوري مع محاولة التقاط جزء من الانبعاثات.
الأمونيا الخضراء: قلب المشروع
الأمونيا الخضراء (NH₃) هي أحد أهم مشتقات الهيدروجين الأخضر، تنتج بدمج الهيدروجين الأخضر مع النيتروجين المستخلص من الهواء عبر عملية Haber–Bosch معدلة. الفرق الرئيسي بينها وبين الأمونيا التقليدية يكمن في:
– الأمونيا التقليدية:
تصنع من هيدروجين مستخرج من الوقود الأحفوري، مما يطلق طنا من CO₂ لكل طن أمونيا.
– الأمونيا الخضراء :
خالية من الانبعاثات، و تستخدم في:
– وقود للسفن: بديل نظيف للديزل.
– صناعة الأسمدة: تقليل بصمة الكربون في الزراعة.
– تخزين ونقل الطاقة: تحول إلى هيدروجين عند الحاجة.
تفاصيل المشروع العملاق: شراكات واستثمارات
1. التحالف الدولي
يضم المشروع شركاء محليين و دوليين منهم :
– هيئة موانئ البحر الأحمر و هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة (مصر).
– EDF Renewables (فرنسا):
رائدة في مشروعات الطاقة المتجددة.
– Zero Waste (مصر/الإمارات):
متخصصة في حلول الاقتصاد الدائري.
2. مراحل التنفيذ
– المرحلة الأولى (2029) :
استثمارات 2 مليار يورو لإنتاج 300 ألف طن أمونيا خضراء سنويا.
– المراحل التالية:
رفع الإنتاج إلى مليون طن سنويا.
3. البنية التحتية
– محطات طاقة متجددة:
على مساحة 368 كم² (شمسية ورياح).
– مصنع متكامل :
على مساحة 1.2 مليون متر مربع.
– رصيف شحن بحري :
بطول 400 متر وعمق 17 مترا لتصدير المنتجات.
– شبكة كهرباء :
بطول 7 كم لربط المرافق.
المزايا الاستراتيجية: لماذا رأس شفير؟
1. الموقع الجغرافي :
قرب قناة السويس يسهل وصول الوقود الأخضر إلى الأسواق الأوروبية والأسيوية.
2. تعزيز الاقتصاد الأخضر :
جذب استثمارات جديدة في الصناعات الخضراء وخلق فرص عمل.
3. عوائد مالية ضخمة:
عبر ضرائب ورسوم تراخيص بالدولار، دون أعباء على ميزانية الدولة.
4. التزام بيئي :
خفض انبعاثات مصر بنسبة ملحوظة، تماشيا مع اتفاقية باريس للمناخ.
التحديات والحلول
– توفير الطاقة المتجددة:
الاعتماد على محطات شمسية ورياح ضخمة يضمن استدامة الإنتاج.
– التكلفة العالية :
الشراكة مع جهات دولية تخفف العبء المالي.
– التسويق العالمي :
التركيز على الطلب المتصاعد في أوروبا على الوقود الأخضر.
رؤية مستقبلية: مصر مركزا عالميا للطاقة الخضراء
لا يقتصر دور المشروع على توفير وقود نظيف،
بل يعزز مكانة مصر كحلقة وصل بين إفريقيا والعالم في سوق الهيدروجين الأخضر،
الذي يتوقع أن تصل قيمته إلى 300 مليار دولار عالميا بحلول 2030 .
كما سيدعم المشروع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، عبر:
– تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
– تحفيز الابتكار في التقنيات الخضراء.
– تعزيز التعاون الدولي في مجال الطاقة النظيفة.
الخاتمة: مشروع يحمل بصمة تاريخية
مشروع رأس شفير ليس مجرد منشأة صناعية، بل علامة فارقة في تاريخ الطاقة العالمية. بدمج الموارد الطبيعية المصرية (الشمس والرياح) مع التكنولوجيا الحديثة والشراكات الذكية، تقدم مصر نموذجا يحتذى به للدول النامية في التحول الأخضر. هذا المشروع يؤكد أن الاستثمار في البيئة ليس تكلفة، بل فرصة ذهبية لبناء مستقبل مستدام للأجيال القادمة.