مصر تُطلق ثورة تشريعية ضريبية: حوافز وتيسيرات تاريخية للممولين والمشروعات
حزمة قوانين جديدة في الجريدة الرسمية المصرية تُبسط وتُحفز النظام الضريبي
بقلم باهر رجب
شهدت الجريدة الرسمية المصرية في عددها السادس مكرر (و) الصادر بتاريخ 12 فبراير 2025، إصدار حزمة من القوانين الجديدة التي تستهدف تطوير وتحديث النظام الضريبي في مصر. تُبشر هذه القوانين بمرحلة جديدة من التيسير والتحفيز للممولين والمكلفين، مع التركيز بشكل خاص على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتسوية الأوضاع الضريبية المتأخرة.
قانون رقم 5 لسنة 2025:
تسوية الأوضاع الضريبية وتخفيف الأعباء عن الممولين
يُعد قانون رقم 5 لسنة 2025 بشأن تسوية أوضاع بعض الممولين والمكلفين خطوة هامة نحو تخفيف الأعباء على الممولين وتشجيعهم على الامتثال الضريبي. يُقدم هذا القانون مجموعة من التسهيلات الهامة، أبرزها:
فرصة للمُتأخرين في التسجيل:
يمنح القانون فرصة ذهبية لغير المسجلين في مصلحة الضرائب المصرية، حيث ينص على عدم جواز إجراء محاسبة ضريبية لهم عن الفترات الضريبية السابقة لتاريخ العمل بالقانون، وذلك بشرط تسجيلهم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل به. هذه المادة تُشجع بقوة على دخول القطاع غير الرسمي تحت مظلة الاقتصاد الرسمي.
تيسير تقديم الإقرارات المُتأخرة والمُعدلة:
يُسهل القانون على الممولين الذين لم يقدموا إقراراتهم الضريبية عن فترات تبدأ من عام 2020 والفترات السابقة، حيث يسمح لهم بتقديم هذه الإقرارات المتأخرة، وحتى تعديل الإقرارات المقدمة بالفعل، دون احتساب مقابل تأخير أو ضريبة إضافية، مع عدم تطبيق العقوبات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الضريبية الموحد، وذلك بشرط تقديم الإقرارات خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالقانون.
إنهاء المنازعات الضريبية القديمة:
يُعطي القانون للممولين الذين خضعوا لفحص تقديري من مصلحة الضرائب عن فترات ضريبية منتهية قبل 1 يناير 2020، الحق في طلب إنهاء المنازعات عن هذه الفترات، مقابل سداد نسبة (30%) فقط من الضريبة المستحقة من واقع الإقرار المُقدم من الممول عن كل فترة ضريبية محل النزاع. كما يقدم القانون تسهيلات إضافية لسداد الضريبة المستحقة على أقساط، وإمكانية التجاوز عن (100%) من مقابل التأخير في حالات السداد الفوري لأصل دين الضريبة.
تسهيلات خاصة بالتصرفات العقارية والأوراق المالية للأفراد:
يقدم القانون تسهيلات للأشخاص الطبيعيين الذين قاموا بتصرفات عقارية أو في أوراق مالية غير مقيدة بالبورصة خلال الخمس سنوات السابقة على تاريخ العمل بالقانون، حيث يمنحهم الحق في طلب المحاسبة عن الضريبة المستحقة على هذه التصرفات، مع التجاوز عن (100%) من مقابل التأخير في حال سداد الضريبة خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالقانون.
قانون رقم 6 لسنة 2025:
حوافز وتيسيرات ضريبية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة
يُعتبر قانون رقم 6 لسنة 2025 بشأن بعض الحوافز والتيسيرات الضريبية للمشروعات التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي عشرين مليون جنيه، بمثابة دفعة قوية لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الذي يُعد عصب الاقتصاد الوطني. يُقدم هذا القانون حزمة متكاملة من الحوافز والتيسيرات، تشمل:
إعفاءات ضريبية ورسوم متنوعة:
يُعفي القانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة من العديد من الرسوم والضرائب، مثل رسم تنمية الموارد المالية للدولة، وضريبة الدمغة، ورسوم التوثيق والشهر، ورسوم تسجيل الأراضي اللازمة لإقامة المشروعات.
إعفاء الأرباح الرأسمالية وتوزيعات الأرباح:
يُعفي القانون الأرباح الرأسمالية الناتجة عن التصرف في الأصول الثابتة وتوزيعات الأرباح الناتجة عن نشاط هذه المشروعات من الضريبة.
نظام ضريبي مُبسط يعتمد على حجم الأعمال:
يُحدد القانون نظامًا ضريبيًا مُبسطًا يعتمد على حجم الأعمال السنوي للمشروع، حيث تتراوح نسبة الضريبة على الدخل من 0.4% إلى 1.5% من حجم الأعمال، وذلك حسب الشرائح المُحددة لحجم الأعمال. هذا النظام يُسهل بشكل كبير حساب الضريبة المستحقة على هذه المشروعات.
تيسيرات إجرائية وتقديم الإقرارات:
يُقدم القانون تيسيرات إجرائية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مثل إعفائها من نظام الخصم أو الدفعات المقدمة تحت حساب الضريبة، وتوفير نموذج إقرار ضريبي سنوي مُبسط، وتحديد فترة فحص الإقرارات الضريبية بعد مضي خمس سنوات من تاريخ طلب الاستفادة من القانون.
قانون رقم 7 لسنة 2025:
تعديلات على قانون الإجراءات الضريبية الموحد
يُجري قانون رقم 7 لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الضريبية الموحد رقم 206 لسنة 2020، تعديلات هامة تستهدف تبسيط الإجراءات وتخفيف الأعباء على الممولين، أبرزها:
سقف لمقابل التأخير والضريبة الإضافية:
يُحدد القانون سقفًا لمقابل التأخير أو الضريبة الإضافية، بحيث لا يتجاوز (100%) من أصل الضريبة المستحقة. هذا التعديل يهدف إلى منع المغالاة في تحصيل هذه المبالغ وتخفيف الأعباء على الممولين.
آلية للتصالح في الجرائم الضريبية:
يُتيح القانون إمكانية التصالح في الجرائم الضريبية التي ليس محلها مستحقات ضريبية، وذلك مقابل دفع تعويض، مع تحديد إجراءات التصالح والمبالغ المستحقة في كل مرحلة من مراحل الدعوى الجنائية. هذا الإجراء يُشجع على التسوية الودية للمنازعات الضريبية.
خلاصة وتوجهات مستقبلية
تُمثل حزمة القوانين الجديدة في الجريدة الرسمية المصرية خطوة إيجابية ومهمة نحو تطوير النظام الضريبي في مصر. تُشير هذه القوانين إلى توجه الدولة نحو تبسيط الإجراءات، وتقديم الحوافز والتيسيرات، وتشجيع الامتثال الضريبي، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة. من المتوقع أن تُساهم هذه القوانين في تحسين مناخ الاستثمار، وزيادة الإيرادات الضريبية، وتحقيق العدالة الضريبية، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية في مصر.