منتدى القاهرة الاقتصادى 2025يضع مصر أمام فرصة استثنائية للاستثمار
منتدى القاهرة الاقتصادى 2025يضع مصر أمام فرصة استثنائية للاستثمار
✍️ بقلم: طه المكاوي
في عالم يشهد تحوّلات جذرية في السياسات التجارية، ومع صعود النزعات الحمائية وتراجع دور المؤسسات الدولية، باتت الدول تبحث عن مراكز جديدة للإنتاج والاستثمار توفر الاستقرار والقدرة على المنافسة.
وفي هذا السياق، يأتي منتدى القاهرة الثاني ليضع مصر في قلب النقاش العالمي حول مستقبل التجارة الدولية، كوجهة صاعدة لجذب الاستثمارات وتوطين الصناعة، وسط بيئة اقتصادية عالمية مليئة بالتحديات والفرص في آن واحد.
مصر أمام لحظة استثنائية
أكد المهندس وليد جمال الدين رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس، أن الاقتصاد العالمي يشهد تغيرات غير مسبوقة تعيد تشكيل سلاسل الإمداد، ما يفتح الباب أمام مصر لتكون مركزًا صناعيًا إقليميًا.

وأشار إلى أن المنطقة الاقتصادية نجحت في جذب 11 مليار دولار استثمارات خلال ثلاث سنوات ونصف، بينها 80% استثمار أجنبي مباشر، بعد تطوير بنية تحتية متكاملة ورؤية لجذب الصناعات العالمية.

وأضاف أن المستثمرين باتوا لا يبحثون فقط عن حوافز مالية، بل عن بيئة إنتاج مستقرة وكفاءة بشرية وتكلفة تشغيل تنافسية، وهو ما توفره مصر اليوم بشكل لافت.
تسريع الإصلاحات وتعزيز القدرة التنافسية
استعرض محمد الجوسقي مساعد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، جهود مصر في صياغة أول سياسة متكاملة للتجارة الخارجية.

وأوضح أن الحكومة نجحت في تقليص زمن الإفراج الجمركي من 15 يومًا إلى 5.8 يوم، مع خطة للوصول إلى يومين فقط، ما يوفر 150 مليون دولار سنويًا ويزيد من تنافسية الصادرات.

وأكد أن مصر تتحرك بثبات نحو تعزيز موقعها في النظام التجاري العالمي، عبر إصلاحات هيكلية وتشغيلية وتحديث البنية التشريعية، لتصبح وجهة جاذبة للاستثمار ومركزًا لتدفقات التجارة.
الولايات المتحدة: من قيادة العولمة إلى حماية التكنولوجيا
أوضح الدكتور سايمون إيفينيت أن السياسات التجارية الأمريكية مرت بثلاث مراحل تاريخية، أبرزها العودة اليوم لمنطق الأمن القومي في رسم السياسات الاقتصادية.

وأشار إلى أن واشنطن تخشى خسارة “الحرب التكنولوجية” أمام الصين، ما دفعها لفرض قيود وإعادة ترتيب تحالفاتها الاقتصادية، بما قد يغيّر شكل النظام العالمي الذي عرفناه خلال العقود الماضية.
قلق أوروبي وتحديات علمية مشتركة
كشف الدكتور ستيفان شيبرز أن مؤسسات بحثية أوروبية تلقت رسائل غير رسمية من دبلوماسيين أمريكيين تحذرها من التعاون مع الصين، وهو ما قد يضر بالتقدم العلمي العالمي.

وأكد أن الاتحاد الأوروبي يتجه لتبني نموذج جديد يقوم على الشراكات الشاملة التي تربط بين التجارة والبحث العلمي والتنمية المستدامة، مع ضرورة تعزيز استقلالية أوروبا الاقتصادية والأمنية.
منظمة التجارة العالمية: البقاء للأكثر قدرة على الإصلاح
حذّر السفير آلان وولف من أن غياب دور فعال للولايات المتحدة داخل منظمة التجارة العالمية سيكون خطأً استراتيجيًا، داعيًا لتفعيل آلية تسوية المنازعات وجعل قراراتها ملزمة.

وأشار إلى أن النظام التجاري متعدد الأطراف لا يزال عنصرًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي رغم أزماته.
دراسة دولية: بدون منظمة التجارة العالمية.. خسائر ثقيلة لمصر والدول النامية
عرضت فاليري بيكارد تقديرات توضح أن غياب المنظمة سيؤدي إلى:
تراجع صادرات الدول النامية: 33%
تراجع صادرات مصر المتوقع: 20%
انخفاض الناتج المحلي لمصر: 3%

وأكدت أن النظام الحالي ليس مثاليًا لكنه ضروري، داعية إلى إطلاق جولة إصلاح جديدة خلال الاجتماعات الوزارية المقبلة لتعزيز استدامة التجارة العالمية واستقرار الأسواق.
أظهر منتدى القاهرة الثاني أن العالم يقف عند مفترق طرق تجاري وجيوسياسي حساس، تُعاد خلاله صياغة قواعد التنافس وبناء شبكات إنتاج جديدة.

وبينما يتراجع دور العولمة التقليدية، تبرز مصر كدولة لديها الإمكانات والموارد والموقع لتكون جزءًا من خريطة التصنيع العالمية الجديدة.
الفرصة استثنائية، والوقت حاسم، والتحرك السريع هو مفتاح النجاح.
وفي عالم لا ينتظر المترددين، تبدو مصر — وفق المؤشرات — ماضية في مسار طموح لتكون محورًا صناعيًا وتجاريًا إقليميًا في زمن إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.

