ميتا على المحك: كيف تهدد قضية الاحتكار إمبراطورية فيسبوك و إنستجرام

القضية التي قد تعيد تشكيل عالم التواصل الاجتماعي:

تفاصيل المواجهة بين “ميتا” ولجنة التجارة الفيدرالية

كتب باهر رجب

 

في عالم تهيمن عليه التكنولوجيا، تعد قضية لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) ضد شركة “ميتا” المالكة لـ”فيسبوك” و”إنستجرام” و”واتساب” واحدة من أبرز المعارك القانونية في العقد الحالي.

هذه القضية لا تتعلق فقط بشركة عملاقة، بل تلامس أسئلة جوهرية حول

المنافسة العادلة، وقوة الاحتكار، ومستقبل المنصات الرقمية. فما خلفيات هذه المواجهة؟

وما الذي قد يحدث إذا خسرت “ميتا” المعركة؟

 

 

 

الخلفية: كيف وصلت “ميتا” إلى قفص الاتهام؟

تعود جذور القضية إلى سياسة “ميتا” التوسعية عبر السنوات،

لا سيما استحواذها على منصات ناشئة مثل

“إنستجرام” (2012) و”واتساب” (2014).

ترى لجنة التجارة الفيدرالية أن هذه الاستحواذات قضت على منافسين محتملين، وحولت “ميتا” إلى عملاق يسيطر على 80% من سوق شبكات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة، وفقا لإحصاءات اللجنة.

 

وتدعي FTC أن “ميتا” استخدمت هيمنتها لتثبيت أسعار الإعلانات عبر منصاتها، و إقصاء المنافسين عبر سياسات مثل:

– التفضيل الذاتي:

إعطاء أولوية لإعلانات “فيسبوك” على منصات أخرى.

 

– الاستحواذ الاستباقي :

شراء الشركات الناشئة قبل أن تشكل تهديدا.

 

– تقويض الخصوصية :

عدم تطوير أدوات حماية البيانات لتركيز المستخدمين على منصاتها.

 

 

 

التطورات القانونية: من الرفض إلى إعادة المحاولة

1. الشكوى الأولى (2020) :  

خلال عهد الرئيس “ترامب“، رفعت FTC دعوى ضد “ميتا“، لكن القاضي الفيدرالي جيمس بواسبيرج رفضها في يونيو 2021، معللا ذلك بـ”عدم كفاية الأدلة على الاحتكار“.

 

2. الشكوى المعدلة (2021) :  

في عهد الرئيس “بايدن“، قدمت اللجنة شكوى جديدة، زعمت فيها أن “ميتا” عالجت بعض الثغرات، لكنها لا تزال تمارس احتكارا غير قانوني.

هذه المرة، قبل القاضي نفسه النظر في القضية مجددا.

 

3. جلسات الاستماع (2023) :  

بدأت في سبتمبر 2023،

ومن المقرر أن تستمر 8 أسابيع. تركز الجلسات على:

– مدى سيطرت “ميتا” على سوق الإعلانات.

– تأثير استحواذها على “إنستجرام” و”واتساب” على المنافسة.

– ما إذا كانت ممارساتها تضر بالمستهلكين و المعلنين.

 

 

 

دفاعات “ميتا”: بين المنافسة وتحسين التجربة

ترد “ميتا” على الاتهامات بحجج منها:

– المنافسة موجودة:

تشير إلى منصات مثل “تيك توك” و”سناب شات” و”تويتر” (X)، والتي تجتذب ملايين المستخدمين يوميا.

 

– الاستثمار في الابتكار:

تؤكد أن نجاح “إنستجرام” (الذي يعتمد عليه 150 مليون أمريكي) جاء نتيجة استثماراتها في التطوير، وليس بسبب الاحتكار.

 

– فائدة الإعلانات المخصصة :

تدعي أن إعلاناتها تحسن تجربة المستخدم عبر توفير محتوى ذي صلة.

 

كما حذرت “ميتا” من أن إجبارها على بيع “إنستجرام” و”واتساب” سيدمر أعمالها، خاصة أن الإعلانات على هذه المنصات تشكل 50% من إيراداتها في الولايات المتحدة لعام 2023، وفقًا لشركة “إي ماركتر”.

 

 

 

التسويات السابقة: نمط متكرر؟

ليس هذه المرة الأولى التي تواجه فيها “ميتا” اتهامات قانونية. ففي 2022، وافقت على دفع 25 مليون دولار لتسوية دعوى رفعها الرئيس السابق “دونالد ترامب” بعد تعليق حساباته على منصاتها. هذه التسوية تظهر استراتيجية الشركة في تجنب الصراعات الطويلة عبر الحلول المالية.

 

 

 

التداعيات المحتملة: ماذا لو خسرت “ميتا”؟

1. تفكيك الشركة:

قد تجبر على بيع “إنستجرام” أو “واتساب”، مما ينهي عصر هيمنتها الثلاثية.

 

2. تغيير سياسات الإعلانات :

قد تفرض قيود على تسعير الإعلانات أو مشاركة البيانات.

 

3. تأثير على المستخدمين :

انخفاض استخدام “فيسبوك” بنسبة 2% بين فئة 18–24 عاما، مقابل نمو “إنستجرام” بين الأصغر سنا.

 

 

السياق الأوسع: معركة ضد عمالقة التكنولوجيا

القضية ليست معزولة. ففي السنوات الأخيرة، شهدت شركات مثل “جوجل” و”أمازون” دعاوى مماثلة بتهمة الاحتكار. هذا يشير إلى تحول في سياسات الحكومات نحو كبح هيمنة

“البيج تك”، وهو ما يؤيده الرئيس الجديد للجنة التجارة الفيدرالية أندرو فيرجسون، الذي صرح:

“نلتزم بضمان أن السوق يخدم المستهلكين، لا الشركات الكبرى”.

 

 

 

الخلاصة: قضية تحدد مستقبل الرقمية

مهما كانت نتيجة القضية، فإنها ستترك بصمة على عالم التكنولوجيا. إذا انتصرت FTC، قد نشهد تحولا نحو سوق أكثر تنوعا، لكنه قد يضعف الابتكار المركزي.

أما إذا انتصرت “ميتا”، فسيعاد تعريف حدود الاحتكار في العصر الرقمي.

في كلا الحالتين، المعركة تذكرنا بأن القوة التكنولوجية الهائلة يجب أن تقترن بمسؤولية أكبر.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.