نظارات راي-بان ميتا: بين الابتكار وحدود الخصوصية وهل تنجح ميتا فى التوازن

مارك زوكربيرغ ونظارات “Ray-Ban Meta” الجديدة: خطوة أخرى نحو مستقبل الذكاء الاصطناعي والخصوصية المتنازع عليها

 

كتب باهر رجب

ظهر مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، مؤخرا في صورة علنية وهو يرتدي النظارات الذكية “Ray-Ban Meta”، التي تحمل في خلفيتها قصة تطور تقني مثيرة للجدل.

فبعد عامين من إلغاء ميزة التعرف على الوجوه في الجيل الأول من النظارات الذكية بسبب مخاوف أخلاقية، تعود “ميتا” اليوم لإطلاق هذه التقنية في جيلها المقبل

تحت الاسمين الرمزيين “Aperol” و “Bellini”، مدعومة بذكاء اصطناعي متقدم وأجهزة استشعار فائقة.

 

لماذا عادت تقنية التعرف على الوجوه؟

 

في عام 2022، أزالت “ميتا” ميزة التعرف على الوجوه من نظارتها الذكية الأولى، معللة ذلك بقلقها من انتهاك الخصوصية وردود الفعل المجتمعية.

لكن تقريرا حديثا من موقع “ذا إنفورميشن” كشف أن لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC)، في ظل إدارة الرئيس  دونالد ترامب ذات التوجهات الداعمة للأعمال، شجعت الشركة على إعادة دمج هذه التقنية.

هذا التحول يبرز كيف يمكن للتغيرات السياسية أن تعيد تشكيل سياسات التكنولوجيا، حتى لو على حساب مخاوف الخصوصية.

 

ما الجديد في النظارات “فائقة الاستشعار”؟

 

وفقا للتقرير، ستضمن تقنية التعرف على الوجوه ضمن ميزة حية جديدة تعمل بالذكاء الاصطناعي، مصممة لـ”تذكر ما يراه المستخدم طوال اليوم” عبر تشغيل الكاميرات وأجهزة الاستشعار بشكل دائم. ولتخفيف المخاوف،

أكدت “ميتا” أن تفعيل هذه الميزة سيكون اختياريا للمستخدم، مع دراسة إضافة مؤشر ضوئي أو صوتي لإخطار المحيطين بوجود النظارات في وضع “الاستشعار الفائق”.

حاليا، تحتوي النظارات على ضوء صغير ينبه عند التقاط الصور أو الفيديو، لكن المؤشر الجديد قد يصبح ضروريا مع توسع وظائف المراقبة.

 

 

التحديات التقنية والخصوصية:

 

أحد التحديات الرئيسية هو استهلاك البطارية. الميزة الحية الحالية تعمل لمدة 30 دقيقة فقط، لكن “ميتا” تسعى لجعلها تعمل لساعات، مما يتطلب تحسينات في كفاءة الطاقة. ومع ذلك، يبقى السؤال:

هل يمكن لشركة اشتهرت بفضائح تسريب البيانات، مثل “كامبريدج أناليتيكا”، أن تقنع المستخدمين بأن بياناتهم الوجهية ستكون أمنة؟

 

من الناحية التقنية، تستخدم تقنية التعرف على الوجه حاليا في النظارات للتحقق من هوية المستخدمين،

لكن توسيعها لمراقبة البيئة المحيطة يفتح الباب أمام انتقادات حول التطفل غير المحدود، خاصة أن الأشخاص الذين يتفاعل معهم مرتدي النظارات لن يكون لديهم خيار تعطيل هذه الميزة، إلا إذا تم تفعيل المؤشر.

 

 

البيانات: الذهب الجديد في عصر الذكاء الاصطناعي:

 

لا تعتبر هذه الخطوة مجرد تحديث تقني، بل جزءا من استراتيجية أوسع لـجمع البيانات الدقيقة.

مع نضوب البيانات القابلة للاستخدام على الإنترنت، كما أشارت مجلة “نيتشر”، تسعى الشركات إلى مصادر جديدة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.

هنا، تصبح النظارات الذكية أداة لجمع معلومات عن سلوك المستخدمين و بيئتهم، والتي يمكن تحويلها إلى إعلانات مخصصة أو تحسين الخوارزميات.

 

 

الخصوصية في مواجهة الابتكار:

 

يعكس هذا الإصدار الجديد تناقضا رئيسيا فى عصر التكنولوجيا: الرغبة في الابتكار مقابل الحق في الخصوصية.

بينما تروج “ميتا” لمنتجاتها كأدوات لـ”تحسين الحياة”، يحذر الخبراء من أن التكنولوجيا القادرة على التعرف التلقائي على الوجوه و التسجيل المستمر قد تسهم في ثقافة المراقبة، حيث يصبح كل شخص مصدرا للبيانات، سواء وافق على ذلك أم لا.

 

في النهاية، تظهر نظارات “ميتا” الذكية أن حدود التكنولوجيا ليست تقنية فحسب، بل أخلاقية واجتماعية أيضا.

السؤال الذي ينتظر الإجابة:

هل سنتقبل عالما تحدق فيه النظارات الذكية بكل حركاتنا، أم أن المجتمع سيرسم خطا أحمر أمام تسلل الذكاء الاصطناعي إلى خصوصياته؟

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.