ألف (تونه ) تستغيث بقلم غادة العليمى

ألف (تونه ) تستغيث

الكاتبة الروائية/ غادة العليمى
تكاثرت الاقاويل وعلت الحناجر وامتعض المتفرجين وعارض المعارضين ،، هذا العمل الدرامى الرمضانى الذى يحكى فى تفاصيله معاناة المرأة المصرية بعد الطلاق من ويلات نصوص قوانين الاحوال الشخصيه
ورغم ان كل ماجاء ذكره فى احداث المسلسل ليست من الخيال وانما ظاهرة ظاهره مثل خيوط الشمس نراها فى كل مكان ووقت بوضوح ونتصعب عليها ونمضى كأن شئ لم يكن
ولكن ،، ربماالرفض هذه المره ليس بسبب القصة وانما بسبب القاص بسبب جراءة الكاتب التى جعلته يتجرأ على بعض ما وجدنا عليه اباءنا وبسبب اقتصاص كثيرا من كلماته التى دائما ما تأتى فى سياق متكامل تستطيع كبالغ عاقل راشد مؤمن او عاصى ان تقبله او ترفضه او تناقشه او تحاجيه بالحجة وتفضح خطأوه من دون ان تقيم عليه الحد وتسبه بوالدته وبوالدة والدته
وانا شخصياً افعل اقرأ وانصت واخذ ما يمثل قناعاتى والفظ مالا اراه الا عبث ومجون من كل المطروح من كل الكُتاب والاعلاميين
وفى وسط هذا الجدل المعتاد تدهس تحت الارجل (تونة)
بقصتها التى تدمى القلوب وتتبرأ منها حتى النساء التى تعانى مثلها
ورغم عدم متابعتى الكاملة لاحداث المسلسل بسبب انشغالى بالشهر الكريم نفسه عن مسلسلاته
الا انى شاهدت تفاصيل يجب ان تأخذ الحيز والمساحه من المناقشة اكثر من مهاجمه الكاتب ممن لم يشاهدوا العمل اصلا
مثل ان تقف المرأة امام القاضى فى كل مره بقضية منفصلة رغم انها سلوكيات مترتبة متصلة مثل الولايه والانفاق ومسكن الزوجيه والرؤية الى اخر الزخم المخيف من هذه الملفات المرعبه
وكل ملف له قاضى ومحامى وجلسة ومصاريف اداريه واتعاب محاماة مختلفه بينما كل هذه الاشياء متتاليه متواليه نتائج مترتبه على بعضها
ولا اعلم كيف يفكرون وكيف يحكم القاضى مرتاح البال وهو يغض الطرف عن جوانب الحياة الانسانية كلها ليحكم فى تفصيله واحدة ويترك ورائها جيش جرار من التفاصيل الاخرى
وكيف يحاكون النساء على تجبرها فى التعنت بمنع الاب من الرؤية للابناء تلك الابناء الذى رفض الانفاق عليهم وأذل والدتهم الوصيه عليهم بلقمتهم ودفعها للتسول امام عتباب المحاكم لتطعمهم لانه من الاساس لو كان يسأل وينفق ويراعى كان رأهم من دون طلب رؤية كلما اراد زيارتهم ليلبى احتياجاتهم ويدفع نفقاتهم
وفى كثير من الاحيان تحاكم المرأة فقط لانها لاتقبل حياة الهوان وتنفصل عنها فيقام عليها الحد لانها قررت ان تنفصل عن الهوان
بالاضافة لان الفنادق لا تقبل باستضافة امرأة من دون رجل فتطرد للشارع لتصير من دون رجل ومن دون مأوى آمن ايضا .. كعقاب لها
بالاضافة لان عقود الايجارات لا يقبل بعض اصحاب الاملاك ان يحرروها بإسماء نساء من دون رجل
وكأن هذه المرأة يجب ان توأد لانها قررت الطلاق الذى حلله الله للضرر وحرمه المجتمع الذى بارك وأيد تعدد الزوجات لانه شرع الله اما الطلاق فلا يعد شرعا لله
اما هذا الجدل الفقهى الكبير الذى اصار غضب الجميع من دون كل الامور السالفه الذكر التى لم يلتفت اليها احد عن شرعيه حضانة المرأة بعد الزواج حين سألت البطلة
وقالت :- هو ربنا قال كده ان الست تفقد حضانه ولادها لو اتجوزت
وقيل عن هذا المشهد انه تحدى للشريعه ولكلام الله وتحريف فى الدين وعبث بالاسلام ففى كتاب الله ايضا ما يجيبه ويشير اليه من دون جدال او شك او تقاول على الله حاشانا ان نفعل او نتجرأ نفعل وانما نرجع الى كتاب الله الحكم العدل الذى قال جل شأنه فى كتاب العزيز فى الآية الكريمة (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم )
ربنا سبحانه و تعالى هنا بيحرم بنات الزوجة على زوج امهم تحريم البنت على ابوها .. و بيوضح سبحانه و تعالى ان البنت هنا موجودة فى حضانة امها حتى بعد زواجها من غير ابيها .. و من يقوم على تربيتها هنا هو زوج امها ..
و فى نص قرآنى اخر يقول الله تعالى .. ( ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن و فصاله فى عامين)
ربنا سبحانه و تعالى وصى الانسان بوالديه و بعد كدة جاب سيرة الام فى اكتر شىء متعب فى الحياة و هو الحمل و الولادة والرضاعة .. ووصف ربنا فى وصف شديد البلاغة ان المرأة تحمل ضعفا على ضعف ..هى ضعيفة اساسا و بالرغم من ذلك تتحمل الحمل و الولادة و الرضاعة فوق ضعفها الطبيعى .. فكيف تضحى بالولد بعد ذلك ان اختارت الزواج من رجل فاضل آخر فى ابسط حقوقها كأنسانه لها احتياجات بشرية من سند وشراكه وحياة كالحياة
و بمناسبة هذه الاية .. من القصص المأثورة كان أبو الاسود الدؤلى له زوجة و لهم ولد و اختلفا فيمن له الحق بالاحتفاظ بهذا الولد .. فذهبا لقاضى البصرة ..فقال الدؤلى .. لقد حملته قبل ان تحمله هى ووضعته قبل ان تضعه هى .. فردت الزوجة .. صدق .. و لكنه حمله خِفة و أنا حملته ثِقلاً ..ووضعه شهوة وأنا وضعته كَرهاً .. فقال القاضى .. رد الى تلك الام ولدها فهى احق به منك ..
اعتقد ان الأمر اكبر من رأى يقوله المتفرج وهو مستلقى فى فراشه يتناول الحلوى ويتمطأ فى نعيم وهو يحكم فى شأن حياة امرأة تحيا فى الجحيم
ارفعوا ايديكم عن تونه ففى طرقات المحاكم الف تونه تستغيث فأغيثوها أهل الرأى العام
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.