أمهات مصر: “بيت الطاعة” أداة قهر وإذلال للزوجة المصرية

أمهات مصر: “بيت الطاعة” أداة قهر وإذلال للزوجة المصرية

طه المكاوى 

ما زال القانون المصري يسمح بما يُسمى “بيت الطاعة”، وهو نظام قانوني يستند إلى نصوص في قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929 وتعديلاته، يتيح للزوج أن يُرسل لزوجته إنذارًا بالعودة إلى منزل الزوجية. وإذا لم تُطع الزوجة الإنذار أو اعترضت بعد مرور 30 يومًا، تُعتبر «ناشزًا»، ويسقط حقها في النفقة.

وفي إطار حملة “أمهات مصر خط أحمر”، استقبلت جمعية نهوض وتنمية المرأة آلاف الاستغاثات من أمهات مصر اللاتي عانين من هذا النص القانوني، والذي تحول من مجرد مادة إلى أداة قهر وإذلال للزوجة المصرية، تُستخدم لإجبارها على الاستمرار في زيجة غير آمنة مليئة بالعنف والإهانة.

انتهاك للكرامة الإنسانية

ترى الجمعية أن بقاء “بيت الطاعة” حتى اليوم يُشكل تعديًا صارخًا على المرأة ويُكرّس صورًا من التمييز والعنف ضدها، إذ يُعاملها القانون كطرف ملزم بالطاعة المطلقة، متجاهلًا إرادتها واستقلاليتها. كما يُهدر كرامتها حين يصفها القانون بالـ”ناشز” بمجرد رفضها الإنذار، لتُحرم من النفقة وتتعرض لوصم اجتماعي وموقف مهين أمام أسرتها والمجتمع.

آثار اجتماعية ونفسية خطيرة

وجود هذا البند يُعزز العنف الأسري، ويُجبر الزوجة على العيش في بيئة قد تُهدد سلامتها الجسدية والنفسية، مما يؤدي إلى القلق والاكتئاب والشعور بعدم الأمان. كما ينعكس سلبًا على الأبناء الذين ينشأون في أجواء قهر وعدم مساواة، ويُرسخ صورة نمطية سلبية عن المرأة باعتبارها خاضعة للرجل.

مخالفة للشريعة والدستور

تشدد الجمعية على أن الأصل في الشريعة الإسلامية أن تقوم الحياة الزوجية على المودة والرحمة: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً” (الروم: 21).

فالطاعة في الإسلام تقوم على الاحترام المتبادل، وليست قسرية أو قائمة على الإذلال. وإذا تعرضت الزوجة لضرر أو أذى، فلها الحق شرعًا في الامتناع عن العودة أو طلب التفريق.

كما أن استمرار العمل ببند “بيت الطاعة” يتعارض مع نصوص الدستور المصري التي تضمن الكرامة الإنسانية والمساواة، ومع التزامات مصر الدولية وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).

مطلب بالإلغاء والتشريع البديل

تؤكد الجمعية أن إلغاء بند “بيت الطاعة” خطوة أساسية نحو بناء تشريعات عصرية تُعزز حقوق الإنسان داخل الأسرة المصرية، وتطالب المشرّع المصري بما يلي:

إلغاء إنذار الطاعة من قانون الأحوال الشخصية.

وقف أي إجراءات قانونية تُجبر الزوجة على العودة قسرًا إلى منزل الزوجية.

تعزيز القوانين التي تُجرّم العنف الأسري وتضمن للزوجة والأبناء حقهم في بيئة آمنة ومستقرة.

إن حماية الأسرة المصرية تبدأ بحماية المرأة وصون كرامتها، ولا يمكن أن تتحقق العدالة داخل المجتمع بوجود نص قانوني يُهين الزوجة ويجعلها رهينة لإرادة الزوج.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.