أوهام التوسع الإسرائيلي وصحوه الوعي العربي 

بقلم/ إيمان سامي عباس

لم تعد أطماع إسرائيل في التوسع والسيطرة خافية على أحد، فالرغبة المحمومة للاحتلال واغتصاب أراضي الآخرين أصبحت السمة الأبرز لسياستها خلال العامين الأخيرين، منذ بدء عدوانها الغاشم على قطاع غزة في 8 أكتوبر 2023، ومع اتساع رقعة الصراع وتصاعد وتيرة التهجير القسري، انكشفت أوهام “إسرائيل الكبرى” التي أرادت أن تبتلع الجغرافيا وتعيد رسم حدود المنطقة على هواها.
لكن هذه الغطرسة تحولت إلى جرس إنذار حقيقي لدول الشرق الأوسط، التي باتت تدرك أن إسرائيل لا تعرف صديقًا ولا تفي بعهد، وأن وجودها القائم على القوة والغدر يشكل خطرًا داهمًا على الجميع. وقد دفعت هذه الوقائع كثيرًا من الدول إلى إعادة النظر في تحالفاتها، وإنهاء خلافاتها الداخلية، لتجد نفسها أمام يقين لا لبس فيه: إسرائيل هي التهديد الوجودي الأكبر في المنطقة، ولا يمكن الوثوق بها مهما رفعت شعارات السلام أو أظهرت ابتساماتٍ زائفة.

الردع المصري وحكمة القوة

كشفت الأحداث المتتالية في غزة ولبنان وسوريا وإيران ثم قطر أن إسرائيل لا تتورع عن انتهاك سيادة أي دولة لتحقيق أطماعها. غير أن فشل مخططاتها التوسعية والتهجيرية أثبت أن غباء القوة لا يصنع نصرًا، بل يوقظ الآخرين من غفلتهم. لقد منحت تصرفات إسرائيل الرعناء للدول العربية فرصة ثمينة لإعادة تقييم المواقف وبناء استراتيجيات جديدة قائمة على الحذر والردع.
وهنا برز الدور المصري بوضوح، فمصر التي أدركت مبكرًا أن السلام لا يُصان إلا بالقوة، تمسكت ببناء جيشها الوطني ليكون صمام أمان للأمن القومي والاستقرار الإقليمي. فقوة الجيش المصري وردعه الحاسم أحبطا مخطط التهجير، وكبحا جماح الغطرسة الإسرائيلية من دون أن تطلق مصر رصاصة واحدة. فالقوة الصامتة كانت أبلغ رد على أوهام تل أبيب، وأكدت أن من يتوهم القدرة على الصدام مع مصر إنما يكتب نهايته بيده.

انكشاف الأوهام واتجاه نحو الوحدة

ورغم ما حققته إسرائيل من انتصارات تكتيكية مؤقتة عبر التدمير والعدوان، إلا أنها فشلت استراتيجيًا في تحقيق أهدافها الكبرى. فقد تهاوت فكرة “إسرائيل الكبرى” أمام صمود الشعوب، وتوحد المواقف العربية، وازدياد الوعي بخطر الكيان الصهيوني. بل إن غطرسة القوة ذاتها تحولت إلى عامل توحيد وتقارب بين دول المنطقة، ودافع جديد نحو الوحدة العربية والإسلامية التي بدأت ملامحها تتشكل من جديد.
وهكذا أثبتت الأحداث أن الردع والوعي أقوى من السلاح، وأن مصر بحكمتها وقوتها ظلت — ولا تزال — الدرع الحامي لقضايا الأمة ومصالحها العليا.


كاتبه المقال.إيمان سامي عباس

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.