إطعام الطعام بين الفضيلة والتفاخر : مشاهد مؤلمة للجوع القاتل

بقلم / إيمان سامي عباس

من المؤسف أن نرى على مواقع التواصل الاجتماعي في مختلف الدول العربية صورًا لموائد الأثرياء والقادرين، تزخر بما لذ وطاب من أصناف الطعام، إلى جانب حفلات مبهرة ينظمها البعض للتباهي أو المجاملة.

هذا يحدث بينما يعاني إخواننا في غزة من جوع خانق وحرمان من أبسط مقومات الحياة، حتى كسرة الخبز وشربة الماء باتت حلمًا. هذا التناقض دفع كثيرًا من المواطنين العرب إلى إدانة هذه المظاهر المستفزة، معتبرينها استهتارًا بمأساة شعب يتعرض لحرب تجويع وحشية لم يشهد التاريخ الإنساني لها مثيل.

إطعام الطعام من أفضل القربات إلى الله، سواء كان للفقراء أو للأهل والجيران والأصدقاء وعابري السبيل، شرط أن تكون النية خالصة لوجه الله.

لكن الدين الإسلامي وضع ضوابط لهذه الفضيلة، أهمها عدم الإسراف أو التباهي. قال تعالى:

 

“وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين”

فالاعتدال واجب حتى على الغني، فلا يجوز له أن يبدد نعم الله بحجة امتلاكه المال، بل يأخذ حاجته ويحترم النعمة.

 

ضوابط شرعية وأخلاقية لإطعام الطعام

التباهي بالموائد وتصويرها على وسائل التواصل الاجتماعي أمر مرفوض شرعًا وأخلاقيًا، لأنه يجرح مشاعر الفقراء والمحرومين. وكما أوضح العالم الأزهري د. نصر فريد واصل، فإن الكرم لا يقاس بكثرة الطعام أو تنوعه، بل بحسن الاستقبال والمودة الصادقة.

والأدهى أن هذه الصور تُنشر في وقت نرى فيه يوميًا مشاهد الجوعى في غزة، مما يجعل هذا السلوك أقرب إلى قلة المروءة وإهدار النعم.

 

وقد رسّخ الإسلام مجموعة من القيم التي تضبط سلوك المسلم عند إطعام الطعام منها:

أن يكون العطاء من أجود ما يملك الإنسان، دون منٍّ أو تفاخر.

الامتناع عن تصوير الموائد، خاصة إذا كانت ستصل صورها للفقراء، حتى لا يشعروا بالحرمان.

احترام الضوابط الشرعية أثناء تناول الطعام وعدم كشف ما لا يليق للآخرين.

 

الكرم الحقيقي في العطاء بلا منّ

الكرم ليس حكرًا على الأثرياء، بل هو سجية في النفوس الطيبة، وتبلغ قيمته ذروتها حين يمنح الفقير مما يحتاجه رغم حاجته هو، كما وصفهم الله:

“ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة”

ويجب على الغني ألا يبطل أجره بالمنّ أو الأذى، لقوله تعالى:

“يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى”

 

إطعام الطعام فضيلة عظيمة، لكن قيمتها الحقيقية تكمن في البساطة، الإخلاص، وحفظ مشاعر الآخرين. فالمسلم الحق يحترم النعمة، ويصونها من الإسراف والتفاخر، ليكون عطاءه جسر رحمة لا أداة استعراض.

كاتبه المقال / أ / إيمان سامي عباس

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.