الأسرة بين واقع أحداث ٢٠٢٤ والمستقبل المأمول في عام ٢٠٢٥ 

مع استقبال عام جديد ميلادي أو هجري -في جميع الأحوال- قد يغلبنا الشعور بروعة الفرصة أن نقلب صفحات حياتية مضت بجميع لحظاتها الحزينة التي لا ننكر أنها قد زاحمت البشر على الكرة الأرضية.

 

 

بقلم د. رحاب أبو العزم

 

بيد أننا بوصفنا مسلمين مختلفين عن نظرة العالم لتلك التقلبات؛ فإن إيماننا يدفعنا إلى النظرة العميقة لأحداث الحياة؛ إما لاستلهام العبر والعظات، وإما لنتضرع إلى الله تعالى نرجوه اللطف والرحمة، وإما لأن نتكاتف ونتعاون فنعيد قوتنا من عبق التاريخ. كلما مرت بنا السنون فإننا نحمل الأيام القادمة في قلوبنا ترفرف بتفاؤل وإصرار كي تطوي ما وراءها من آلام وفشل وخذلان، ننطلق مؤمنين أن التغيير من سنن الله في كونه، وأن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة؛ فطالما ارتفعت راية المسلمين وصاروا قادة العالم، وعبر أزمنة أخرى قد مرت أزمة تاريخية أوقعت البلاد المسلمة تحت حكم أعدائها، ثم نهضت وانتفضت من جديد، وهكذا التاريخ متقلب بأحوال الناس، وهكذا فإن تبدل أوجه الحياة وتقلبها من الفقر للغنى، ومن الصحة للعافية، ومن التطور إلى التراجع يُعد من سنن الله في الكون.

 

*دور الأسرة في بناء الطفل*

وفي خضم التقلبات العالمية والتطورات الحياتية يتصاعد دور الأسرة في رعاية أفرادها بما يؤهلهم لتقبل التغيرات المفاجئة على مختلف دوائرها؛ فإن الأسرة هي اللبنة الأساسية لبناء أي مجتمع، والضرورة الحتمية لحفظ الجنس البشري واستقراره، وتكوينها يعد من أهم الوسائل لتحقيق غرائز الإنسان ودوافعه الفطرية والاجتماعية. وتلعب الأسرة الدور الأهم في تنشئة الطفل النفسية والجسدية والعقلية لتهيئته إلى اللحاق بعضويته المجتمعية، ودوره المستقبلي في بناء المجتمع، والأسرة هي المؤسسة الرقابية التي توجه سلوك الطفل الوجهة الأخلاقية والدينية السوية؛ فهي البيئة التي تغرس ملامح ومبادئ المعتقدات الدينية والأسس الأخلاقية في شخصية الطفل. وكي تحقق الأسرة دورها البنَّاء فعلى طرفي نشأتها -الزوج والزوجة- الانتباه إلى دور كل منهما لتأسيس أسرة سوية متكاملة الأركان تبني جيلًا إيجابيًا ولا تهدم-بتصدعها- عقول أبنائها.

 

*أثر العلاقة الزوجية على تنشئة الطفل*

إن الترابط العاطفي والفكري بين الزوجين، وإحاطة البيت بجو من الاهتمام والاحتواء والتقدير يعد الوسيلة لبث الراحة النفسية، والإحساس بالأمان والاستقرار الذهني للأبناء؛ وذلك لأن العلاقة السوية الناجحة بين الزوجين تبني الثقة بالنفس داخل عقول الأبناء، ومن ثَم بناء الشخصيات المتزنة التي تنتفع بها المجتمعات المتطورة. ولقد تعرض العالم البشري في الآونة الأخيرة إلى انتشار الزلازل والفيضانات والفيروسات التي أبادت كثير من البشر والأراضي والاقتصاد مما أعاد حديث وتركيز الوسائل الإعلامية إلى موضوعات أهمية الأسرة ودورها في احتواء أبنائها، وأهمية الحب والتقدير بين الزوجين كوسيلة لإرضاء كل طرف واستقراره النفسي مما يجعله مُهيَئًا بنجاح لتأدية مهامه.

 

*المأمول في مستقبل الأسرة*

قد يتمنى الأبناء من أسرتهم الحياة في جو آمن مستقر لتعزيز الثقة في مستقبلهم، وبث روح القوة النفسية الداخلية التي تؤهلهم للتكيف مع أي تقلبات مستقبلية على مستوى حياتهم الخاصة والعملية والعلمية؛ ولذلك على الزوجين تهدئة الخلافات بينهما حتى لا تتصاعد إلى الطلاق أو الانفصال الروحي، وعلى كل طرف منهم التعاون مع الآخر بمثابرة وحب وتقدير على الوصول بأسرتهم إلى التناغم النفسي والفكري والعاطفي حتى يتسنى تحقيق المأمول لأعوام قادمة من حيث الاستقرار العاطفي، والدعم النفسي، والتخطيط المالي لعمليتي التوفير والاستثمار، والتعليم الديني والأخلاقي. ومازلنا في بداية العام الجديد نأمل في تطور وتغير إيجابي يرفع عن العالم الإنساني الكرب والبلاء.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.