الاستراتجية الإماراتية نموذجاً متفرداً بإدارة الكوراث والأزمات
لمياء زكي_رأس الخيمة
قادة الأزمات:
كشفت أزمة المنخفض الجوي على دولة الإمارات عن الحاجة إلى نمط إستثنائى من القادة قادرون على إدارة الأزمات وتوجيه الموارد وتوظيفها لمواجهه وإحتواء تداعيات مثل تلك الأزمات غير التقليدية، والتى تضفى بطبعها المزيد من المسؤوليات على القادة، منها:
أ. إختيار السياسات الأكثر ملائمة للتعامل مع الأزمة، ومدى إدراك القائد وإدارته لها، وحجم تحركاته، وإختياره لمسارات إنفاق موارد الدولة.
ب. صياغة إستراتيجية وطنية متوازنة بين استنفار الشعوب وتوعيتها من ناحية، وبث الطمأنينة من ناحية ثانية، وهو ما يمثل أيضا اختباراً لـ”الوعي الشعبي”.
الجدير بالذكر، أن منهاجية «إدراة الأزمات» من أكثر القضايا ذات الأولوية المتجددة، وذلك بالنظر إلى حجم الأزمات والإنتقال المرن من كونها «أزمات تقليدية»، لآخرى «أزمات غير تقليدية»، حيث تتمثل خصائص الأزمات بكونها: مفاجئة، وتتطلب رد فعل سريع من قبل القادة،
وبالنظر إلى أزمة المنخفض الجوي ، فثمة تساؤلات عدة حول ماهية دور القيادة السياسية فى إدارة الأزمة، وذلك بالنظر لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» وإدارته للأزمات
خلال الفترة الماضية، أزمة طبيعية قوية الأركان، استعدت لها دولة الإمارات العربية المتحدة بكافة أجهزتها، تترقب وتتابع لحظة بلحظة، لها القوة والحضور في إدارة الأزمات، حتى تبقى الأرواح على رأس هرم اهتمام قيادتها الرشيدة.
سطرت الحالة الجوية مواقف أبنائها المواطنين وحتى المقيمين على أرضها، إغاثة الملهوف ونجدة المحتاج وفزعة العرب ظهرت وامتازت خلال تلك الفترة، يساندون أجهزة الدولة، قاموا بتسخير ممتلكاتهم الخاصة في تلك الأزمة، ترى الطفل والشاب والرجل والكبير مجتمعين في الفزعة والوقوف لإغاثة أي شخص بغض النظر عن جنسيته أو دينه أو عرقه، فهذا ما رسخه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، طيب الله ثراه، الإنسانية تأتي أولاً وآخراً، فالإنسان لأخيه الإنسان.
لم تقتصر تلك الفزعات على البشر، بل كان للحيوان نصيب منها، قطة على مقبض سيارة متعلقة بالحياة، لعل أن يسخر الله تعالى من ينقذها، وبالفعل فإن العناية الإلهية تحرس وتحفظ ونفوس البشر بإنسانيتها السمحة ورحمتها، قام فرد من رجال البحث والإنقاذ بإنقاذها، ما أجمل الرحمة حين تقع في نفوس البشر، ما أجمل حب الخير حين يجعل الإنسان يخاطر بحياته لاكتسابه. ما أجمل ردود وأفعال أبناء زايد، وهم في تعب وجهد عظيم إلا أن ذلك لم يمنعهم من كلمة طيبة تبث الطمأنينة والأمان في نفوس الجمهور.
دولة الإمارات العربية المتحدة سطرت إنجازاً جديداً في تعاملها مع الأزمات، وبالفعل إن الأزمات تظهر معادن الرجال. استيقظنا في صباح اليوم التالي والشوارع فارغة من المياه والحركة انسيابية، كأن شيئاً لم يحدث، هنا القيادة الحكيمة وهنا رجال الدولة القائمين على أمن وأمان كل المقيمين على أرضها، هنا الإمارات وهنا حكامها وهنا شعبها.
شهدت الدولة للخطوات السريعة التي حرصت حكومة الإمارات العربية المتحدة على تنفيذها في التعامل الاستباقي مع المنخفض الجوي غير الاعتيادي الذي مرّ بالدولة مؤخراً،
شهدت دولة الإمارات هطول أمطار متفرقة عمت أنحاء البلاد الأسبوع الماضي والتي تراوحت شدتها بين الغزيرة والمتوسطة، وقد هطلت الأمطار على كل من دبي وخورفكان، لكن أكثر المناطق المتضررة من الأمطار والسيول القوية، كانت في إمارات: الشارقة ورأس الخيمة والفجيرة. والتنسيق المنظم بين القيادة والمؤسسات المعنية، ورجال الأعمال، وعامة الشعب يثبت أن هذا التحرك ليس عشوائياً وتنظمه إدارة ناجحة. إن أهم إدارة تتميز بها دولة الإمارات هي إدارة الأزمات والكوارث، فهي تعد الأكثر تقدماً في المنطقة وكذلك أهلت الدولة كادراً محترفاً يتمتع بأعلى المستويات التعليمية.
بعد هطول الأمطار، تحركت القيادة الإماراتية في جميع أنحاء البلاد، فقد وجّه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وزارة تنمية المجتمع، بنقل الأسر المتضررة من الأمطار الشديدة والسيول، كما وجه بالتنسيق مع الجهات الأمنية والشرطية والبلديات وبتحريك فرق الطوارئ والإنقاذ في إمارات الدولة. كما تفقد سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، مناطق الفجيرة التي تضررت من الأمطار الغزيرة والسيول وطالب بإخلاء الأسر المتضررة والتعامل بحرفية مع الآثار التي خلفتها الأمطار.
ومع تحرك القيادة والجهات المسؤولة، قام المتطوعون من المواطنين والمواطنات ومختلف الجنسيات المقيمة في الدولة بالعمل في مختلف العمليات وتنظيف الشوارع. كذلك قدم رجال الأعمال مبادراتهم الوطنية والإنسانية، مثل رجل الأعمال الإماراتي، خلف بن أحمد الحبتور، بتقديم 300 غرفة فندقية تابعة لمجموعة الحبتور، مخصصة لتعزيز جهود وزارة تنمية المجتمع في إيواء الأسر المتضررة من الأمطار والسيول بالمناطق الشرقية من الدولة.
أما الجهات الإدارية للأزمات والكوارث فكان لها دور كبير في التنسيق والتنظيم، فالهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، التي تعمل تحت مظلة وإشراف المجلس الأعلى للأمن الوطني، تعتبر من أهم الجهات التي تقوم بتنسيق ووضع المعايير والأنظمة واللوائح المتعلقة بإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، كما تقدم خدمات في مجالات مختلفة ومنها مواجهة الكوارث الطبيعية وانقطاع التيار، كذلك تدعم الهيئة العمل التطوعي من خلال توفير التسجيل في منصة الإمارات للتطوع، لتكوين قاعدة متميزة من المتطوعين الحريصين الحفاظ على مكتسبات الدولة. أيضاً من الجهات المتميزة في إدارة الأزمات، مراكز إدارة
الطوارئ والأزمات والكوارث في دولة الإمارات. فهذه المراكز تعمل على رسم خرائط المخاطر وتقييمها، وجمع البيانات والبحث والتحاليل المتعلقة بالكوارث وإدارتها، التدريب والتوعية العامة، والتأهب والاستجابة والإغاثة والتأهيل، وإدارة أنشطة ما بعد الكوارث.
أن الوطن، بإماراته السبع، قدّم نموذجاً متفرداً في إدارة الأزمات، وسرعة الاستجابة التي تفرضها التحديات، عبر تطبيق استراتيجية تشاركية من قِبل الجهات ذات الاختصاص، تحقيقاً لرؤية القيادة الرشيدة في دعم المجتمعات، وتحقيق السِلم والأمن المجتمعي.
هذه الأزمة العابرة، وغير المتوقعة الناشئة عن الحالة الجوية، عكست الرؤية التنموية المتقدمة التي توليها دولة الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حكّام الإمارات.
الدروس المستفادة من الظروف المناخية والأمطار القياسية التي لم تشهدها الإمارات منذ بدء تسجيل البيانات المناخية عام 1949، حيث أصبحت أكثر تأهيلاً وقدرةً على إدارة الأزمات، ولديها تجربة نفخر بها، ويمكن البناء عليها وتبادلها مع الدول الشقيقة والصديقة.
إن المؤسسات المعنية بإدارة الأزمات والكوارث تعتبر من أهم الجهات الإدارية، خاصة في ظل ما يشاهده العالم من تغيرات في المناخ، وانتشار الأوبئة، هذا عدا الاضطرابات الأمنية والسياسية. فأهميتها تكمن في مواجهة الكوارث الطبيعية، وطوارئ الحروب والأوبئة، والحماية من الأعمال التخريبية وغيرها، وهذا ما تقوم به دولة الإمارات بجدارة.