“البلوجر .. مشكله نفسيه”

“البلوجر .. مشكله نفسيه”

بقلم/ أحمد عز

“من المريح النظر إلى الأزهار ..فهي ليس لديها صراعات”  #فرويد

في البدايه وقبل أن نخترق عمق الظاهره التي إنفجرت في المجتمعات بلا سابق إنذار؛ علينا أن نفهم جيداً طبيعة النفس الإنسانيه التي خُلقت على “فطره” ذات نظام خاص مكون من ثلاث قيم رئيسيه : 

– (الحق) أو التمييز بين الأفكار والمعتقدات والمبادئ الصحيحه والخاطئه ويُمثلها العقل والمنطق (كميزان لأفكارنا).

– (الخير) أو التمييز بين التصرفات والأفعال، الخير  (الفضائل) والشر (الرذائل) ويمثلها علم الأخلاق الذى بدوره  يفحص هل معتقداتنا تنعكس في تصرفاتنا (عملياً) أم لا أو على الأقل يعكس ما نؤمن به بشكل صحيح.

– (الجمال) التمييز بين ما هو مبهج للنفس يُشعرك بسعاده بالغه دون الحاجه إلى تعلمها في المدارس او الجامعات..

فمثلا : حينما نذهب إلى الساحل في نزهه سياحيه ستجد نفسك تنشرح تلقائيًا لصوت أمواج البحر وحركاته العشوائيه ولون إنعكاس السماء في المياه ودندنه العصافير الطوافه، ولحظات الغروب البديعه ولون السماء الصافي، وكذلك إذا ما دخلت حديقه مليئه بالأزهار والورورد والنباتات مختلف ألوانها وروائحها المتباينه لا سيما الطيور البديعه وألوانها التي نسجتها ريشة فنان بديع، خالق جميل  لا يحب إلا الجمال .. فستجد نفسك تنسجم وتنجذب تلقائيًا مع ما يُشبه طبيعتك، يُشبه فطرتك السويه ويتناغم مع جمالك الداخلى الفطرى الذى يتوافق مع عقلك وتصرفاتك السويه التي أبسط رد فعل منك لها ألا تؤذيها ..فقط تتأمل إنعكاس نفسك في العالم المحيط، هذا الكون المنسق المنظم بشكل لا تتصارع فيه الأخلاط ولا نديه إلا إذا قرر احدهم أن يخرق هذا القانون ليجذب الأنظار إليه بكل ما هو قبيح..ولا يهم على أي أسس وقيم تقوم بجذب أنظار الآخرين؛ بل الأهم أن تقوم بجذب إنتباههم فقط لا غير مهما كانت الوسيله ..فكما قال ( ميكيافيللى) المهم أن تصل لهدفك.. فالغايه تبرر الوسيله!

وهنا تكمن المشكله النفسيه فيما يُعرف حديثًا “بالبلوجر” فهو لمن لا يعلم شخص يملك معجبين ومتابعين على السوشيال ميديا بكثره، لا يهم المحتوى الذى يقدمه بقدر ما يملك من متابعين كثيرين يستطيع بهم أن يغزو عقول  المتابعين الفارغه .. على عكس المعنى الحقيقى (لصانع المحتوى) الذى يهتم بقيمة المحتوى المُقدم وهدفه المؤثر مجتمعيًا بغض النظر عن عدد المتابعين له..

تلك الفئه الأولى المصابين بإضطراب نفسي يُعرف (بالشخصيه الهيستيريه) : 

– عادةً هم شخصيات إجتماعية وعندهم مهارات تواصل عالية يستطيعون تطويعها ببراعة للحصول على إعجاب الآخرين ولفت الإنتباه والرغبة في إثارة إعجابهم.

– يميلون لإظهار عواطفهم وانفعالاتهم بشكل مبالغ فيه ويهتموا بشكل شديد برأي الناس فيهم..ففي حالة الإنبساط قد يضحكون ويشيعوا جو من البهجة بشكل مبالغ فيه، وفي لحظات حزنهم يُصبحون دراميين جدًا وقد يبكون بسهولة أمام الآخرين، وكذلك الطريقة التي يعبرون بها عن حبهم للآخرين فيها مبالغة شديدة في إظهار الحب والرومانسية.

– من عيوب الشخصية الهستيرية :

١- وجود “نزعة نرجسية” بعض الشيء مع كره التعرض للنقد المستمر من الآخرين لذا يحاول تجنب التصرفات التى تسبب له النقد وغالبًا تكون سبب في ابتعاد الناس عنه. 

٢- ضعف “الهمة وقلة الصبر” حيث سرعة الضجر وعدم القدره علي التخطيط للمستقبل والاستفادة من أخطاء الماضي. 

٣- “المبالغه في الكذب” ..فالكذبه الأولى تحتاج إلى أكثر من كذبه وإلتفاف للوى الحقائق يعرف بـ (قلب الترابيزة) .

٤- “المبالغه في الإثارة”.. فهى شخصيه كارهه (للروتين) بسبب سرعة شعورهم بالملل؛ فنجدهم دائمًا ما يقومون بتغيير حياتهم المهنيه وأعمالهم بإستمرار ويميلون لتكوين علاقات وصداقات جديدة كل فترة والإندفاع في المغامرات الخطيره لاسيما الإهتمام بمظهرهم وشكل جسمهم مع نزعة ملفتة في ذوقهم في الأزياء والملابس وصرعات الموضة وقصات الشعر الغريبة والإطلالات الملفتة في كل شيء.. حتى يظل لفت الإنتباه مستمر بشكل أو بأخر للحاليين أو المتابعين الجدد.

٥- سهولة الإصابة بالإضطرابات النفسيه المختلفه؛ كالإكتئاب والقلق النفسي والتوتر بسبب التشتت في العلاقات والعمل والتحول الدرامي في المشاعر وسرعة التاثر بالآخرين.

لذا كفانا أن نستمر في دعم هؤلاء المضطربين نفسيًا ونشر فيديوهاتهم ولو على سبيل الشو والضحك؛ فهم كالمدمنين الذين كلما دعمتهم؛ كلما إزدادوا حُبًا وإستمتاعًا..وعلينا ان نساعدهم في التعافى وأن يعلموا أنهم مصابون وليس مذنبون ..وجب علينا مساندتهم دون إجحاف أو تسفيه منهم حمايةً لهم وحمايه لمجتمعنا ..وعليهم أيضًا أن يعلمون أن علاجهم لأنفسهم يجعلهم اسوياء ويساعدهم على الإندماج في المجتمع الذى يعيشون فيه “دون ضرر أو ضرار”.

 

بقلم/أحمد عز 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.