التسامح دون تشافي عميق يجعلك تعيش ظاهريا في سلام

التسامح دون تشافي عميق يجعلك تعيش ظاهريا في سلام

التسامح المبكر رغم أنه يبدو فضيلة في الظاهر الا أنه في العمق يعيق عملية التشافي مما يتسبب في تفعيل وتعميق مايسمى “بالذاكرة الصدمية” ،الدماغ البشري غير قادر على التمييز بين ما “تسامحت معه” وبين ما ” تفهمته وشفيت منه

بقلم الدكتور / ابرام سامي

التسامح دون تشافي عميق يجعلك تعيش ظاهريا في سلام في حين يستمر الدماغ في إرسال
إشارات التأهب والخطر …! تتشوه الهوية لديك وتخترق حدود الذات وتتورط الروح في فخ الإنفصام ليتولد لديك نمط متكرر ،يهيأ لعلاقات أو تجارب قادمة على نفس مستوى جرحك الذي آدعيت أو هيأ لك ،أنك نجحت في تجاوزه !


الغفران المبكر هو صك براءة مزور للإساءة
موقع عليه بخوف لا بوعي يبدأ التعافي فقط
حين تتوقف عن تسكين ألمك وتتخذ من الجرأة مافيه الكفاية لآحتواء الجرح رغم كل الألم.

لا علاقة للإعتذار بالتسامح

الإعتذار يطلبه من يشعر بالذنب أما التسامح فيمنحه حصريا من تجاوز الألم !
الإعتذار لا يلزم الغفران ! التسامح قرار داخلي لايصنعه الإعتذار ،بل يصنعه السلام مع الذات ،لا وجود لأي علاقة حتمية بين الإعتذار والتسامح ،كما لاعلاقة بين الندم والإصلاح
الضغط على الآخر ليتسامح بعد الإعتذار هو آعتداء جديد بآسم النبل

ثقافة التسامح المعجل

تصنع الأذى مرتين مرة بالإعتداء ،والأخرى بتشريع الإعتداء لطالما آستعمل الإعتذار كأداة للتهرب من تبعات الفعل


بعض الإعتذارات ،ليست إلا تواطئ إجتماعي للتملص من المسؤولية في محاولة بائسة يربت بها على كتف المعتدي سعيا لطمس ذاكرة الأذى التسامح المبكر لا يصنع المعجزات ،هو فقط يتركك تتخبط على أنقاض “سلام مزيف”كن صادقا فقط مع ألمك … !سيصدق الكون معك ،بعضهم يسامح ليس لأنه بالفعل شفي بل فقط ليبدو أنبل من ألمه حين يصبح التسامح عرضا أخلاقيا أجوفا تهان الإنسانية تخان الروح ويداس على الألم
أن تغفر وأنت تتألم ليس إلا عرضا رخيصا في مسرح الفضيلة
التسامح الحقيقي لا يحتاج حضور جمهور ليصفق ولا يحتاج مكبر صوت ليعلن ولا صحيفة ناصعة لينشر، إنما هو قرار داخلي صامت ،ينبثق بعد أن تلتمس الروح آخر خيوط التشافي لا تتسرع بالغفران ،إن كنت لا تمتلك الشجاعة لآحتضان الألم
أن تسامح حتى لا تتهم بالضغينة لن يعفي روحك من أن تدينك في محكمة الوجدان … مالم يحتوى الجرح سيظل التسامح مجرد ضماد مهترئ فوق جرح ينزف بصمت
لا يبدأ التشافي حين تصفح عن الآخرين بل عند آحتواء الجرح داخلك التسامح ليس آنتصارا على الألم بل مصالحة صادقة معه
أن تسامح حقا هو أن تعبر من خلال الألم لا حوله …
كل جرح لم يشفى يعود متنكرا في شكل سلوك أنت نفسك تستنكره !


لن ينجح التسامح في طمس ” الذاكرة الشعورية”مهما روج لذلك من فضائل أن تسامح دون أن تعي حجم الضرر الذي ألحق بك يعد خيانة صامتة لجزء فيك لازال يئن ،الجرح الغير متشافي يحمل كل بيانات الألم وسيعيد تدوير الألم في علاقاتك القادمة
لتعيش نفس السردية غالبا بأكثر حدة حتى لا تقوى على التجاهل من جديد.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.