السفر مدرسة لا تشبه أي كتاب بل عصارة خبرات وتجارب تخلقها الحياة

السفر مدرسة لا تشبه أي كتاب بل عصارة خبرات وتجارب تخلقها الحياة

بقلم/ نولا رأفت

السفر… منذ القدم، والإنسان يحمل شغفًا بالسفر، كأن داخله بوصلة خفية تدفعه لاكتشاف أماكن جديدة. السفر ليس مجرد انتقال من مدينة إلى أخرى، ولا مجرد صور نحتفظ بها في هواتفنا؛ بل هو تجربة تعيد تشكيل روحك، وتمنحك رؤية أوسع للحياة.

دروس بلا معلم، في السفر تتعلم أشياء لا يدرّسها أي كتاب: كيف تكون غريبًا بين وجوه لا تعرفك، وكيف تتواصل بلا لغة، وكيف تعود بذاكرة مليئة بمواقف بسيطة، لكنها لا تُنسى. دروس الطريق صادقة، لأنها تُعاش لا تُحكى، وتُشعرنا كم نحن صغار أمام هذا العالم الواسع، وكم نحن أغنياء بما نراه ونعيشه.

كسر الروتين، الاعتياد يقتل الشغف، والسفر يكسره. مجرد أن تسير في شارع لم تمشِ فيه من قبل، أو أن تتذوق طعامًا غريبًا لأول مرة، يوقظ في داخلك حياة جديدة. السفر يذكرك أن العالم أكبر من مشاكلك اليومية، وأجمل من جدرانك المعتادة.

لغة القلوب، قد تختلف اللغات والعادات، لكنك ستدرك أن المشاعر واحدة. ابتسامة طفل، أو مساعدة من عابر طريق، أو ضحكة مشتركة رغم اختلاف الألسنة، كلها تؤكد أن الإنسانية جسر لا يحتاج إلى ترجمة.

العودة بروح جديدة، عندما تعود من رحلة، لن تكون الشخص نفسه الذي غادر. تحمل في داخلك تفاصيل صغيرة تغير نظرتك للأيام: مقهى بسيط في مدينة بعيدة، غروب شمس رأيته من نافذة قطار، أو كلمة ودودة من غريب. كل هذه التفاصيل تشكّل داخلك، وتمنحك دفعة للاستمرار.

في النهاية، السفر ليس هروبًا من الحياة، بل طريقة لتذوقها من زوايا مختلفة. هو نافذة نطل منها على العالم لنرى أنفسنا بوضوح أكبر، ونعود أكثر امتنانًا لما نملك، وأكثر شغفًا بما ينتظرنا.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.