الصمود الإلهي والجذوري .. نحو استيعاب أعمق للثبات الفلسطيني

الصمود الإلهي والجذوري .. نحو استيعاب أعمق للثبات الفلسطيني

في البدء كانت النكبة .. إعادة تدوير القراءة المأساوية

بقلم / مصطفى نصار

أي ما كان اتفاق قارئ هذا المقال فإنه سيتفق في أن النكبة نقطة محورية في تاريخ فلسطين بل و المنطقة العربية بوجه عام لا على كونها فاجعة في مدى الوحشية و الفجور في جرائم الحرب و الإبادة الجماعية التي ارتكبها الجماعات الصهيونية الإرهابية بل في كونها كتبت تاريخاً من الصمود و الثبات الذي يعجز عن وصفه الأقلام و يحير اللسان في نطقه الوصف المناسب له .

المقاومة ضرورة حتمية

و لعل ما يرسخ هذا الثبات و الصمود على أرض الواقع هو عدم الشعور بلحظة الاستقلال التى شعرت بها بقية الدول العربية والإسلامية حتى و لو كانت صورية في بعض البلدان و ذلك وفقًا لعالم السياسة جون ماكين .
فإكمالًا على نهج ماكين التحليلي ، فإن لحظة النكبة استشعار دائم بالاحتلال و جذوة المقاومة التي لن تجد مكانًا مناسباً لها إلا في وجود دولة مستقلة من النهر للبحر .
فالشعار نفسه من البحر للنهر دليل قوي ومستمر على إبقاء حيوية القضية في صدور الناس أو أهلها بمعنى أحرى و أدق ، توريثها هو الهدف أو السيف الذي يبقى المقاومة ضرورة حتمية لا مفر منها .

المنظومة التربوية والإسلامية

و تعزز الدكتور مها نصار هذا القول باعتبار أن ما يهم في الشعار الخاص من البحر للنهر في أنه واضح جلي يدلل على الجغرافيا والتاريخ الثابت و الحقيقي الذي لن يتحقق بعد إلا بالتحرر أو الاستشهاد و هو خيار كلاهما رابح .
و ربحه لا يكمن فقط في المنظومة التربوية والإسلامية فيه بل أيضا في مدى رسوخ حالة الاستثناء التى تخضع الفرد بأكمله للاحتلال لفعل ما يحلو له به في دنياه .
الحالة الاستثنائية و صور الإذلال المعتمد ..نتيجة غير محسوب مردودها .

الاحتلال الشرعي

في كتابه حالة الاستثناء يسرد لنا الفيلسوف الإيطالي جورجيو أغامبين بمصطلح لافت للنظر حالة الإنسان الحديث و هو الإنسان الحرام أي ما يقع عليه الفعل ويكون موضع الفعل ألا وهو الخضوع أي الإنسان في تلك الرؤية خاضع محرم .
ولكي تتضح الصورة بصيغة أكثر دقة و موضوعية ، فإن انسان فلسطين بهذا المعنى خاضع بالمعنى القانوني و الإنساني لدولة الاحتلال ، أي يفعل به ما يريد و يشاء فالفلسطيني بهذا الشكل ملك دولة الإحتلال الشرعي .

زراعة وفلاحة ومقاومة مسلحة

و لهذا يؤكد الباحث في الحركة الصهيونية توماس سواريز أن الدولة الحديثة هي من منحت ذلك الحق بالقانون الدولي لدولة الاحتلال عندما اعترفت بها في عام ١٩٤٨م.
و هنا تأتي جذوة المقاومة باعتبارها ثباتًا وصمودًا بمدى الاستمرارية و التواصل العضوي بين النظرية و التطبيق منذ الانتفاضة الأولى حتى الطوفان المبارك .
و إعادة توالد الأفكار وتبنى قيم الشفافية وتفادي الأخطاء في أبسط المجالات من أول الزراعة و الفلاحة حتى المقاومة المسلحة تربط بين جوهر الشيء و سطحه لنقلها عبر الأجيال كما يؤكد ذلك حتى الفيلسوف نعوم تشومسكي.

lpl]

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.