الميتافيرس….بقلم/شريف البحيري

بقلم/شريف البحيري

أنها فرصتى لأجرب الجهاز الجديد، أشتريته بالأمس وفضلت تجربته بمفردى،
أرسلت رسالة على برنامج الواتس آب وطلبت أجازة عارضة لمدة يومين،
حاولت زوجتى الأستفسار منى عن السبب الحقيقى للأجازة لكنى لم أجيبها بما يطفىء نار سؤالها،
أخفيت الحقيقة عنها، الآن نزلت هى لعملها والأولاد لمدرستهم، لأعد كوبا من النسكافيه وأبداء التجربة المثيرة.
أتخذت مكانى على المقعد الكبير فى الصالة الرئيسية بالمنزل،
الهدوء يحيط بى فلقد أغلقت جهاز التلفاز ووضعت الهاتف بعيدا عنى ووضعته على الوضع الصامت،
سوف أصبح من أوائل الناس الذين أستخدموا هذا الجهاز،
لأبداء التجربة المثيرة ولأنسى الآن التحذيرات التى سمعتها من البائع وطلب منى قراءتها بعناية من دليل الأستخدام قبل إجراء التجربة.
أجلس الآن فى وسط الغرفة، أراها بوضوح، شعور غريب، كأنى كائن فضائى،
لأجرب الآن الأفاتار الأول الشخصية الأفتراضية الأولى لى، يتجه الأفاتار إلى غرفة النوم، أنه لمذهل جدا،
أتحرك بكل سهولة فى غرفة نومى وأنا هنا فى الصالة، أتحدث كأنى أحد أفراد الأعلانات المترجمة، عظيم جدا،
التجربة الأولى نجحت دعه ينتقل إلى البلكون ويكمل شرب النسكافيه، لأعد مفاجأة أخرى وأرسل أفاتار ثانى إلى شركتى،
أتوقع أن يفقدوا وعيهم عندما يجدونى بجانبهم، أدخل من باب الشركة، القى التحية على الجميع،
أصيب زميلى فى إدارة الموارد البشرية بالذهول وجحظت عيناه من المفأجاة كأنه رأى متوفى عائد للحياه،
أخبرته أنى أفاتار تخيلى موجات تتصاعد ذو أبعاد ثلاثية أتيت لأوادى عملى وأنا فى منزلى، لم يستوعب بعد ما قلت،
وتركنى بعد أن سمع أفاتار خواطره وهى تسبنى، تجمع حولى زملائى وأرتسمت السعادة على وجوههم،
وزميلاتى غير مصدقن لما يرين، إحداهن طلبت أن تكون أفاتار يعد الطعام بالمطبخ لحين عودتها من العمل،
وأخرى طلبت أفاتار يحضر الأولاد من المدرسة ويذهب بهم للتمرين بالنادى،
نجاح التجربة جعلنى أترك أفاتارى الثانى يستمتع بوقته بالعمل، وأذهب بأفاتر جديد إلى باريس،
الرحلة التى تمنيتها، بلاد الأنس والجن كما وصفها نور الشريف فى مسلسل أوديب، لا أصدق نفسى أنا الآن أمام برج أيفل،
لا يشعر الأفاتار ببرودة الجو، ولكنى بدأت أشعر بها، لايهم الأن سوف أتحملها قليلا، لن أستمر لوقت طويل،
أنها رحلة تمنيتها منذ الصغر سوف أجعل الأفاتار يتجول فى أنحاء العالم كله يوميا فى بلد مختلف،
والآن لأودىء الرحلة المقدسة، أنها فرصة أن أسافر لأداء العمرة فى وقت مناسب لى ودون زحام فى أرض الحرم الشري
أشعر بجلال وهيبة المكان، لكن هل يقدر الأفاتار قدسية هذه الزيارة وخصوصيتها.
رسمت أبتسامة على شفتى، وبدأت فى هز نصفى الأسفل بسعادة وأنا أجلس على الأريكة بجوار النافذة،
وكلمت نفسى طربا كأنى أغنى على أنغام موسيقى أغنية مشهورة، أنا أصبحت أربع أشخاص أتجول فى العالم كيف أشاء،
أفعل فى يوم واحد ما كنت أود أن أفعله فى سنوات، سوف أغزو العالم من موضعى هذا.
فجأة سقط الأفاتار الباريسى على الأرض بعد أن حاول تسلق سور الكوبرى ومنعه رجل الشرطة،
يلف الأفاتار على الأرض متألما، يدى اليمنى تؤلمنى يبدوا أنها قد كسرت،
فى نفس اللحظة صرخ الأفاتار الموجود فى حجرة النوم، أصبحت أصرخ أنا فى الصالة وأفاتارى يصرخ فى الغرفة الداخلية،
تجمع زملاء العمل حول مكتب الأفاتار الذى ظل يصرخ هو الآخر بدون سبب مفهوم لهم،
حاولوا مساعدته لكنه خاف منهم وحاول الهرب فسقط فكسرت يده اليسرى، أرتفع صراخى وصراخ الأفاتار الثانى بغرفة النوم، أسمع طرقات على باب الشقة، لا أستطيع أن أرد عليهم لا بد من أستدعاء الأفاتارات المصابة أولا كيف أستدعيهم ويداى لا تتحرك، أفاتار الأراضى المقدسة محاط بمجموعة من الجنود السعوديين وعمال النظافة من مختلف بلاد أسيا،
فاردا ذراعيه يصرخ من ألم بهما، دائرة كبيرة من البشر أحاطوا به، فكر فى الهرب جريا وعلامات الفزع على وجهه ويداه أمامه فأختل توازنه وإنزلقت قدمه وصرخ فصرخت معه وصرخ كل أفاتار فى أنحاء الدنيا،
يزداد صوت الطرقات على باب شقتى الصرخات تتعالى من الداخل أنا وأفاتارى،
والآخر الباريسى أبضا سقط على الأرض بسقوط أفاتار الرحلة المقدسة وسط دهشة الجنود الفرنسيين،
وتجمع عدد كبير من أفاتارات مختلفة لا أعرفهم كانوا يزورون باريس فى نفس الوقت ما أن شاهدوا أفاتارى مصاب ويتألم من أصابته حتى بدأو الأنسحاب واحد تلو الآخر، وحاصؤ رجال المطافىء والأسعاف مكان سقوط الأفاتار.
لا أستطيع الحركة يداى الأثنين مكسورتان وقدمى أيضا يبدوا أن بها إلتواء شديد، أكتم ألمى وأبلع أهاتى،
أشاهد أفاتاراتى فى كل بلد محاطة بالناس الكل ينظر لهم بشك وريبة، لا أستيطع توقع ردة فعل أى من الجنود المحيطة بأفاتاراتى، لا أعلم كم من الوقت مر وأنا بهذه الحالة، فى وسط هذا الضجيج سمعت زوجتى تطلب من الجيران الهدوء وهى تحاول فتح باب شقتنا وأستعصى المفتاح للدخول بموضعه كأنه أبى إلا أن يزيد عذابى،
وجدتنى زوجتى ملقى على الأرض فى وسط الصالة وتسمع صوتى فى الغرفة الداخلية، فاصيبت بأرتباك فإلى أين تتجه!،
زاد فزعها شكلى كأنى كأئن فضائى وأنا أرتدى جهاز الميتافيرس، سمعتها وهى تصرخ فى مستفسرة عما حدث وسبب تجمع الجيران وما هو مصدر الصرخات الشيطانية التى تصدر من شقتنا، لم أجيبها من شدة الألم والخوف،
حاولت هى خلع جهاز الميتافيرس، فنهرتها، وأفهمتها أنه لابد من أستدعاء الأفاتارت أولا وإلا اصبح أحدهم عالقا فى بلاد العالم بدون هوية وقد لا أستطيع أن أسيطر عليه مرة اخرى وإذا حدث له شىء أو مات أموت أنا أيضا،
فطلبت منى سرعت أستدعائهم، فشرحت لها خجلا أن يداى مكسورتان، لم تستوع فى البداية سبب أصابتى،
أستسلمت فى نهاية الأمر وبدأت تنفيذ تعليماتى وهى تكتم غيظها بما فعلته من أفعال صبيانية وما سببته لها من فضيحة وسط الجيران، تغافلت عن توبيخها المستمر وأرشدتها لمفتاح أحمر اللون على جانب الجهاز نستطيع به أستدعاء الأفاتارات،
فطلبت هى أن يكون الأول هذا العفريت الذى يسكن غرفة النوم، فكان لها ما آرادت، وأستدعيت الآخرين وأنهيت رحلتهم.
طلبت لى سيارت أسعاف وتم إجراء عدة عمليات جراحية لعلاج الكسور بعظام جسدى، بعد أيام عدت لمنزلى على كرسى متحرك تدفعه زوجتى أمامها، بعد أن قدمت فى مقر عملى طلب لى لأجازة مرضية وطلب آخر فى مقر عملها لمرافقة مريض لمدة شهر حتى تستطيع علاجى من أصابات الأفاتار.
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.