الهويّة و الهاوية في المجتمع المصري

بقلم: أسماء عيسوي

منذ قديم الأزل والمصري القديم يفخر بانتمائه لوطنه و موطنه، وهنا يحضرني قول الله تعالى في سورة الزخرف

بسم الله الرحمن الرحيم

“ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون” صدق الله العظيم,

فلكم أن تتخيلوا مدى عظمة مصر التي تجعل من يحكمها يظن نفسه إله!,

فالنزعة المصرية أصيلة متأصلة في كل مصري منذ أجدادنا القدماء.

وأما عن الهويَّة المصرية فحافظ عليها الطبيعة الجغرافية لمصر التي تميزت بوجود نهر النيل، الذي جمع المصريين

حوله فوحّدهم وألف بين فئاتهم مما أدى إلى انصهار واندماج كل  ما يتواجد داخلهم أو يطرأ عليهم.

أيضا الوحدة الحضارية المتمثلة في الطابع الثقافي الموحد و المميز والذي كان بمثابة الدرع الذي

حافظ على الشخصية الوطنية المصرية.

فبالرغم من حملات الاستعمار التي توالت على مصر إلا أنها مازالت متمسكة بهويتها ولغتها،

بل هي من فرضت على الغرب التأثر بها و النقل عنها .

وهنا لا ننكر دور العلماء والمفكرين في الحفاظ على التراث الفكري والديني من خلال الكتابة والتأليف والتراجم.

وإن ما نشهده اليوم من انحطاط مجتمعي وفساد أخلاقي؛ لهو دخيل على المجتمع المصري

ولا يمت للمجتمع المصري بصلة، فالمجتمع المصري متدين بطبعه يتمسك بالعادات ويحافظ على التقاليد.

ولا أنكر أنه ليس وليد اليوم ولا الأمس ولكنه وليد الأزمات المفتعلة و الناجمة عن الثورات السياسية في الآونة الأخيرة،

وبث مخططات الدول العظمى لمحو القيم والأخلاق والعلم من الدول النامية،

من خلال فرض أجنداتها السياسية وإحكام السيطرة عليها من خلال المنح والمعونات المقدمة

وقروض صندوق النقد الدولي المشروطة.

والعمل على متابعة تلك السياسات  ومراقبتها، فنجد الاختلال قد طال كل ركن من أركان تلك الدول سواء العلم أو الدين،

بدعوى نشر الحضارة وترسيخ دعائم الديمقراطية ونشر الحرية وللأسف لقد استطاعت تلك الدول العظمى ؛

فرض إرادتها على الدول النامية بحجة التطور ومواكبة العصر ونشر ثقافتها الملعونة التي أباحت الشذوذ

وروّجت لشتى أنواع المحرّمات تحت مسمى التسلية والترفيه.

وهنا لن أتطرق لأي من الدول سأكتفي بالحديث عن المجتمع المصري وما آل إليه .

ذلك المجتمع الذي كان يتكون من ثلاث طبقات مجتمعية ( غنية, متوسطة, فقيرة) ،

اليوم تلاشت الطبقة المتوسطة وأصبح يتكون من طبقتين (غنية فاحشة الثراء وفقيرة مقفرة )

ولكم أن تتخيلوا معي ما الذي سوف نعانيه وينتظرنا!

ولا تنسوا نبوءة العرّاب أحمد خالد توفيق الذي تنبأ بما نحن عليه اليوم ونعاني منه،

في روايته الشهيرة (يوتوبيا) المدينة التي يبنيها الأثرياء ذات أسوار عالية وأبواب محصَّنة

وحراسة دائمة من جنود المارينز المتقاعدين.

فالحياة داخل يوتوبيا مختلفة تمامًا عن خارجها، حيث الجهل والمرض والأوبئة والفقر المدقع

وتنتهي الرواية باندلاع ثورة على يوتوبيا من الطبقة الفقيرة وأظن أنه تجلّت أمام أعينكم صورة المدينة المقصودة!

والآن دعوني أخبركم بما رأيت بالأمس أثناء تصفحي لأحد مواقع التواصل الاجتماعي

رأيت مسابقة لملكة جمال الساحل (الشرير) تخيلوا بالبكيني أي مدى وصلنا إليه وما هو حال آبائهن

حتى يلهون هكذا بلا خجل أو حياء ؟!

فيا أيُّها المواطن المصري الأصيل الالتزام الالتزام والتمسُّك بالعلم والدين

فو الله إنهما لكافيان لتماسك الأمة والحفظ من الشرور والآثام .

وفي الختام أذكركم ونفسي بكلام الرحمن يقول الله تعالى في سورة الروم :

(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )

وقوله تعالى في سورة لقمان

( يا أيُّها الناس اتقوا ربَّكم واخشوا يومًا لا يجزي والدٌ عن ولده ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئًا إن وعد الله حقٌّ فلا تغرنَّكم الحياة الدنيا ولا يغرنَّكم بالله الغرور )

صدق الله العظيم والسلام.

..

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.