بين السياق التقني والتشويه الإعلامي: وزارة الاتصالات توضح حقيقة كارثة رمسيس
كتب باهر رجب
وزارة الاتصالات تكشف حقيقة تصريحات الوزير: سياق فني وليس ترويجا للكفاءة
الخلاف في صميم التصريح
أصدرت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بيانا توضيحيا أكدت فيه أن تصريحات الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات، بشأن “زيادة كفاءة الإنترنت بعد حريق سنترال رمسيس” تم اقتطاعها من سياقها الفني و تحوير معناها بشكل غير دقيق. وجاء التوضيح ردا على تداول وسائل إعلام ومستخدمي مواقع التواصل لتصريحات الوزير على أنها إشادة بتحسن الخدمة رغم الكارثة، بينما كان سياق كلامه تقنيا بحتا .
نص التصريح الكامل والسياق المفقود
خلال جلسة لجنة الاتصالات بمجلس النواب، أوضح الوزير طلعت:
“ربما ثار رأي أن كل المنظومة المعلوماتية في مصر معلقة على سنترال رمسيس… وهذا غير صحيح. الخدمة استمرت بعد انهياره… بل زادت كفاءتها لأنها استقبلت أحمالا و كثافات فوق المعتاد” .
وفقا للوزارة، كان التركيز هنا على مرونة الشبكة وقدرتها على تحمل ضغط غير مسبوق، وليس “تحسين الأداء” كما فسر خارج السياق. إذ شهدت الشبكة بعد الحريق زيادة بنسبة 40% في الأحمال نتيجة تفاعل المستخدمين مع الحدث، وتحملت هذا العبء دون انهيار كلي .
السياق الفني:
كيف تقاس الكفاءة بعد الكوارث
أشار البيان إلى أن الوزير تحدث بلغة المتخصصين في الاتصالات، حيث تقاس الكفاءة في مثل هذه الحالات بمعيارين:
1. استمرارية الخدمة رغم فقدان عنصر رئيسي (سنترال رمسيس).
2. القدرة على استيعاب الصدمات مثل الزيادة المفاجئة في الأحمال.
وهذا ما تحقق بشبكة مصر، التي تعتمد على منظومة معقدة من السنترالات المترابطة وليست مركزا واحدا، مما سمح بنقل حركة الإنترنت الثابت إلى “سنترال الروضة” خلال ساعات .
التأثيرات الحقيقية للحريق: انقطاع جزئي وليس تعظيما للكفاءة
رغم توضيح مرونة الشبكة، كشفت الوزارة عن تأثيرات ملموسة للحريق:
– انقطاع جزئي للإنترنت الأرضي والهاتف الثابت في مناطق وسط القاهرة والجيزة.
– تعطل مؤقت لخدمات مثل “فوري” و”إنستاباي” وبعض ماكينات الصراف الآلي.
– تعليق تداول البورصة المصرية ليوم واحد .
و أكدت أن الخدمات عادت تدريجيا وفق خطة أولوية شملت:
1. خدمات الطوارئ (الإسعاف والدفاع المدني).
2. المعاملات المصرفية.
3. خدمات الصوت والبيانات .
كيف اندلع الحريق ولماذا انتشر بسرعة
كشف الوزير أن الحريق بدأ في الطابق السابع بالمبنى، الذي يضم صالات مشغلي الاتصالات، وانتشر عبر قنوات تمرير الكابلات التي أصبحت “منافذ للنار”. وأدى ذلك إلى تدمير كابلات رئيسية و سيرفرات حيوية، رغم وجود إجراءات السلامة .
السياق الأوسع: انتقادات برلمانية وإجراءات طارئة
واجهت الحكومة انتقادات حادة من مجلس النواب، وصف خلالها رئيس المجلس المستشار حنفي جبالي الحادث بأنه “خطأ جسيم” خاصة بعد سقوط 4 قتلى و 27 مصابا . كما طالب نواب بإعادة هيكلة البنية التحتية الرقمية، وهو ما استجابت له الحكومة عبر:
– تشكيل لجنة بتكليف رئاسي للتحقيق في الحريق.
– التخطيط لإنشاء مبنى بديل لسنترال رمسيس .
الدروس المستفادة:
من الشائعات إلى تعزيز البنية التحتية
أثار الحريق موجة شائعات، منها التحذير من استخدام تطبيقات الدفع الإلكتروني، وهو ما نفاه الخبراء، مؤكدين أن أنظمة مثل “إنستاباي” تعتمد على مراكز بيانات موزعة جغرافياً وليست مربوطة بالسنترال . كما كشف الحادث عن:
– ضرورة توزيع المراكز الحيوية على نطاق أوسع.
– أهمية رفع الوعي التقني لدى المستخدمين.
– الحاجة إلى بنية سحابية للخدمات المالية .
الخلاصة: الفهم التقني قبل التحليل الإعلامي
تؤكد هذه الواقعة أن تعقيدات قطاع الاتصالات تتطلب فهما دقيقا للسياق قبل نشر التصريحات. فالكفاءة التي قصدها الوزير هي “قدرة النظام على الصمود” وليست “تحسين الجودة”، وهو تمييز حيوي لفهم استجابة مصر لأزمة هزت بنيتها الرقمية، لكنها كشفت أيضا عن نقاط قوة في تشابك شبكتها. اليوم، وبعد 24 ساعة من الحريق، عادت 90% من الخدمات، لكن الطريق لتعزيز البنية التحتية يبدأ بإدراك أن الحقيقة التقنية لا تختزل في عناوين.