تحديات قضايا اللاجئين وتأثيراتها على مصر

تحديات قضايا اللاجئين وتأثيراتها على مصر

 

 

تعتبر قضية اللاجئين من أكثر الأزمات التي تمثل تحديا يواجهه المجتمع الدولي، وذلك مع شدة النزاعات الداخلية الدولية وتعرض اللاجئين للإضطهاد نتيجة أحداث سياسية تمر ببلدانهم.

 

كتبت: مها البديني

 

تأثرت مصر بظاهرة تزايد اللاجئين وخصوصا مع أزمة الصراع في دولة السودان الشقيق بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي تسببت في نزوح أعداد غفيرة إلى مصر هربا من الإضطهاد والقتل فضلا عن زيادة الإنتهاكات الإنسانية الصارخة لحقوق الإنسان، وأصبحت مصر هي الملاذ الأول والأقرب والآمن للأهالي من الحرب والإقتتال الذي عرض حياتهم وحياة ذويهم للخطر، ومع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة نزح عدد كبير من الفلسطنيين إلى مصر بحثا عن الأمان حيث أصبح استهداف المدنيين على مرأى ومسمع من العالم، وانضمت كتلتي اللاجئين والنازحين السودانيين والفلسطنيين إلى السوريين الذين تعايشوا في مصر واندمجوا في المجتمع المصري.

 

تعريف اللاجئين

شكلت موجات اللجوء الجماعي على الدول المضيفة وخصوصًا مصر،عبأ إقتصاديا وإجتماعيا وسياسيا بما تحمله من مسؤوليات وحقوق وواجبات، فضلا عن إساءة البعض لنظم اللجوء والتنقلات بما يمثل تهديدا أمنيا يتطلب التنظيم، وتسببت موجات اللجوء في زيادة الكثافة السكانية التي تمثل عبأ رئيسيا على الدولة يتطلب حرصًا دائمًا لتوفير الإحتياجات من جهة وإتباع وإحترام لوائح وقوانين الدولة المضيفة من جانب اللاجئين من جهة أخرى.

People gather at the station to flee from Khartoum during clashes between the paramilitary Rapid Support Forces and the army in Khartoum, Sudan April 19, 2023. REUTERS/El-Tayeb Siddig

لم يرد تعريف محدد متفق عليه للحماية الدولية للاجئين في أي وثيقة دولية، فالأسباب والظروف المؤدية لظهور الحاجة للحماية قد تكون هي نفسها المؤدية للجوء، فالحماية الدولية للاجئين مرتبطة بتعريف اللاجئ باعتبار أنه يحتاج إلى الحماية الدولية.

 

تعرف اتفاقية عام 1951 لحقوق اللاجئين -الصادرة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون للاجئين- كلمة “لاجىء” بأنه شخص له حقوق في حرية العقيدة والتنقل من مكان إلى آخر وله الحق في الحصول على التعليم ووثائق السفر وإتاحة الفرصة للعمل، وتشدد الإتفاقية على ضرورة إلتزام الحكومات المضيفة بحماية اللاجئين وعدم جواز إعادتهم إلى بلدانهم مرة أخرى، والمصطلح القانوني هو الحظر أو الرد خشية العودة لبلدانهم الأصلية والتعرض إلى الإضطهاد.

 

الفرق بين المهاجر واللاجىء

وفي نفس السياق، علينا التفرقة بين المهاجر واللاجئ، فالمهاجر هو الشخص الذي هاجر من بلده بإرادته من إجل الإنتقال من مكان إلى آخر، حيث أن الدولة المضيفة غير ملزمة بتقديم حماية خاصة له، بعكس اللاجىء الذي يتمتع بحصانة دولية فاللاجىء هو الشخص الذي اضطر للتنقل والفرار خشية التعرض للإضطهاد أو الخطر وهو تحت رعاية الدولة المضيفة.

 

ومع ديناميكية ظاهرة اللاجئين التي كانت تمثل ثقلا واضحا في الدول الأوروبية والآسيوية، فقد أكدت الحاجة الملحة لمراجعة الآليات المعمول بها في مصر بعد تزايد حالات اللجوء في السنوات الأخيرة كون التعامل مع تلك الظاهرة كان يتركز في مناطق محددة ذات طبيعة مخصصة.

 

وضع اللاجئين في مصر

تعتبر مصر على مر التاريخ الملاذ الآمن والمقصد الأفضل لعبور اللاجئين من جميع الجنسيات العربية والأفريقية.

 

استقبلت مصر النازحين من دولة ليبيا الشقيقة عام 2011 بعد ارتفاع وتيرة الهجمات المسلحة في الثورة الشعبية، كما استقبلت مصر في العام نفسه السوريين الفاريين من الصراع المسلح في الجمهورية العربية السورية، ومنذ العام السابق وحتى الآن تستمر تدفقات الطلبات للجوء لمصر من الدول الأفريقية، ومن دولة السودان، حيث تستضيف مصر اللاجئين والذي يعيشوا داخل المناطق الحضرية للمدن الكبرى، مما تسبب في تضخم سكاني في بعض المناطق.

 

تقدر المنظمة الدولية للهجرة في تقرير صدر في أغسطس عام 2022 ، أعداد المهاجرين الذين يعيشون في مصر ب 9 ملايين شخص من 133 دولة يعيشون في مصر في المناطق الكبرى والحضري وسط تواجد لإختلافات إجتماعية وإقتصادية وسياسية ودينية وعرقية مختلفة.

 

تستضيف مصر أكثر من 670 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين من 62 جنسية مختلفة. مع نهاية أكتوبر 2023، أصبحت الجنسية السودانية هي الأكثر عدداً يليها الجنسية السورية، تليها أعداداً أقل من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، واليمن، والصومال، والعراق.

 

وصل عدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية إلى 387,071 لاجئاً من السودان و156,444 من سوريا و43,031 من جنوب السودان و36,813 من إريتريا و18,419 من إثيوبيا و8,677 من اليمن و8,046 من الصومال و5,683 من العراق وأكثر من 54 جنسية أخرى.

 

ووفقا لتقديرات الخبراء فإن الإحصائيات الغير رسمية تشير إلى وجود حوالي 2 مليون سوداني في مصر ، ليصبح السودانيون هم الجالية الأكبر عددا في مصر.

 

تحديات قضايا اللاجئين في مصر

تشكل قضية اللاجئين عبأ على الكثافة السكانية في مصر مع الزيادة المطردة سنويا، كما يمثل ذلك تحديا وضغطا هائلاً يُلزم الحكومة المصرية بدارسة التحديات ووضع خطط إستباقية، لما تثيره قضية اللاجئين من مشكلات أمنية وإنسانية وإقتصادية وقانونية، أوجب وضع خطط مدروسة تتعلق بالحقوق والواجبات، مع الأخذ في الإعتبار التغيرات القائمة نتيجة تواجد اللاجئين ووجود تغير ديموغرافي لامحالة، فاللاجىء بجانب تمتعه بحماية دولية وخدمات متاحة وبنفس التكلفة للمواطن المصري فهو يشكل ضغطا على المرافق العامة كما تسبب تواجد اللاجئين في ارتفاع الأسعار لبعض الخدمات المتاحة للمواطن المصري في ظل أزمة اقتصادية راهنة.

 

إجراءات الحكومة المصرية لاحتواء اللاجئين

ومن الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية لاحتواء اللاجئين، منها موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون بإصدار قانون لجوء الأجانب، وتضمن مشروع القانون أن يلتزم اللاجئون وطالبو اللجوء بتوفيق أوضاعهم طبقًا لأحكام هذا القانون خلال سنة من تاريخ العمل باللائحة.

 

وقد بدأت الحكومة المصرية إجراء تقنين أوضاع اللاجئين والمهاجر في مصر لحصر أعدادهم،

ومعرفة ماتتحمله الحكومة مقابل ما يتم من تقديمه من خدمات في مختلف القطاعات.

 

الميزانية المُقدمة من المفوضية السامية للاجئين في مصر

الجدير بالذكر، أنه تم تمويل 30% فقط من المبلغ المطلوب لميزانية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بمصر بمعدل 55,6 مليون دولار من أصل 151,4مليون دولار، وفقا لتقرير المكتب الإعلامي للمفوضية، وهو مايوضح حجم الضغط الإقتصادي على مصر باعتبارها الدولة المضيفة، حيث لاتستطيع الحكومة المصرية والمجتمع المدني تحمل هذا العبء، وعلى ذلك يجب أن يكون هناك إستجابة دولية قوية لمعاناة اللاجئين وتقديم المساعدات والدعم الأساسي لإعانتهم وذلك مع دور مصر الرشيد في إحتواء اللاجئين ورعاية وحماية حقوقهم.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.