ترقب وتحدي .. الدافع الحقيقي وراء إنجاز اتفاق غزة
تتجه الأنظار إلى الاتفاق بين إسرائيل وحماس، وكيفية ترجمته على أرض الواقع، في ظل تعقيدات المشهد والتحديات، ويبقى السؤال الأهم: هل سيفتح هذا الاتفاق الباب أمام مرحلة استقرار طويلة الأمد في غزة، أم سيكون مجرد هدنة قصيرة الأجل سرعان ما تنهار تحت وطأة الضغوط السياسية والميدانية؟
كتبت- دعاء علي
ورغم التفاؤل النسبي، يواجه الاتفاق تحديات كبيرة تتعلق بتنفيذه على الأرض. فإلى جانب الترتيبات الأمنية، تبرز قضايا مثل إعادة الإعمار، ومستقبل العلاقات بين حماس والسلطة الفلسطينية، والدور المتوقع للدول العربية في تعزيز الاستقرار، إلى أن الاتفاق لن ينهي الصراع، بل سيعيد تشكيل قواعده، نتنياهو يسعى إلى تغيير جذري في الوضع الأمني في غزة، بينما تدرك حماس أن أي وقف لإطلاق النار سيُنظر إليه كفرصة لإعادة ترتيب أوراقها.
مع دخول الحرب في غزة عامها الثاني، يبدو أن الظروف تتجه نحو إعلان اتفاق وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحركة حماس. هذا التطور يأتي في ظل تغيرات إقليمية ودولية قلبت الموازين، وأعادت صياغة أولويات الأطراف المعنية.
وتواجه حكومة بنيامين نتنياهو ضغوطًا هائلة على أكثر من جبهة داخليًا، يضغط اليمين المتطرف بقيادة شخصيات مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير على نتنياهو، متهمين إياه بتقديم تنازلات “خطيرة”، منها الانسحاب من مناطق مثل محور فيلادلفيا، التي كانت تُعتبر حيوية لأمن إسرائيل.
إلا أن نتنياهو يعاني من ضغوط متعددة تشمل القضاء، عائلات الأسرى الإسرائيليين، المعارضة السياسية، وحتى الإدارة الأميركية، ويحاول الموازنة بين هذه الضغوط، لكنه يعلم أن النجاح في عقد الاتفاق قد يعزز مكانته السياسية، خاصة في ظل التحديات الداخلية التي تهدد بقاءه في الحكم”.
الظروف التي تحيط بالمفاوضات الحالية تختلف جذريًا عن السنوات السابقة. فقد أثّر مقتل يحيى السنوار، قائد المكتب السياسي لحماس، وإضعاف المحور الإيراني، على حركات الصراع، ناهيك عن أهمية التوقيت بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تسعى إدارة بايدن لتحقيق إنجاز سياسي قبل انتقال السلطة إلى دونالد ترامب، من جهته يريد ترامب تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط للتفرغ للملف الإيراني.
وترى حماس ان الاتفاق يعتبر مكاسب وسط الضعف، بالرغم من تراجعها العسكري والمالي الكبيرين بعد 15 شهرًا من الحرب، إلا أنها تسعى لتقديم أي اتفاق كإنجاز سياسي وشعبي، والاتفاق المتوقع يشمل الإفراج عن ألف أسير فلسطيني، بينهم 170 من ذوي الأحكام العالية، وهذا الاتفاق إنجاز نابع من تضحيات الشعب الفلسطيني، رغم أن الحركة تمر بأضعف حالاتها منذ سنوات.
على الجانب الآخر، يبدو أن إسرائيل تتعامل بحذر شديد مع “اليوم التالي” للاتفاق. منذ أحداث 7 أكتوبر 2023، أصبح الإسرائيليون أكثر تشددًا تجاه الضمانات الدولية، ولا يثقون بأي شريك فلسطيني. ويتوقع أن تشمل الترتيبات الأمنية تعزيز المناطق العازلة لضمان السيطرة الإسرائيلية على الوضع.
أما الأطراف الدولية والإقليمية، فقد كشف الاتفاق المتوقع عن تنافس كبير بينها، إدارة بايدن ترى في الاتفاق فرصة لتعزيز نفوذها في المنطقة، بينما تسعى إدارة ترامب المقبلة لإثبات قدرتها على تحقيق إنجازات حاسمة. أما قطر ومصر، فتعملان على ترسيخ دورهما كوسطاء أساسيين في هذا الملف.
كل الاطرف تسعى لاقتناص الفضل في هذا الاتفاق؛ إدارة بايدن ترى فيه نجاحًا دبلوماسيًا، في حين أن ترامب سيعتبره تمهيدًا لمرحلة استقرار جديدة في المنطقة.
المؤشرات الحالية تشير إلى أن التغيرات الإقليمية والدولية قد تكون الدافع الحقيقي وراء إنجاز هذا الاتفاق، لكن ما يحدث “اليوم التالي” سيحدد إذا ما كان هذا الاتفاق سيكتب فصلًا جديدًا في الصراع، أم سيعيد الجميع إلى نقطة الصفر.