جنى و جنّية الأعماق

الكاتب: محمد عبد المرضي منصور

سافرت جنى إلى جدّها  لقضاء العطلة الصيفية معه في مصر،

وأحضرت معها ساعة رقمية ناطقة هدية للجد.

فرحت جنى عندما رأت جدها فهي ما لمست يداه  منذ العطلة الصيفية الماضية،

ولكنها تتواصل معه إلكترونيا عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي،

فقضت جنى يوما سعيدا مع جدها وجدتها وفي اليوم التالي ذهبوا جميعا إلى حديقة الأشجار الكبيرة

في جزيرة العجائب وسط النهر الكبير.

فرحت جنى بالأشجار والورود والنباتات والطيور العجيبة في حديقة الأشجار،

وأخذت تتراقص وتتمايل وتقول: “أُحبك جدّي أحب العجائب، أحبُ الورود وكلُّ الغرائب”

والجد مبتسما سعيدا، ثم قالت : سأذهب إلى جولة داخل الحديقة يا جدّي ثم أعود إلى هنا عند تمثال الزوابع،

وافق الجد سمير قائلا: لا مانع يا حبيبتي وسأتصلُ بكِ على هاتفك المحمول إذا استدعى الأمر،

فذهبت جنى وراح الجد في نومٍ عميق.

أخذت جنى تشاهد المناظر الرائعة حتى شاهدت ثلاث شجرات كبيرات،

فقالت كل شجرة منهن بعدما فتحت جذعها:  تعالي يا جنى، فوجدت جنى مدخل دائري

في شجرة الصنوبر العالية ذات الرائحة الزكية، فدخلت لتجد مركبة الأعماق الصفراء

ذات الأجنحة الست تعرض عليها نزهة داخل المملكة.

فركبت جنى على المقعد البرتقالي وأخذت تتأمل في جمال المركبة من الداخل،

ثم وضعت هاتفها المحمول على الوريقة الحائرة لتصوير المشاهد الرائعة في رحلة الأعماق،

ثم قالت للمركبة: هيا انطلقي يا عزيزتي.

فغاصت المركبة في الأعماق، وجنى تضحك وتقول” هيا هيا أسرَع أسرَع”،

ثم انحنت المركبة يمينا ويسارا لتداعب جنى، وجنى تضحك وتضحك، حتى وصلت إلى ملكة الكنوز فسلمت عليها،

ورحَّبَت بها الملكة أيضا ، ثم قالت الملكة: أنا أُقدِّم هدية المملكة للمجتهدين والمجتهدات والطيبين والطيبات،

وأعطتها سلسلة الطاقة.

ثم اصطحبت جنى إلى نزهة الأعماق، فدخلت جنى  مكتبة التاريخ العربي الجميلة،

وفرحت كثيرا لأنها تحب التاريخ واللغة العربية، ثم جلست على  مقعد العلم تتصفح كتاب

(أصل اللغات بالأدلة والإثباتات) الذي يوضح  بداية كل اللغات وكيفية نشأتها،

فعلِمَتْ الكثير والكثير عن اللغة العربية لغة العجائب.

وعندما أنهت قراءة الكتاب، قال لها مسئول المكتبة لقد أتمت الملِكة قراءة  كتابها أيضا،

تعجَّبَت جنى كثيرا؛ فلقد نسِيَت أنَّها في رحلة الأعماق لأنها تعمَّقت في الكتاب الجميل،

ثم قالت:” هيا أيتها الملكة العظيمة فأنا مشتاقة إلى التجوّل في المملكة”،

ثم ركبا مركبة الأعماق وغاصا داخل المملكة الوردية حتى وصلا إلى ثعبان البيان الضخم،

فسلَّما عليه، كما رحَّب بهما الثعبان كثيرا فأخذهما فوق رأسه الكبيرة.

أخذ الثعبان يتجول بهما و جنى تنظُر يمينا ويسارا فترى مخلوقات عجيبة تدور،

وأخرى تتحرك لأعلى ولأسفل وأخرى تنحني بحركة دائرية عجيبة،

وتُصدر نغَمات لم تسمعها جنى من قبل،

فنظرت جنى إلى الملِكة ثم قالت:”ما هذه المخلوقات وكيف تصدِر هذا اللحن الجميل؟”

تبسَّمت الملكة وقالت:”إنَّ كل مخلوق له لغة يا جنى وهذا اللحن هو لُغة هذه المخلوقات،

كما أنَّها تُصدِر هذا الصوت من كل جَسدها، فهي كائنات تختلف عن البشر العُظماء،

كما أن هذه المخلوقات تسمع وترى ولكن عن طريق الموجات”.

ثم قالت الملكة:” هيا أيها الثعبان اتجِه إلى مصنع الطاقة”، فانحنى الثعبان ثم دخل إلى خندق الموجات،

حتى وصل إلى مدخل الطاقة العظيمة، فلم يُفتَح المدخل ، سمِعت جنى صوت غريب يقول: مَن أنتم،

فقالت جنى: أنا ضيفة الملِكة، فضَحِكت الملكة ثم قالت:” أعجبتني شجاعتك يا جنى”،

ثم نظرت بعينها إلى باب مصنع الطاقة ففُتِح الباب، ثم سمعا صوت يقول:” تفضَّلا”،

فزالت موجات الإعاقة و فُتِحَ الباب، فدَخَلَ ثعبان البيان، وأخذ يخترق الموجات الملونة وجنى تضحك،

فتارةً ترتدي النظارة فترى الأسلاك الذهبية، وتارةً تخلعها فلا ترى الأسلاك، وتقول:”هذا غريب هذا عجيب”.

رأت جنى موجات تتراقص فتصير دوائر صغيرة ثم تتطاير إلى عينَي ثعبان البيان فيصير

لون عيناه أجمل وأجمل حتى صارت عيناه كلؤلؤتين جميلتين ،

وهنا قالت الملكة:” الآن يا جنى لنذهب إلى المخلوقات العجيبة

حتى تمتص الموجات فهي سر حركتها، هيّا أيها الثعبان”.

خرج الثعبان إلى المخلوقات فخرجت الدوائر من عينيه وتحولت إلى موجات مُضيئة  أضاءت كل المملكة،

فرحت جنى كثيرا وقالت للملكة:” أنا سعدت جدا والآن أريد أن أُحدِّث جدّى فى هاتفي المحمول” ولكنها

لم تجد هاتفها، فقد نسِيته على الوريقة الحائرة داخل مركبة الأعماق.

طلبت جنى من الملكة العودة إلى الجد بمركبة الأعماق الجميلة لتحضر هاتفها المحمول،

ثم عادت إلى جدها تغمرها السعادة وقصت عليه مغامرة الأعماق.

….

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.