حرب المناخ.. تهديد جديد للأمن الدولي والبيئة

 

 

بقلم /إيمان سامي عباس

تبدو آثار تغير المناخ اليوم أكثر من مجرد ظاهرة بيئية؛ إذ قد تؤدي إلى عدم استقرار اجتماعي، ونقص في الموارد، وارتفاع احتمالات التطرف والجريمة. وفي ظل هذه الضغوط، قد تسعى بعض الدول المتقدمة إلى استغلال تقنيات الطقس كأداة ضغط سياسي أو اقتصادي، خصوصًا ضد دول تتميز بجذب سياحيٍ قوي أو بقاعدة صناعية مهمة، عبر تحويل التيارات الجوية أو التأثير على هطول الأمطار لصالح جهة وعلى حساب أخرى.

 

من بين المخاوف أن تتحول تجارب تعديل الطقس إلى برامج حرب مناخية تهدف إلى تحقيق مكاسب اقتصادية ورفاهية داخلية على حساب منافسين خارجيين. لا يقتصر هذا على تجارب تلقيح السحب لزيادة الأمطار وحماية المحاصيل، بل يمتد إلى إدخال جزيئات في الغلاف الجوي أو استخدام تقنيات التعديل الجوي الشمسي لأغراض قد تضر بالأنهار والسدود والبنى التحتية المائية لدى دول أخرى، أو لتعطيل سلاسل الإمداد والمواصلات.

الخبرات التاريخية توضح هذه المخاطر؛ فقد استُخدمت عمليات مثل برنامج «بوبي» (Project Popeye) أثناء الحرب في فيتنام لتعديل مواسم الأمطار وتأخير الإمدادات. وفي الوقت نفسه تنفق دول مثل الصين مبالغ ضخمة على برامج الطيران لتعديل الطقس، بينما تلجأ دول أخرى إلى تلقيح السحب أو استغلال الضباب والتشويش الجوي لأغراض عسكرية أو استخباراتية، بما في ذلك سيناريوهات تعطيل الاتصالات عبر ظواهر شبيهة بالعواصف الكهرومغناطيسية.

 

نتجه ربما نحو أيام تشهد «حروب مناخية» لا تقاس بأسلوبها التقليدي من صواريخ ودبابات فحسب، بل بأحداث طبيعية مدبرة قد تسرّع أو توقف النزاعات: فيضانات هائلة أو أعاصير مصممة قد تطيح بخطط خصم أو تفرض تكاليف باهظة على البنية التحتية والاقتصاد. ولهذا السبب يكتسب تصميم «نظام تحكم مناخي» دولي أو آليات رقابية مستندة إلى القانون والأخلاقيات أهمية قصوى لحماية البيئة والبشرية من إساءة استخدام تقنيات الهندسة المناخية.

 

كما ينبغي أن نتوخى الحذر تجاه النتائج غير المقصودة: فالتدخلات في المناخ قد تؤدي إلى تدهور طبقة الأوزون، موجات جفاف وحرارة، فقدان الأمن الغذائي والمائي، نزوح جماعي، وأضرار اقتصادية طويلة الأمد. والتوقف المفاجئ عن مشاريع الهندسة الجيولوجية الشمسية قد يفاقم هذه النتائج ويزيد الانكشاف العالمي لمخاطر مناخية جسيمة.

 

أخيرًا، يجب إعادة النظر في مسارات البحث والتطوير في الهندسة المناخية ووضع ضوابط صارمة تمنع استخدامها كسلاح. وعلى صناع القرار والعلماء والعسكريين التعاون لضمان أن يتجه البحث العلمي لخدمة الإنسانية والطبيعة، لا لمحاربتها. نتمنى أن تبقى سيناريوهات حروب المناخ من قبيل الخيال، وأن تُستثمر الجهود لحماية كوكبنا واحترام نظامه الدقيق الذي أبدعته القوانين الطبيعية.

 

كاتبه المقال إيمان سامي عباس

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.