حينما نعتاد النعمة يؤدبنا الله تعالي

حينما نعتاد النعمة يؤدبنا الله تعالي

بقلم: د. رحاب أبو العزم✍️

الإلْف والابتلاء…

حينما نألف النعمة ونعتاد عليها وتصبح كأنها عادة لنا كالنوم والتنفس والرؤية والسمع فيصبح البطر منهجًا لنا، ويقسو القلب فيجحد النعمة عن قصد وأحيانًا عن عدم قصد، فتدخل التربية الربانية لتربي قلوب عباده الصالحين الذين اعتادوا الإلف فصار حجابًا بين قلوبهم وبين خالقها دون قصد، إنما الطبيعة البشرية.

وأما النوع الآخر ذلك الجاحد الذي-عن قصد- قسى قلبه وجحدت روحه وانفجر عقله جنونًا بعافيته وقوته وظن أنه يصارع بجبروته جبروت العلي القدير المتعال.

وحديثي عن عباد الله الذين ألفوا النعمة دون قصد فرباهم الله تعالى ليعودوا إلى رحمته وواسع مغفرته.

قد تعددت نعم الله تعالى علينا جميع البشر موحدين وكافرين حتى ألفنا أبسطها وأعظمها من قرار الأرض تحت أقدامنا إلى قدرتنا على التنفس.

ماهية الزلزال…

حينما ألفنا نعمة قرار الأرض تحت أقدامنا ابتلانا الله بتصدعها تحت أقدامنا ببراكين وزلازل، والزلزال هو اهتزاز مفاجئ وسريع جدًا للأرض، تعود هزته المفاجئة السريعة لسببين، إما لتحرك طبقة الصخور تحت سطح الأرض، أو بسبب نشاط بركاني أو صهاري.

وتقع الزلازل فجأة دون سابق إنذار مهما تطورت أبحاث وأدوات الاستشعار عن بعد، وتؤدي الزلازل إلى وقوع وفيات عديدة و إصابات وتلفيات في الممتلكات وفقدان المأوى وسبل العيش وتعطيل البنية الأساسية الحيوية، قد تقف الحكومات والدول المتقدمة عاجزة أمام خسائر فادحة تنجم عن هزة الزلازل للبنية التحتية كأرواح بشرية وكمبانٍ حيوية.

زلزال تركيا وسوريا بين التشدد والتفريط…

هذا ما حدث أمام زلزال تركيا وسوريا في السادس من شهر فبراير 2023م، فقد اهتزت الأرض بقوة لم يسبق لها مثيل منذ زلزال 1999م، وتصدعت الأبنية الشاهقة والعادية أمام ذهول من العالم البشري والتكنولوجي ليعلنوا عجزهم أمام إيقاف الهزة العنيفة والهزات المتتالية لها، وسارعت دول العالم في إرسال الإعانات الغذائية والصحية وليس في طاقتها فعل المزيد سواء في منع الأرض أن تهتز وسواء في انقاذ الأرواح البشرية من الموت تحت الأنقاض.

الحديث هنا عن سكان جنوب تركيا والشمال السوري، لم نر منهم فُجرًا بواحًا، ولم نسمع عنهم إلا الخلق والإيمان فلِمَ ذهب البعض إلى أن الله تعالى قد عاقبهم جراء ذنوبهم؟؟ فكان من باب أولى أن يخسف الله تعالى ببلاد الغرب التي لم نر ولم نسمع عنها إلا الكفر والفجور ظاهره وباطنه، ولذلك ليس من الدين الإقرار بأن هزة الأرض وانهيار المباني وموت الأرواح هو عقوبة الله تعالى لسكان البلدين، وأيضًا ليس من الدين مرور الحدث كأنه حدثًا عابرًا بل علينا التأمل بلا تشدد وبلا تفريط.

عجز العالم البشري أمام خسف الله تعالى…

إن الأمر يتعلق بإلف النعمة، نعمة قرار الأرض تحت أقدامنا، إلف الاجتماع مع أفراد الأسرة، إلف القدرة على السمع والبصر والانطلاق، إلف القدرة على الحركة والجري، بل قد ألفنا أننا نتنفس، فكان اعتياد النعمة وإلفها بمثابة الحجاب الذي حجب قلوبنا عن نور الله وشكر نعمائه، وحجب ألسنتنا عن ذكر الله تعالى وقول الحق.

قد يرسل الله تعالي العواصف، وقد يخسف بأقوام الأرض، وقد تتصدع الجبال بأمره وقد يكون ذلك تربية ربانية من الله لقلوبهم لتعود إلى نور ربها، وليس عقوبة منه سبحانه لما اقترفوه من ذنوب، وقد تكون إنذار لكل إنسان ظن في نفسه القوة والجبروت، وردع لكل ظالم متجبر، وتصوير صريح وواضح ومباشر لعجز البلاد المتقدمة لترى بأعينها عجزها عن وقف هزات الارض وتصدعها، والأهم عجزها عن حمايتها لأراضيها من أي هزة بركانية أو زلزالية تطولها.

لقد رأى العالم تلك المباني التي وقعت كورقة الشجر وتلك الأرواح التي ماتت تحت الأنقاض ومازالت للهزة الأرضية توابعها.

لقد رأى العالم عجزه وسارع بالمساعدات، وهيهات أن تعيد المساعدات أرواح الأحباء، وهيهات أن تجفف دموع البشر، وهيهات أن تشفي جراح مَنْ فقدوا أحبابهم، وللأسف لم يسارع إلى التوبة عن المظالم وعن الفساد والانحراف الإنساني قبل الديني، وعن انتكاسات البشرية التي أباحت زواج المثلين والشذوذ بأقذر صوره، لم يسارع العالم أن يكف عن جحوده وإلحاده بالله تعالى ونعمائه، لم يسارع العالم إلى الخالق الباري ليعلن استسلامه وتسليمه وتوحيده لله تعالى.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.