خلق المسيح وعصا موسى.. المعجزة الخالدة بئر زمزم والقرآن
خلق المسيح وعصا موسى.. المعجزة الخالدة بئر زمزم والقرآن
بقلم الكاتب: مصطفى كمال الأمير
علينا أولاً الإقرار والاعتراف بأن زمن معجزات الأنبياء قد انتهى بانقطاع نزول ملاك الوحي جِبْرِيل عليه السلام
بعد وصول رسالة السماء الأخيرة على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام
معجزات كثيرة حدثت مع الرسل والأنبياء سوف نقوم بذكر بعضها لاحقاً في هذا المقال..
لكن كل هذه الكرامات والمعجزات الإلهية قد حدثت وانتهت في زمانها
عدا المعجزة الوحيدة الخالدة وهي القرآن الكريم ومعه بئر زمزم في مكة المكرمة
الذي تكفل الله سبحانه وتعالي بحفظه مع لسان العرب من التحريف والاندثار
بل وجعله الله تعالي لغة أهل الجنة بالنص القرآني
هنا أريد البدء في سرد هذه المعجزات تاريخياً
حسب ترتيبها الأبجدي بأسماء الأنبياء حتى أكون أكثر دقة وتنظيماً
نبدأ بالمعجزة الأولي وهي خلق آدم أبو البشر
الذي خلقه الله بيديه بدون أم وأب
كما خلق الله أيضًا حواء من ضلع آدم
بلا أم وخلق الله أيضًا عيسى المسيح بدون أب
في معجزة تبين للإنسان طلاقة القدرة الإلهية
توقف عندها التاريخ وأصبحت تقويماً عالمياً وعيداً سنوياً للاحتفال به في أعياد الميلاد
معجزة حوت يونس ابن متى من نينوي بالعراق
الذي ابتلعه حوت البحر وعاش في بطنه ثلاث أيام بلا غذاء مع صعوبة تنفس الهواء في ظلمات ثلاث لم ينقذه منها سوي دعائه لله الذي استجاب له
ولفظه الحوت على شاطئ البحر
كما كانت هناك معجزات كثيرة أخري للأنبياء والأولياء والقديسين والصالحين
ومنهم أهل الكهف مع كلبهم المعجزة وقصتهم مفصلة في القرآن الكريم والمعروفين غربياً بالنائمين السبعة the seven sleepers
كما كانت هناك معجزات عديدة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام
منها رحلة الإسراء إلى القدس ثم المعراج إلى السماء من المسجد الأقصى المحتل حالياً من بني إسرائيل
نصل للمعجزة التالية وهي نار خليل الله إبراهيم أبو الأنبياء الذي اختصه الله بمعجزات أخرى منها كبش الفداء من السماء لذبحه كأضحية بدلاً من ابنه إسماعيل ( سميع الله)
وهو ما نفعله كل عام في عيد الأضحي المبارك اقتداء بسنة سيدنا إبراهيم
صاحب الديانة الأم لكل الديانات السماوية وهي اليهودية والمسيحية ثم الإسلام الإصدار الأخير لرسالة السماء إلى أهل الأرض
نار إبراهيم هي معجزة إلهية كبري
لأنها خالفت كل قوانين الطبيعة التي خلقت من أجلها
لكنها أطاعت أمر الله خالقها لها “كوني برداً وسلاماً على إبراهيم”
نصل لمعجزة النبي أيوب الذي يضرب به المثل في الصبر بعد معاناته الطويلة من المرض والفقر
لكنه صبر مع زوجته الصابرة بقوة إيمانهم لسنوات طويلة حصل بعدها على شهادة قرآنية بذلك
ثم معجزات النبي داود الملك الذي سخر الله له الحديد والجبال
وانتصر على الملك الطاغية جَالُوت
ودخل فلسطين بعد وفاة موسى وعقاب اليهود بسنوات الشتات لأكثر من ٤٠ عاماً في صحراء سيناء
حكم مثلها دَاوُدَ مملكته أربعين عاماً كذلك ابنه الملك سليمان
وهو الوحيد مع ابنه سليمان الذي جمع بين النبوة والملك والحكمة
كذلك كان خاتم سليمان القصة الشهيرة التي تم تقديمها درامياً ودخلت عليها بعض الإسرائيليات التي نرفضها ونفضل عليها الإلتزام بالنصوص القرآنية الصحيحة
سليمان الحكيم هو الوحيد من البشر الذي سخر الله له الجن لخدمته في البنّاء والغوص في البحر
وسخر له الرياح والأمطار
وكان أول من استخدم ألواح الزجاج في البناء “صرح القوارير”
بل وعلمه الله لغة الطيور مثل الهدهد والحيوانات حتى لغة النمل
وكانت مملكة سليمان قد وصلت إلى مملكة سبأ في اليمن وملكتها بلقيس في قصتها المعروفة
وكانت قصة ناقة سيدنا صالح في قوم عاد شمال جزيرة العرب
هنا نصل للمسيح عيسى عليه السلام ابن السيدة العذراء مريم التي بدأت حياة ابنها بمعجزة ميلاده بلا أب
وانتهت حياته بمعجزة إلهية أخرى
وهي رفع جسده وروحه الطاهرة إلى السماء
قبل قتله من الرومان وصلب شبيهه لأيام علي الصليب
بعدما وشى به للرومان و خانه صاحبه يهوذا الاسخريوطي مقابل ٣٠ درهماً من الفضة
معجزة سفينة نوح التي عكف علي بنائها في الصحراء لأكثر من مائة سنة من عمره الطويل الذي قارب الألف عام
أنقذت سفينة نوح المؤمنين مع كل المخلوقات البرية قبل الطوفان الكبير الذي أغرق كل من كذبوا نبي الله نوح ومنهم ابنه الغارق رغم شفاعة أبيه
نصل للمعجزة الكبرى وهي عصا موسى
التي كانت نباتاً ثم تحولت إلى جماد ثم إلى حيوان وأفعى ضخمة تأكل الحيوانات الأخرى في تحدي رباني لسحرة فرعون
كانت عصا موسى وسيلة لقتل المصري مع العبراني
لكنها كانت أيضًا سبباً لنجاة بني يعقوب إسرائيل من الموت
بعدما شق بها موسى البحر الأحمر للعبور الكبير
ثم فناء جيش الفرعون غرقاً في البحر
لكنها أيضًا أخرجت الماء من الأرض في عيون موسي بعدما ضرب بها الأرض فخرجت اثنا عشر بئراً عدد أسباط بني إسرائيل من أخوة يوسف الصديق
خرجوا من مصر مع موسى بعد 400 عاماً قضوها في مصر عاشوا في خيرها
وكونوا ثروات كبيرة من الحياة والعمل بها
مثل قارون وقصة ثراءه الفاحش وكفر بنعمة الله
ثم خروجهم مضطهدين هاربين بحياتهم لكنهم حملوا “ذهباً مسروقاً” كافياً لصهره وصناعة عجل موسى السامري
وصلنا حالياً إلى زمن الفتنة الكبرى
التي تكاثر فيها عجل السامري مع الكثير من مدعين النبوة أحفاد مسيلمة الكذاب
كل هذه المعجزات حدثت وانتهت ومات من شهدها من الناس إلا معجزتين خالدين إلى يوم القيامة
هي بئر زمزم والمصحف الشريف القرآن الكريم ذلك الكتاب المتجدد
رغم ثبات حروفه وكلماته منذ نزوله من السماء قبل 1445 عاماً وحتي قيام الساعة
الذي علينا حفظه في قلوبنا وصدورنا
بدلا من وضعه مجرد زينة في سياراتنا وبيوتنا وأماكن عملنا
وهنا نصل للمعجزة الخالدة الأخيرة بئر زمزم
20 مترا فقط تفصل بين الكعبة المشرفة وبئر زمزم
البئر الأطول عمرا على سطح هذه الأرض، إذ يبلغ عمرها نحو 5 آلاف عام منذ أن تدفق بين قدمي إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر زوجة النبي إبراهيم، وحسب الدراسات فأن متوسط عمر الآبار لا يتجاوز 70 عاما تظل تتدفق منها المياه
غير أن هذه البئر المقدسة عند المسلمين لا تزال تروي عطش الملايين من الحجاج والمعتمرين
بل ويتم تعبئة مياهها وتصديرها إلى بلاد العالم
البئر الشهيرة التي تضخ الماء بمعدلات تصل لـ 18.5 لتر في الثانية ويبلغ عمقها 30 متراً فقط
ولاتزال تروي الحجاج منذ أن أذن نبي الله إبراهيم في الناس بالحج.
ويتم تعبئة وتنقية مياه زمزم آلياً في مصنع التعبئة الذي يقع على مسافة 4.5 كيلومتر من المسجد الحرام، بطاقة تخزينية يومية تبلغ 200 ألف عبوة، تغذي زوار الحرم المكي الشريف.
كما يتم نقل مياه زمزم إلى خزانات زمزم بالمسجد النبوي في المدينة المنورة عن طريق صهاريج مجهزة بمواصفات خاصة لحماية المياه من أي مؤثرات
بمعدل 120 طناً يومياً، ويرتفع في المواسم إلى 250 طناً، ويقدم ماء زمزم في حافظات معقمة ومبردة تصل إلى 7000 حافظة مياه توزع داخل المسجد النبوي وسطحه وساحاته، إضافة إلى نوافير الشرب الموزعة في المسجد النبوي والمرافق المحيطة به.
ماء زمزم لها مكانة وفضائل كثيرة عند المسلمين، منها: أنه أولى الثمرات التي أعطاها الله لخليله النبي إبراهيم عندما رفع يديه وقال: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ
ماء زمزم لها في لسان العرب اثني عشر اسمًا، : “زَمْزَمُ ، مَكْتُومَةُ، مَضْنُونَةُ، شُباعَةُ، سُقْيا الرَّواءُ، رَكْضَةُ جبريل، هَزْمَةُ جبريل، شِفاء سُقْمٍ، طَعامُ طُعْمٍ، حَفيرة عبد المطلب
وقال ياقوت في معجم البلدان: “ولها أسماء وهي: زمزم، وزَمَمُ، وزُمّزْمُ، وزُمازمُ، وركضة جبرائيل، وهزمة جبرائيل، وهزيمة الملك، والهزيمة، والركضة – بمعنى وهو المنخفض من الأرض، والغمزة بالعقب في الأرض يقال لها: هزمت- وهي سُقيا الله لإسماعيل عليه السلام، والشفاعة، وشُبَاعةُ، وبرَة، ومضمونة، وتكتمُ، وشفاءُ سُقم، وطعامُ طعم، وشراب الأبرار، وطعام الأبرار، وطيبة”
ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض:
قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله – صلى الله عليه- : “خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطعم، وشفاء السقم”
ماء زمزم نبع في أقدس بقعة على وجه الأرض: عند بيت الله الحرام، وقرب الركن والمقام، وقد اختار رب العزة هذا المكان عند بيته المعظم، ليكون سقيا لحجاج بيت الله الحرام وعماره وزواره وجيرانه
سقانا الله وإياكم من هذه البئر الطيبة الأكثر تدفقًا من بعض الأنهار التي جفت مياها
وندعوا الله أن لا تجف هذه البئر المباركة أبدًا
حتى نكون في رحمة الله ودعوة أبو الأنبياء إبراهيم خليل الله