دبلوماسي الإتزان الاستنثنائي :إسماعيل هنية سياسي اللحظات الصعبة .

دبلوماسي الإتزان الاستنثنائي :إسماعيل هنية سياسي اللحظات الصعبة .

دبلوماسية نبذ الخلافات .

في علم الدبلوماسية ، هناك أنواع دائمًا ما تكون وسيطة أو حلقة وسط بين الطرفين الأيمن و الأيسر ،لتبوء بمكانها وسط النزاعات ، بغرض الحياد أو عدم تأجيج الأوضاع المشتعلة . و قد يكون طواعية من الفرد لمزيد من المكاسب الناعمة التي تنال بصعوبة عند التحدث بدلوماسية القطب الذي ينتمى إليه من الأساس أي أن تحقيق الأهداف للاستقرار أو السلام يبرر بسهولة عند اللين و الهدوء أو المكر مثل حالة هنري كيسنجير .

 

بقلم /مصطفى نصار

بخلاف كيسنجير ، فإن هنية طيلة حياته قد حافظ على صورة ثابتة و رمزية مميزة بالهدوء و اللباقة و الرصانة التي تنم عن رغبة بعدم حدوث أي خلافات أو خلل قد يؤدي بنتائج عكسية أو حتى تقلل من الأرباح ، أو بتعبير بيري جرين حين تحدث عن الغباء الدبلوماسي “بعكس الأصالة ، تندمج الغباء بالجفاء في الحديث حتى لو قورن بالهدوء المتحدث به “،أي أن الأسلوب الذي يبقى الجميع على مسافة واحدة من الرجل سواء بمدحه أو بذمه . فالنتيجة في الدبلوماسية لابد أن تبدو سياسية لارتباطها بالفعل السياسي المطبق على أرض الواقع .

فوفقُا للواقعيين في الدبلوماسية ، إن سياسة الهدوء و الرصانة ليس لها جدوي تذكر إلا بالمكر لإن العالم شرير بالأصل ، فخذ حقك بالدهاء و الخبث و المداهنة حتى لو شابت حروب يصعب إطفائها ، لإن المهم في الدبلوماسية الواقعية تكمن في النتيجة لا في المنهجية ،الاعتماد على البراغماتية في الدبلوماسية فيها نقص لزعزعة الثقة بين طرفي الحوار فتكون علاقات متواترة مضطربة صعبة المنال وسط أجواء من التشاحن .

و طيلة حياته ، تمكن هنية من التوفيق بين الفصائل الفلسطينية بعد الصراع الفلسطيني الفلسطيني عام ٢٠٠٦ بين فتح و حماس بعد انتخاب هنية لرئاسة وزراء فلسطين و تخلى عنه لفظيًا عام ٢٠٠٧ ، و فعليًا يوم ١٤ يوليو ٢٠١٤ تخلى عنه بالفعل قائلًا “تخيلت عنه طواعية و لكم كل الكراسي و المناصب و لكن لا تنسوا الوطن”، في إشارة واضحة على هدفه الحقيقي و الأسمى و هو القضية الفلسطينية و توحيد كلمة الفصائل الفلسطينية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

و طالما سياسة هنية هي التوحيد و نبذ النزاعات في الداخل الفلسطيني المتنازع بين فتح و حماس ، فسيود جو مماثل في الخارج، جعل الجميع بلا استثناء يصلون عليه في جنازته من سنة و شيعة و دروز ، و هو توافق يصعب لأحد تصديقه أو تحقيقه من دون أن يكون لينًا منحكًا سياسيًا دون أن يعترض مع مصالحهم الواضحة و تحديدًا مع إيران .

 

دبلوماسية هنية الخارجية: اصطفلق الكل من أجل القضية.

بعد نشوب الثورة السورية في مارس ٢٠١١ ، تأكد الجميع بما فيهم حركة المقاومة الفلسطينية أن البقاء في مكتب دمشق سينتج لتدمير و تقويض المفاوضات القادمة مع الكيان سواء على مستوى البقاء في دمشق مع نظام الأسد أو ملفات حيوية مثل الأسرى و إنهاء العدوان و خلافه ، فنقلت الحركة مكتبها على إثر دعمها للثروة في بادئ الأمر ضد نظام الأسد السفاح لقطر ، فمصر كانت في ذلك الوقت تحت حكم المجلس العسكري بعد ١١ فبراير ٢٠١١.

فأدار المفاوضات المكتب السياسي و ممثلي الحركة نفسهم طيلة ٦ سنوات قبيل تعيين هنية لرئيس المكتب السياسي للحركة بعد أن أسهم بقوة في إلغاء الخلافات و التوترات بين مصر و حماس بعد ٢٠١٣ ، إذ أعاد الأمور لسابق أمورها في عصر مبارك من تنسيق و عودة و إنهاء النزاعات بانفصالها التام عن حركة الإخوان المسلمين، و هكذا عادت السلطات المصرية كوسيط استراتيجي تعتمد على حماس و العكس في إيقاف العدوان ، و قد حدث ذلك بوضوح في حرب ٢٠١٩ و ٢٠٢١ .

و لعب دورًا كبيرًا في عهد الرئيس محمد مرسي بصفته رئيس وزراء الشعب الفلسطيني لإيقاف الحرب و طلب الدعم منه و من الشعب المصري، حيث فتح المعبر و سمح بدخول المساعدات بلا حجج بالية و قال جملته الشهيرة “لن نترك غزة وحدها”، في وسط فرحة عامرة و دهشة مفعمة بالأمل من المقاومة إثر هذا التغيير الجذري مع سياسة القطاع من الحصار و استخدام السياسة المتوازنة للدعم و المساندة اللائق بدور مصر التاريخي .

و بالنسبة لدوره في إيران ، قرب حماس من إيران لدرجة موافقتها له لزيادة تزويد المقاومة بالأسلحة في عام ٢٠١٩ ، لتتضاعف من ١٠ آلاف قطعة سلاح شهريًا لمئة ألف أي بمقدار عشر أضعاف عن الطبيعي، فالنتائج غيرت التركيبة السياسية لإيران ، و معاملتها لحماس لتلميع صورتها ، و انتهت باستغلال الحادث سياسيًا بطريقة ذكية لتنتهي باحتمالية تأجيج الصراع في المنطقة مع إيران و حلفائها بشكل مباشر منذ حرب الخليج و العراق في منتصف الثمانينات و بداية التسيعنيات من القرن المنصرم . فلولا دبلوماسية إسماعيل هنية لما اعطت إيران اهتمامًا بالغًا و على الأغلب سيتحول الرد للبارد الهادئ الذي فعلته عند وفاة إبراهيم رئيسي في يونيو المنقضي.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.