سياسة الاغتيالات الإسرائيلية خطوة نحو شرق أوسط جديد داخل حدود الدم.. حقائق وإرهاصات.

وائل جنيدي

سياسة الاغتيالات الإسرائيلية خطوة نحو شرق أوسط جديد داخل حدود الدمحقائق وإرهاصات.

من العدد الورقى لصحيفة اليوم الدولي

بقلم / وائل جنيدي

في عام ٢٠٠٦ نشرت المجلة العسكرية الامريكية للجنرال الأمريكي رالف بيترز ما يسمى خرائط الدم للشرق الأوسط او (حدود الدم)
وهي خريطة جديدة مقترحة للتقسيم الجديد للشرق الأوسط والذي يتوافق بل ويتزامن مع اعلان جورج بوش الابن عن ما اسماه الشرق الأوسط الجديد وكانت الخريطة غير السرية تقسم المنطقة على أساس عرقي وطائفي واثني .
كانت الخريطة عبارة عن خطوة في التطبيق الفعلي للشرق الأوسط الجديد الذي اقترحه جورج بوش والذي يجعل الشرق الأوسط منطقة أخرى تماما تحتضن دولة إسرائيل بل وتكون إسرائيل هي القائد للمنطقة واقوى دولها ولحل معضلة التنافر الواضح بين المنطقة وإسرائيل بسبب الانتماء الديني والتميز العرقي والسمات الاثنية فلم يكن الحل هو تعديل شكل إسرائيل طبعا بل تعديل المنطقة بالكامل لتتقبل إسرائيل وسنفهم كيف كان هذا بعد الاطلاع على تفاصيل الخريطة.
ضمت الخريطة سبع دول كبرى بالإضافة الى دول جديدة تماما وأجزاء من دول ستستقل بذاتها او دولا قديمة لكن بحدود جديدة
وبموجب الخريطة تكون الدول هي
دولة لبنان الكبرى
دولة سوريا الكبرى
دولة الشيعة الكبرى
دولة ترك ستان
دولة الأردن الكبرى
دولة بلوشستان
بالإضافة لدولة إسرائيل العظمى بحدود جديدة تضم اراضى شاسعة
وتعتمد الخريطة على استخدام مساحات كبيرة من المملكة العربية السعودية والعراق ومصر لتستقيم حدود الدول الجديدة وتتناسب.
لتولد دولا جديدة قامت على نفس الأسس التي قامت عليها إسرائيل وعلى أراضي ليست لها كذلك.
فلا يكون لها الحق في معاداة إسرائيل من باب (لا تعايرني ولا اعايرك)
في ٩ مايو عام ١٩١٦ تم ابرام اتفاقية سايس بيكو التي قسمت المنطقة الى دولها الحالية بعدما كانت دولة واحدة وكان الغرض من التقسيم هو الحيلولة دون اتحاد الدولة الكبرى ذات الوحدة الدينية واللغوية والتاريخ المشترك والثقافة الموحدة مرة أخرى ظنا بان هذا التقسيم مع فرض الثقافتين الإنجليزية والفرنسية على المنطقة سيكون كافيا لخلق التنافر اللازم للسيطرة على ثروات المنطقة وجغرافيتها لكن هذا الغرض لم يتحقق بشكل كامل .
مع ظهور الطفح الإسرائيلي على وجه المنطقة العربية فقد اتحد الجسد العربي لمقاومة الجرثومة ومحاولة التشافي منها فكانت هي المكون الذي أعاد التئام الخرق العربي العربي ورتقه حتى مع ايران .
في حين حاولت سايكس بيكو الغاء الانتماء الاثني داخل المنطقة واستبداله بقوميات جديدة تقويها بكافة السبل فان الشعوب قد تشربت القوميات الجديدة بسهولة ولكنها مع ذلك لم تفقد انتمائها العربي او الإسلامي ابدا لذا فقد صار الوقت مناسبا الان لاعادة تقسيم المنطقة كمرحلة جديدة من سايكس بيكو ولكن على أسس معكوسة
فيجب ايقاظ العرقيات والانتمائات الدينية والمذهبية وكل التكتلات الاثنية في المنطقة مع إطفاء وخنق الروح القومية مرة أخرى .
والغرض ؟
الغرض بالطبع هو تقبل إسرائيل كعضو طبيعي بين شعوب المنطقة.
لم يكن تنفيذ المخطط الجديد للتقسيم يعمل بالشكل المناسب حتى مع تزايد موجة التطبيع والتي تسارعت وتيرتها مع الأنظمة العربية ولكن لم تتقبلها الشعوب والتي اثبتت في وقت ما بين ٢٠١٠ و ٢٠١٣ انها قادرة على التغيير وقلب الصورة برغم كل شيء.
لطالما كانت إسرائيل تسوق لنفسها بانها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وهي دولة من العالم الأول ولكنها تسكن أراضي العالم الثالث وانها دولة تحاول فقط الدفاع عن نفسها ضد البربرية العربية الإسلامية والإرهاب الذي يحتل العقول العربية والعالم يتقبل هذا ويزدرده في سهولة بالغة
كثيرا ما انكر العالم جرائم إسرائيل وكثيرا ما برر لها وغسل الدماء والوحل والعار عن ثوبها النجس
لكن الامر بعد السابع من اكتوبر قد تغير كثيرا فقد تراخت القبضة الصهيونية عن التحكم في الاعلام العالمي وخلق الراي العام العالمي وخاصة مع الجرائم التي تقوم بها إسرائيل على مرأى ومسمع من العالم وأصبحت هناك الكثير من العوائق لتحقيق حلم الشرق الأوسط الجديد وإسرائيل العظمى وعلى راس تلك العوائق هي المقاومة الفلسطينية وقياداتها التي تدرك ما حولها وتتمتع بادراك كبير لدقة الوضع وترى بوضوح الخطوط الخفية التي تحرك المنطقة .
فما هو الحل من وجهة النظر الإسرائيلية؟

تفعيل سياسة الاغتيالات ببساطة

منذ قيام الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية ومن قبلها وسياسة الاغتيالات تعد سياسة معتمدة لكن في الخفاء ، ومع التنصل من المسؤلية وادعاء البرائة لكن هذا الادعاء غير ممكن حاليا مع ظهور اعلام جديد لا تتحكم فيه الصهيونية بشكل كامل
فصارت إسرائيل تجهر بجرائمها علنا مع اعترافها بتعديل سياسة الاغتيالات من استهداف الرموز العسكرية وقادة المقاومة المسلحة الى اغتيال الرموز السياسية وكل من تجد فيه القدرة على الفهم والادراك وليس الفعل فقط
فهل تجد إسرائيل في الاغتيالات كبير فائدة؟
دائما ما كانت المقاومة تورث مبادئها لجيل من بعد جيل ولا تقلل عملية تعاقب الأجيال من الايمان بالفكرة واعتناق الواجب الوطني والديني للمقاومة ودائما ما تزيد بحمل الثار مع استشهاد قيادة قديمة وتولي قيادة جديدة فلن تهدا نيران المقاومة باغتيال كل القيادات فستنبت قيادات جديدة اكثر تشددا واعظم ايمانا بالقضية .
فما هي الفائدة من سياسة الاغتيالات التي يبدوا انها لا تفعل سوى الكشف عن الوجه القبيح لإسرائيل
اظن ان الغرض من تلك السياسة هي التخلص من فكرة قيادات المقاومة في رفض المساومة والترفع عن القبول بالفتات والتخلي عن القضية كلها فتختفي بذالك صخرة المقاومة التي تمنع عجلة الشرق الأوسط الجديد من المواصلة لتحقيق الحلم الصهيوني
ولا اظن انها ستفلح .
لم تكن المقاومة الفلسطينية يوما رهنا بشخص بعينه او تنظيم بذاته ولا حركة مقاومة معينة فلم تتوقف المقاومة بعد اغتيال الشهيد احمد ياسين او الرنتيسي ولا ياسر عرفات ومن بعدهم المئات فهل تأمل إسرائيل في هزيمة المقاومة بتجريدها من قياداتها حيث التجربة التراكمية للأنظمة الإسرائيلية تؤكد ان التخلص من قيادة ماهو الا استيلاد أخرى اكثر نضجا من سابقاتها وهي تحمل في صدورها تاريخ السابقين مع تطلعات الأجيال الجديدة
فهل كان اغتيال الشهيد إسماعيل هنية نافعا لإسرائيل ؟
وهل اغتيال هنية يعتبر تقدما إسرائيليا في اتجاه انهاء المقاومة؟
وماذا عن المقاومة العربية في كل ربوع هذا الوطن الكبير في دول المواجهة او دول الدعم العربي بعيدة الحدود حاضرة القلب والإرادة؟
ربما اغرى تشتتنا وضعفنا وتغافلنا إسرائيل بنا
لكن الصدمات الكهربيه كفيلة باحياء القلب الذي اوشك على الموت
فلربما تستفيق قلوبنا ويستعيد الجسد العربي العملاق عافيته والا فلن نجد في تسولنا على ارصفة المجتمع الدولي فتات رحمة.
رحم الله شهداء المقاومة ورحمنا
وانا لله وانا اليه راجعون
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.