صراع الهوية البصرية: الفرعونية أم الحداثة؟ جدل إعادة تشكيل وجه القاهرة الكبرى

الهوية البصرية للمدن المصرية: رؤية شاملة للتطور والتحديات

كتب باهر رجب

تمثل الهوية البصرية للمدن البصمة الجمالية والثقافية التي تعكس تاريخ المدينة وشخصيتها، وفي مصر تشهد هذه الهوية تحولات جذرية ضمن رؤية تنموية شاملة تجمع بين الأصالة والحداثة. فيما يلي تحليل متكامل لأبعاد هذا المفهوم:

 

 

١. الإطار المفاهيمي للهوية البصرية

– تعريفها:

هي البطاقة التعريفية للمدن التي تترك انطباعا بصريا في أذهان الزوار، وتشمل عناصر مثل التصميمات الجرافيكية، والألوان، والخطوط، والإضاءة، والمساحات الخضراء .

 

– أهميتها:

تعزيز الانتماء المكاني، جذب السياحة، تحسين جودة الحياة، ومكافحة التشوه العمراني والعشوائية .

 

 – الأبعاد التاريخية:

في مدن مثل القاهرة، تعد المقابر التاريخية (كالإمام الشافعي) والمعابد جزءًا من “ذاكرة المدينة” وهويتها، حيث تمتد جبانات القاهرة منذ القرن السابع الميلادي لمساحة 500 فدان .

 

 

٢. المبادرات الحكومية والتطبيق العملي

– مشروع الطريق الدائري (القاهرة):

– تركيز على التشجير وزراعة أشجار مثمرة ذات ألوان مميزة.

– توحيد ألوان واجهات المباني، وإضافة عناصر إضاءة فنية.

– إبراز لوحات إعلانية تعكس الحضارة المصرية القديمة .

 

– المشروع الوطني (١١ محافظة):

– اكتمال تطبيقه في 4 محافظات: الأقصر، أسوان، جنوب سيناء، الإسكندرية.

– تصميم شعار (لوجو) خاص لكل محافظة يعكس هويتها، مع تطبيق ذكي للسياح يحدد المعالم والمطاعم .

 

-تحويل المدن الجديدة إلى متاحف مفتوحة:

– تعاون بين وزارتي الإسكان والثقافة لإنشاء منحوتات جرانيتية في ميادين المدن (مثل العلمين الجديدة).

– تنظيم سيمبوزيوم دولي للنحت لدعم الفنون المجتمعية .

 

٣. الجهود الأكاديمية والبحثية

– عقد مؤتمرات علمية مثل “اليوم العلمي” بجامعة كفر الشيخ لمناقشة الهوية البصرية والتراث المعماري.

– معارض طلابية تعكس الروابط بين التراث المصري والحلول العمرانية المستقبلية .

– مسابقات تصميمية بين طلاب كليات الهندسة (مثل جامعتي القاهرة وعين شمس) لابتكار لوحات جدارية فريدة .

 

 

٤. نماذج ناجحة للتطبيق المحلي

– الأقصر :

– رائدة المشروع منذ ٢٠١٦ بالتعاون مع الجامعة الألمانية.

– تطوير بوابات أثرية (معبد الكرنك) لتتناسب مع الهوية البصرية، وجذب الشباب العالمي .

 

– أسوان:

– دمج عناصر “أرض الذهب” و”الحضارة القديمة” في التصميمات.

– زيادة المساحات الخضراء والقضاء على التشوهات البصرية حول المعابد .

 

– الإسكندرية وجنوب سيناء:

توظيف العناصر الساحلية والتراث البيئي في الشعارات والعناصر الحضرية .

 

 

٥. التحديات والانتقادات

– إشكالية السرقة الفكرية: 

– فضحية سرقة شعار جمعية إيطالية (Terra Fertile) لمشروع الطريق الدائري، وإزالته لاحقا .

– انتقادات لعدم الاستعانة بالكفاءات المصرية رغم توفرها.

 

– جدل الهوية الفرعونية: 

– انقسام بين مؤيد (كالمعماري محمود صالح) ورافض (كالدكتور جلال عبادة) لفرض الطابع الفرعوني على القاهرة، بحجة تنوعها التاريخي .

 

– مخاوف التطبيق العشوائي: 

– تحذيرات من “تغييب الرؤية المتكاملة” للمدن، واعتبارها “مانيكان” يلبس ثوبا موحدا .

 

 

٦. الرؤية المستقبلية

– دمج الثقافة في التخطيط العمراني:

– تحويل المدن الجديدة إلى منصات للفن المعاصر عبر استقطاب فنانين دوليين .

 

– التوسع في المشروع الوطني: 

– استكمال تطبيق الهوية البصرية في ٧ محافظات إضافية بعد نجاح التجارب الأولى .

 

– معايير علمية:

– ضرورة وضع قوانين تحمي التخطيط العمراني من التشوه، ومراعاة أنواع الطرق (عامة/دولية) في التصميم .

 

الخلاصة

علاوة على ذلك تسعى مصر لصياغة هوية بصرية تجمع بين طبقاتها التاريخية المتعددة (فرعونية، إسلامية، حديثة) واحتياجات العصر، عبر مشروعات طموحة تواجه تحديات التنفيذ والابتكار. نجاحها مرهون بتبني رؤية متوازنة ترفض التقليد العشوائي، وتعزز المشاركة المجتمعية، وتحول المدن إلى “متاحف مفتوحة” تحكي قصص الحضارة .

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.