في العتاب .. للشاعر حزين عمر .. لمن نحب ويخوننا الغياب

في العتاب .. للشاعر حزين عمر .. لمن نحب ويخوننا الغياب

بقلم/ د. عمر محفوظ

ما كنت أظن أن للصداقات أجلاً، ولا أن القلوب التي تودّ أن تفنى لأجل من تحب، يمكن أن يُترَك لها أن تنزف وحيدة في العراء… حتى جاء يومي ذاك، وكنت في حادث السيارة، بين الموت والحياة، فالتفتُّ ولم أجدك
يا حزين عمر. الصديق. كان موضعك خاليًا، وكان غيابك أثقل من الألم ذاته.
إن أقسى ما في الجراح أن تأتي ممن حسبناهم بلسمًا، وأن يكون الغياب ممن كنا نعدّهم حاضرًا دائمًا في ساعات العسر والرخاء معًا. أتراك علمت، وتجاهلت؟ أم لم تعلم، لأنك لم تعد تسأل عني كما كان من قبل؟ وهل يصحّ أن يمرّ ما بين الموت والنجاة، ولا يُحسّ به من كنّا نظنهم يفرّغون قلوبهم لنا محبة واهتمامًا؟
إن العتاب، يا صاحبي، ليس لمن لا نعوّل عليه شيئًا، بل هو للذين وضعناهم موضع النفس من النفس، ولولا مكانتك، ما كتبت. ولكن، لله ما أغدر القلوب حين تنقلب، ولله ما أوحش الطريق حين نُجبر على قطعه وحدنا بعدما كنا نظنه طريقًا مزدحمًا برفقة لا تغيب.
كنت أقول في نفسي: سيهاتفني الآن، سيطرق الباب، سيجلس إليّ ووجهه واجم، وعيناه دامعتان. لكنه لم يأتِ. مضى اليوم، واليومان، والأسبوع… ولم تأتِ. وجاء غيرك من لم أظنهم يعرفون، وسأل من لم أحسب لهم عهدًا، وغبت أنت… غبت الغياب الذي لا يُغتفر.
يا صاحبي، إن الغدر لا يكون بالسيف وحده، بل بالصمت حين يُنتظر الصوت، وبالغياب حين يكون الحضور فرضًا، وبالخذلان حين يكون الوفاء دينًا. وأنا لا أعاتبك لتعود، ولا أوبّخك رجاءَ اعتذار، إنما أكتب، كما كان يكتب المجروح، لعله يُفرّغ ما امتلأ به قلبه من خيبة.
قد تشفى الجراح، ولكن ما يتركه الغياب الموجع لا يندمل، ولا تنفع فيه الأعذار ولا التبريرات. فاحفظ عني يا صديقي: إن من يُترك في محنته، لا يعود كما كان بعدها، ولا تعود محبته كما كانت قبلها.
______
صديقك
د. عمر محفوظ
القاهرة الجديدة
٢٢ مايو ٢٠٢٥م

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.