قصيدة عصفور مهاجر في بلاد العرب (كاملة) شعر وائل جنيدي
قصيدة عصفور مهاجر في بلاد العرب
كاملة
شعر وائل جنيدي
رَأَيتُ اليَومَ عُصْفُورًا هَزِيلًا شَاحِبَ المَنْظَرْ
لَهُ رَجــــعٌ بِهِ شَجَنٌ بِلَحـــنٍ قَــاتِمٍ مُقْـفِــــرْ
نَظَرتُ إِلَـيهِ فِي عَجَبٍ لَعَلِي عَنهُ اَستَفــسِرْ
فَصَارَ يَنْوحُ فِي حُــزنٍ وَيَقرَبَنيِ وَلاَ يَحذَرْ
فـَـسِرتُ إِلَيهِ فِي شَــكٍ وَفِي أحْوالِهِ أنْـظُـرْ
لَهُ رِيـشٌ مِنَ البَـلْـورِ وأجْـنِحَةٌ مِنَ المَرْمَرْ
لَهُ عَينٌ كَمَا الصَقْرِ تَدْورُ بِدَاخِــلِ المِحْجَرْ
كَـــــأَنَ عُيونَ إِنْسَــانٍ تُرَاقِــــبُنيِ وَلَا تَفْتُرْ
سَأَلتُ كَأَنهُ بَشَرٌ كَأَنَكَ ضِعْتَ فِي المَهْجَرْ
فَــرَدَ بِصْوتِ إِنْسَــانٍ قَــويٍ صَارِمٍ مُنْذِرْ
أَنا طَيْرٌ مِنَ المَاضِي وَعُمرُي الأَلفُ أَو أَكْثَرْ
ظَــنَنْتُ أَنَهُ جِنٌ!! رَجَعــتُ عَــنهُ أَسْــتَغْــفِــرْ
فَنَــــادَانِي يُطَمْئِنُــنِيِ وَيَرْفَعُ جِــيدَةُ الأَخْضَرْ
نَـــظَرْتُ إِلَـــيهِ مَذْهُــولًا فَلَم أُقْــبِل وَلَم أُدْبِرْ
وَقَفــتُ كَــأَنَنِيِ حَجَرٌ فَلَمْ أَنْــطِــق وَلَم أَقْــدِرْ
فَقَالَ بِرَجعهِ الرَنَّانِ لاَ تَخْشْىَ وَتَتَحَيَرْ
فَإِنِي مِثلُ كُلِ الطَيرِ أَحُطُ حَيثُ أَتَخَيَرْ
وَقَد سَافَرتُ فِي البُلْدَانِ رَأَيتُ سُهُولَهْاَ تُثِمِرْ
أُحَلِّقُ فَوقَ شَاهِقِهَا وَفِي أَرْجَائِهَا أُبْحِرْ
رَأَيتُ كل حُقُول الرِيفِ ،رأيتُ حوانيتَ البَنْدَرْ
جَلَستُ إِلَيهِ يُحَدِثُنيِ لِأَسَمَعَ مِنهُ وَأَتَدَبرْ
فأَخبَرَنِي كيَفَ ابتَدَأ التِرْحَالُ بِمَوطِنْناَ الأَكبرْ
وقَالَ بَدأَتُ مِنَ الشَرْقِ مِن سَاحِل عُمْانَ الأَسْمَرْ
وَبَحَثتُ كَثِيرًا عَن قَومٍ لَهُم رِيحٌ مِثلَ العَنْبَرْ
لَهُم صَيحَاتٌ كَالأُسْدِ يَنْسَابونَ كَسَيلِ الأَنْهُرْ
كَانْوا لِلأُمَةٍ قُوَّادًا لِلفِتحِ الأَعْظَمِ وَالأَصْغَرْ
صَاروا كَغُثَاءٍ مِن سَيلٍ أَعجَازُ نَخِيلٍ لَا يُثْمِرْ
بِالنَفطِ اغتّروا وتَعَالَوْا وَالدِينُ يُبَاعُ فِي المَتْجَرْ
بَكَيتُ عَلىَ الحَالِ كَثيِراً وَقُلتُ الأَيَامُ تُغَيِّر
ورَحَلتُ إِلىَ أَرضٍ أُخْرىَ أَرضِ النَهْرَينِ وَالكَوثَرْ
فَوَجَدتُ رِجَالاً صُلبْانًا يَقتُلُهُم جَيشُ بَنيِ الأَصْفَرْ
تُرْهِبُهُم صَيحةُ أَقزَامٍ وَفُــلولٌ مِن جَيشِ البَربَرْ
قَومٌ قَد سَبّوا سَادتهم والكُلُ بِوَهمٍ يَتَدَثرْ
قَد خَانْوا حُسَيناً مِن قَبلِ قد َذَبَحوا الشِرْيَانَ الأَبْهَرْ
اليَومَ يَقُولُونَ هَلُمُوا لِدِماءِ حُسَينٍ فَلنَثأرْ
خِبْتُم واللهِ وَخَسِرتُم بِالمُتعَةٍ وَالدينِ الأَعْوَرْ
حَرِر أَوْطَانَكَ يَا هَذا مِن جَيشِ الذُلِ إِذا تَقْدِرْ
هَذِي بَغْدَادُ فَحَرِرْهَا فَدِمَاءُ فُرِاتِكَ تَتَخَثرْ
مِن شَاطِئِ دِجْلَةَ فَلتَأتِ بِوَضُوءِ حَتَىَ تَتَطَهَرْ
فَالعِلمُ عِرِاقيُ الأَصلِ وَالخَطُ الكُوفيُ المَصدَرْ
سَأَطِيرُ إِلى أَرضٍ أُخرىَ عَلَّ الأَحْوَالَ تَتَغْيَرْ
سَأَطيرُ إِلىَ أَرْضِ الشَامِ ودِمَشقَ وَجَامِعْهَا الأَشْهَرْ
سَأَطُوفُ بِبَادِيةِ الشَامِ وأُصَليِ المَغرِبَ فِي تَدْمُرْ
وَرَحَلتُ إِلىَ أَرضِ الشَامِ وَالقَلبُ يُعَالِجُ مَا يَشعُرْ
فَوَجَدتُ خَرَاباً وَقِتَالاً وَالقَتلُ بِلاَ سَبَبٍ يُذْكَرْ
وَجيوشٌ لَا تَدْريِ شَيئاً عَن سَببِ الحَربِ وَلاَ تَذكُرْ
هُنَا قَتْلىَ، هُناَ جَرْحىَ ،هُنَا جَيشٌ ،هُنَا عَسْكَرْ
هُنَا أَشْلَاءَ إِنسانٍ، هُنَا بِرمِيلَ مُتَفَجِرْ
هُنَا عَرشُ بِلاَ سَنَدٍ وَوَغدٌ يُحْرِقَ البَيْدَرْ
يُغَازِلُ رَبَهُ الرُوسِيَ وَيَكْفُرُ بِالَذِي قَدَّرْ
كَشَيطانٍ بِلاَ ذَيلٍ كَكَلبٍ بَل هُو الأَقذَرْ
يُصَليِ قِبْلِةَ السَيدِ وَمُصْحَفُهُ بِهِ خِنْجَرْ
فَيَا لَهَفاَ عَلَىَ الشَامِ وَدَمَّاً هَا هُنَا يَقْطُرْ
دِمَاَءُ الطِفلِ والشَيخِ وعُنقٌ جَائِعٌ يُنْحَرْ
ودَاعًا يَا بِلاَدَ الشَامِ صِرتِ اليَومَ كَالمَجْزَرْ
سَأَرحلَ نَحوَ صْنعَاءَ فَأرضُ العُرَبِ لَم تُقفِرْ
بِلَادُ اليَمَنِ آَمِنَةٌ بِهَا الخَيراتُ لا تُحصرْ
سَتَكونُ لِعُصْفُورٍ مِثليِ وَكَأنَ الفِردَوسَ بِعَبْقَرْ
وَرَحَلتُ إِلىَ أَرضِ اليَمَنِ أَحْمِلُ أَحلَاماً تَتَحضَرْ
أَقْبَلتُ وَكَانَت غَارِقَةً فِي الدَّمِ وَدُمُوعِ القُصِّرْ
فَنَظَرتُ لِأَعِرفَ مَا يَجِري فَوَجَدتُ الحُوِثيَ يُثَرْثِرْ
وَيَمضُغُ قَاتَاً مَلْعُونَاً ويَدُكُ الأَرضَ ويَتَبَخْتَرْ
يَسْبِيِ فِي الخَلْقِ وَيَتَفَنن فِي القَتلِ كَثُعْبَانٍ أَصْفَرْ
يَقتُلُ وَالقَتلُ مُبَارَاةٌ وَالعَدُ مِنَ الأَلفِ فَاَكثَرْ
قَد بَادَتْ فِي السَاحِ جِيوشٌ يَا لَيتَ دِمَاءَهُم تُثْمِرْ
وَجَدتُ سِلاَحَ طَهْرَانٍ عَلىَ الأَكتَافِ والأَظْهُرْ
تَحْمِلُهُ أَطفَال خُضرٌ ضِعَافَ العُودِ لَم تَكْبُرْ
قِتَالٌ لَا يَبْغِي نَفعاً لَا شَيءَ سِوىَ الفِكرِ الأَبْتَرْ
لا شَيءَ سِوىَ وَعدٍ كَاذِبْ بَأَنَ المَهْدِيَ سَيَظْهَرْ
ظُلمٌ وَاللهِ مَا صَنَعوْا لِحِسَابِ عَمَامَاتٍ غُبَّرْ
يُقَاتِلُهُ دُبٌّ غِرٌ يَلهُو بِالحَربِ كَمَا يَظْهَرْ
لا يَدْرِي مَا الحَربُ وَلَكِن يَلعَبُ بِالقَتْلِ وَيَتَنَدرْ
يُعلِنُ لِلِعَالَمِ مُنْتَشِياً كَم بَادَ مِنَ النَاسِ وَأفْقَرْ
والنَاسُ ضَحَايا لِلعَبِثِ لُعْبَةَ وَرَقٍ مِثلُ المَيسِرْ
هَذَا مَجْنونٌ والآَخرُ طِفلٌ غِرٌ لَا يَتَبَصرْ
مَا شَأنُ اليَمنَ بِلعُبَتِكُمْ يَا غِلْمَانَ العَهدِ الأَغْبِرْ
سَأتْرُكُ أَرْضَكِ يَا يَمَنُ وَأَطيرُ إِلىَ الأَرضِ الأَطْهَرْ
حِجَازُ الإِسلَامِ رَحِيبٌ لَن يَطْرُدَ ضَيفاً أَو يُنْكِرْ
سَأَحُجُ إِلىَ بَيتِ اللهِ وَأَطوفُ عَلىَ الرَوضِ الأَخضَرْ
سَأُصَافِحُ وَجهَ الِإسلَامِ وأُغَرِدُ بِالصَوتِ الأَجْهَرْ
فَوَجدتُ القَومَ بِنَازِلَةٍ وَالدِينُ مُمَزِقُ وِمُبَعْثَرْ
عُلَمَاءٌ فِي سِجنِ السُلطْاَن وَأَقْلَامٌ كُثُرٌ تُكْسَرْ
وَنِسَاءٌ خَلَعَت عِفَتَهَا مِلئَ الأَسمَاعِ وَالأَنْظُرْ
وذُكورٌ اشَبَاهُ رِجاَلٍ نَاعِمَةُ الأَيدِي وَالأَظْفُرْ
وقَيَانٌ تَضْرِبُ بِالفُحْشِ تَتَغنَىَ بِالفِسقِ وَتَهْدِرْ
وشِيوخٌ فِي حِجرِ السُلطَانِ لَا تَدفَعُ شَرًا أَو تُنْكِرْ
تُبدلُ اَحكَامَ الفِقهِ والَثابِتُ مِنْهَا يَتَغَيَرْ
فَهَوىَ الحُكَامِ هَو الأَصلُ يَتَقَدمُ والدِينُ يُؤَخَرْ
فَالحَاكِمُ إِن قَالَ حَلاَلا. صَار حَلَالًا. صَارَ يُبَرَرْ
أَو قَالَ حَرَامُ لَا أَبغِي فيَكونُ كَحُرمَة مَن يَفْجُرْ
والعَرشُ يزَعزَعَهُ الظُلمُ يَلوذُ بِهِ قَومٌ فُجَّرْ
عَرشٌ مِن وَهمٍ قَد نُسِجَ كَبَيت العَنكَبِ أَو أَحْقَرْ
وَفَتىً فَوقَ العَرشِ دَمِيمٌ وَبِيدِهِ مُنْشَارٌ يَنْشُرْ
ويُوَارِيِ سَوَءاتِ النَاسِ بِأَسِيدٍ يُحْرِقُ وَيُبَخِرْ
طِفلٌ لا يَفقَهَ فِيِ الحُكمِ غَيرَ المِنْشَارِ والمَخْفَرْ
والسِجنُ لِعُلمَاءِ الحَقِ أَصْحَابِ الفَضلِ المُتَجَذِرْ
سَأَرْحلُ لَن أَبْقىَ أَبْداً فَليسَ القَومُ كَمَا أَذْكُرْ
سَأَرحل وَالحُزنُ رَفِيقِيِ وأُغَطِي وَجَعِي وأُدَثِرْ
يَا أَرضَ فِلِسْطِينًا إِنِي آتٍ لِرِحَابِكِ أَتَعَطَرْ
بِرَحِيق الزَيتُونِ البَاهِيِ وَأَزْورُ القُدُسَ وُأَتَذَكرْ
بُطُولَةَ شَعبٍ جَبَّارٍ لاَ يَرضَىَ ضَيمًا أَو يَصبِر
كَم قَرْنٍ مَرتْ يَا قُدُسُ وَأَنَا مُشْتَاقٌ فِي المَهْجَرْ
يَا أَرض المَسرىَ والنُورِ قَد فَاضَ القَلبُ بِمَا يُضْمِرْ
لَكِنِي حِينَ رَأَيتُ القُدسَ رَأَيتُ عَلَيهَا المُسْتَعْمِرْ
وَرَأيتُ جِيوشًا مِن وَزَغٍ تَحكُمُ فِي الأَرضِ وتَتَأَمرْ
هَل أَرضُ فَلَسطِينًا صَارتْ مِيرَاثَ الخِنْزِيرِ الأَزْعَرْ؟
يَغْصِبُهَا قَومٌ أَنْجَاسٌ وَالأُمةُ فِي عَجْزٍ تَنْظُرْ
نَسىَ الأَنْجَاسُ مَاضِيهِم نَسوا مَا كَانَ فِي خَيْبَرْ
لَكِني عَلىَ الأَرضِ رَأَيتُ شَبَابًا ورِجَالاً طُهَّرْ
بَارْودُ بَنَادِقِهم يَدْوي وَقَنَابِلهُم ظُهُرٌ أَحمَرْ
يَرتَجِفُ لَهَا قَلبُ البَاغِي فَتَفِرُ الجُندُ وتَتَعَثَرْ
حَتَى مِن حَجَرٍ مِن طِفلٍ يَقْذِفُهُ بِذرَاعِ تَضْمُرْ
مِن فَقرٍ ضَعُفَ وَمِن جُوعٍ وَحِصَارٍ يَفْرِضُهُ العَسْكَرْ
لَكِنَ لَهُ قَلْبَاً جَلداً صَافٍ كَالَليلِ إِذاَ أَقْمَرْ
ذَهَلْتْ عَنهُ كُل الدُنْيا واستَعمَتْ عَن نُورٍ مُبهِرْ
وَنِساءٌ مِثْلُ الفُرسَانِ تَنْتَفِضُ بِحقٍ تَستَنْفِرْ
تَجْودُ وَلا تُبْقِي شَيئَاً لا تَجْزَعُ أبَداً بَل تَصْبِرْ
لِتُرَبِي جِيلاً مُنْتَصِراً فِي دَربِ العِزَةِ يَتَحَضَرْ
مَا ضَرَ فِلسْطِيناً أَبَداً أَن كَانَ العَربُ لَهاَ تُنْكِرْ
فَالأَرْضُ جِهَادٌ وَنِضَالٌ وَسَرَايَا القَسّامِ تُزَمْجِرْ
لَا يُرهِبُهُمْ قَصفٌ بَاغٍ لَو أَن النِيرَانَ تُسَّعَرْ
فِي الحَربِ لُيوثٌ وسِبَاعٌ تَقتَحِمُ الأَهْوَالَ وَتَزْأَرْ
وَهُم فِي السِلمِ أَجَاويِدٌ شَعْبٌ وِاللهِ مُتَحَضِرْ
بِرِعَايَةِ ربِي أتْرُكَكُم تَلقَوّنَ بِهَا النَصرَ مُؤزَرْ
سَأَطيرُ اليومَ إِلىَ مِصرِ وأُجَاَورُ مَسجِدَهَا الأَزْهَرْ
سَأَزْورُ النِيلَ بِأَسوَانٍ وأُمَتِعُ عَينِي بِالأَقْصُرْ
وأُطَمئِنُ قَلبِي بِالأَمْنِ وَالأُلْفَةِ وَالشَعبِ الأَنْوَرْ
الدُنْيَا بَدَأتْ مِن مِصرِ وبِهَا الأُمَمُ تَلْوذُ وَتَنْفِرْ
وَبِهَا قَومٌ أَهلُ مَكَارِمَ شَعْبٌ دَمثٌ حُلو المَعْشَرْ
وبِهَا جَيشٌ خَيرُ الجُندِ لَا يَستَسلِمُ أَو يَتَقَهْقَرْ
وَعَقِيدَتُهُم دَومَاً كَانَت أَمْوتُ شَهِيدَاً أَو أُنْصَرْ
أَنْعِمْ بِالشَعبِ وَبِالجَيشِ نِعمَ القَومُ وَنِعمَ العَسْكَرْ
وَحِينَ وَصَلتُ إِلى مِصرٍ كَانَت فِي شَأنٍ مُتَغَيِرْ
الفُرْقَةٌ بَينَهُمُ صَارَت خَرْقَاً يَتْسِعُ وَلا يَصغُرْ
كُلٌ في شَأنٍ مُدَّعِياً حَقاً وَبِهِ كَانَ الأَجْدَرْ
والسَاحَةُ غَصَتْ بِدِمَاءٍ وَسُجُونٍ وَفُلولٍ تَغْدُرْ
وَمَسَاجِدُ تُحْرَقُ وتُخَرَبُ وَكَنَائِسُ تُهدَمُ وتُدَمَرْ
يَتَوَجَسُ كُلٌ مِن بَعضٍ وَالخَوفُ عَلىَ الأَمرِ يُسَيطِرْ
وَالنَاسُ فِي أَفْقَرِ حَالٍ أَتُرَاهَا تَبْنِي وَتُعَمِرْ؟
وأَبَالِسَةٌ فَوقَ الشَاشَاتِ بَكُرُوشٍ مُتْخَمَةٍ بُجَّرْ
اِحتَرَفْوا الكَذِبَ عَلىَ النَاسِ فِي كُلِ عَظِيمٍ ومُحَقَّرْ
يَدْعُونَ إِلىَ كُلِ خَبِيثٍ وَيُعَادونَ الحَقَ الأَظْهَرْ
وكَأَنَ النَاسَ أَمْوَاَتٌ وَيُسَاقْونَ نَحوَ المَحْشَرْ
سَلاَمٌ يَا مِصرُ عَلَيكِ وَالكَربُ يَزْولُ ويَتَبَخَرْ
يَا أَرض الخَيرِ والبَرَكَةِ بِيَدَيكِ التَارِيخُ يُسَطَرْ
يَوماً سَتَعودِين لِمَجدٍ قَائِدةَ العَالَمَ لِيُغَيِرْ
يَا دُرَةَ تَاجِ الاِسلَامِ يَا دِرْعاً صُلْبَاً لَا يُكْسَرْ
لِلِغَربِ سَأَرْحلُ ثَانيَةَ لِلِيبيا وعِلمٍ لَا يُهْدَرْ
أَرْضُ المُخْتَارِ الصِنْدِيدِ وشَعبٌ زَاهٍ مُخْضَوْضِرْ
أَهلُ القُرْآَنِ وَالذِكرِ وَقُلوبٌ صَافِيةٌ طُهَّرْ
عِلمَ القُرْآنِ لَهُمْ شُغْلٌ وتِلَاوَتُهُ بِصَوتٍ يَجْأَرْ
فِي كُلِ مَسَاجِدِ مُصْرَاتَة وَكَتَاتِيبَ الجَبلِ الأَخْضَرْ
وَجَمْيعُ الشَعبِ عَلىَ قَلبٍ وَاحِدِ لَا يَيبَس أَو يَجْحَرْ
تَارِيخٌ يَملأُهُ المَجْدُ بِحُرُوفٍ مِن نُورٍ يُحْفَرْ
شَعبٌ وَاحِدُ لَا تَقْسِمُهُ لَعَاعَةُ دُنْيَا أَو تَنْخِرْ
ونَزَلتُ إِلَيهِم فِي عَجَلٍ لِأَرىَ عَجَباً لَا يُتَصَوَرْ
القَومُ جُيوشٌ تَتَقَاتَلُ وَشَرَاذِمُ وَشَظَايا تُنْثَرْ
هَذَا جَيشٌ يَطلُبُ ثَأرَاً مِن قَومٍ قَد قَتَلوا مُعَمَرْ
وذَلِكَ جَيشٌ مُختَلِفٌ يُطَالِبُ بِالعَرشِ لِحَفْتَرْ
وَجَيشٌ ثَالِثُ مَجْهُولٌ كَجَرَاثِيمٍ تَحتَ المِجْهَرْ
يُغِيرُ ويَسْرِقُ وَيُدَمِرُ ويَغْيِبُ لِعَمْرِي يَتَبَخَرْ
أَلِهَذَا قَدْ صَارَت لِيبيا كُلٌ مُسْتَعلٍ مُتَعَنْتِرْ؟
أَمْجَادٌ تُهْدَمُ عَنْ عَمْدٍ والأَخْضَرُ عَادَ لِيَتَصَحَرْ
يَا قَوم أَمَاَ ضِقْتُمْ ذَرْعَاً بِالعَيشِ بِخَوفٍ وَتَوتُرْ؟
سَأَرحَلُ والقَلبُ يَعَانِي مِمْا صَنَعَ الشَقُ وأَسْفَرْ
لِتونُس سَأطِيرُ سَرِيعاً تُصْافِحُ عَينِي مَا أُبْصِرْ
عِشْقَاً بِالأَرضِ وَبِالنَاسِ وطِيبَ الرِيحِ مِنَ المَجْمَرْ
خَضْرَاءَ الوَجْهِ والقَلْبِ والفَقهُ بِهَا شَيءٌ يَكْثُرْ
يَحْمونَ الدِينَ ويَدْعونَ لِلحقِ بِصِدقٍ لَا يُنْكَرْ
فِإِذَا بِالقَومِ وَقَد شَرَعْوا فِي الدِينِ قَوانِيناً تُصْدَرْ
فِإِذَا مِيرَاثٌ قَد قَسَموا سَاووا نِسْوَانَاً بِمُذَكَّرْ
وإِذَا عَدَّدَ رَجُلٌ مِنْهُم يُحبَسُ دَهْرَاً ثُمَ يُعَذَرْ
عَن أَمر المَولَى قَد نَكَسوا وَتَبَنوا الفِكرَ المُتَنَصِرْ
أَشَرِيعَةُ رَبيِ تَتَبَدَلُ بِشَرَائِعِ كِسرىَ أَو قَيْصَرْ؟
مَا بَالُ القَومِ مُغَيَّبةٌ ثَمِلوا مِن فِكْرٍ مُستَهَتِرْ
تَرَكْوا صَفْواً شَرِبوا قَذَرَاً مِن مَاءٍ آَسن مُتَكَدِرْ
عَارٌ يَا قَومُ يُلاَحِقُكُمْ والكَسرُ عَظِيمُ لا يُجْبَرْ
لَا أَدرِي كَيفَ تَرْاجْعتُم مِن عِزٍ لِفِعَالٍ تُشْنَرْ
سَأَرحَلُ عَنْكُم بَاكِيةً عَيْنَايَ عَلىَ الدِينِ المُهْدَرْ
لِلغَربِ أُحَلِقُ وَاجِلَةٌ رُوحِي وِبوَجهٍ مُتَمَعِرْ
لِأِرضِ الشُهَدَاءِ أَطِيرُ وَالمَغرِبِ وبِلادِ البَرْبَرْ
بِلادَ الإِسلامِ الخِصبِ تَوحِيدٌ ورِبَاطٌ مُزْنَرْ
لَهُم رَايَاتٌ شَاهِقَةٌ وَسِيوْفٌ فِيِ حَقٍ تُشْهَرْ
أَقَامْوا لِلدِينِ سَبِيلاً لِيَمُرَ إِلىَ الكَونِ ويُنْشَرْ
يَسْعَونَ لِنَشرِ الإِسْلَامِ إِن هَانَ الأَمرُ أَو اسْتَوْعَرْ
لَهُمْ فِي الدَعْوَةِ تَارِيخٌ وَفِى الفَتْحِ مَعَارِكُ أَشْهَرْ
طَوَّفْتُ عَلَيِهِمْ فِي سأمٍ لَمْ أَفْهَمْ قَوْلَاً لِأُفَسِرْ
لِسَاَنُ العُجَمِ لَهُمْ لُغَةٌ وَالنُطْقُ غَرِيبُ وَمُحَيّرْ
فَبِدَارِجَةٍ يَنْطِقُ هَذَاَ وبِلُغَةِ الإفْرِنجِ يُعَبِرْ
وَذَاكَ بِلُغَةِ فَرَنْسِيٍ يَتَبَاهىَ بِالقَوْلِ وَيَفْخَرْ
عَنْ لُغَةِ القُرْآَنِ عُزُوفٌ وَلَا عُذْرَ لِكَيِ يَسْتَعْذِرْ
وَسَأَلتُ النَاسَ عَنْ البَلْوىَ قَاَلوَا هِيَ لُغَةُ المُسْتَعْمِرْ
طَوّفْتُ عَلَيِهِم فَرَأَيْتُ حُدْوُداً تُقْسَمُ وَمُعَسْكَرْ
بِيْنَ الإِخْوَةِ تُبْنَىَ حُجُزٌ وَالنَاسُ تَثْوُرُ وتَتَجَمْهَرْ
أَسْوَاَرُ تُبْنَىَ بَيِنَهُمُ وَخَنَادِقُ عَازِلَةٌ تُحْفَرْ
شَقَاً لِلِصَفِ بِمَعْمَعَةٍ والعَاَلمُ خَصْمٌ لَا يَصْبِرْ
يَا غَرْبَ الإِسْلَامِ البَاسِلِ الأَمْرُ خَبِيثٌ وَمُدَبَرْ
اتْحِدْوَا تَقْوَ شَوكَتُكُمْ فَالعُودُ فَرِيدٌ قَدْ يُكْسَرْ
لَكِنَ الحُزْمَةَ صَامِدَةٌ قَدْ تَصْنَعُ جِسْراً اَوْ مَعْبَرْ
وَحِينَ اَرَدْتُ مُغَادَرَةً لِأَرَىَ الأَنْدَلُسَ وَمَا أَكْمَرْ
بِخَزَائِنِ عِزٍ وعُلُومٍ وَقُصُورٍ رَصَّعَهَا الجَوّهَرْ
قَالْوْا قَد ذَهَبَتْ يَاَ هَذْاَ مِنْ زَمَنٍ بَادَ وَلاَ يُذْكَرْ
فَرَجعتُ حَزْيِنَاً مُثْقٌلَةً نَفْسِيِ بِالقَهْرِ وأَسْتَشْعِرْ
أَنَ الأُمّة صَارَتْ هَمِلِاً، اَعْنَاقٌ تَبْحَثَ عَنْ خِنْجَرْ
يُنْهِي مَأَسَاةً مُفْجِعَةً وَيَشُقُ العِرْقَ المُسْتَنْفِرْ
فَقَفَلتُ حَزْيِناً بَاكِيَةً عَيْنَايَ بِدَمْعِ مُتَحَجِرْ
أَنْدُبُ أَمْجَادَاً ضَائِعَةً وَعَلَيْهَا أَنْوحُ وَأَتَحَسْرْ
فَأَجَبْتُ الطَيرَ عَلىَ الفَورِ لَا تَحْزَنْ اَبَداً ولتَصْبِرْ
سَتَعوُدُ الأُمةُ يَا طَيِريِ مَوّعّودَاً مِنْ رَبِيِ فَأَبْشِرْ
هَذِيِ الأَجْدَاثُ الرَاِقِدَةُ سَتَهُبُ وَتَنْهَضُ لَا تُنْكِرْ
فَالأُمَةُ إِن نَامَت دَهْرَاً تَسْتَيِقِظُ دَوْمَاً لَا تُقْبَرْ
هَذِيِ أَرْضٌ مِثلَ الذَهَبِ لاَ تُبْخَسُ قَدْرَاً أَو تُهْدَرْ
حَتَىَ إِنْ غَطَاَهاَ وَحَلٌ وَالوَجْهُ مُلَطَخُ وَمَغَبَرْ
تَعْوُدُ وَتَنْتَفِضُ سَرِيعاً وَالوَجهُ يُطِلُ وَقَدْ أَقْمَرْ
وَالسَيْفُ إِذَاَ غَابَ بِغِمْدِه فَسَيَخْرُجُ يَوْمَاً وَيُحَرَرْ
وَالنَاَسُ إذَا أَلِفُوا الذُلَ فَهِيَ قُشُورٌ غَيْرَ الجَوّهَرْ
وَالظَالِمُ إِنْ يَأْنَسُ يَوْمَاً لِخُضُوعِ الشَعْبِ فَيَتَفَجَرْ
مِنْ جَوْفِ الشَعْبِ بَرَاكِينٌ تَجْتَثَ الظَالِمَ أَو تَبْتِرْ
فَسَيَأتِي يَومٌ تَتَوحَدُ بُلْدَانُ العَرَبِ فَلَا تُقْهَرْ
وَيَقَودُ مَسِيرَتَهُم رَجْلٌ مِنْ نَسلِ كِرَامٍ يَتَحَدْرْ
وَتَعودُ الأُمةُ راَشِدَةً فَطَرِيقِ الحَقِّ هُوَ الأَقْصَرْ
نَسْلُكُهُ يَومَاً بِرَشَادٍ وَقُلُوبِ النَاسِ سَتَتَطَهَرْ
فَكِتَاَبُ الله سَيَجْمَعَناَ وبِدينِ الحَقِ سَنَتَصَدرْ
فَالأُمَةُ لَمْ تُذْبَحْ أَبَداً وَالخِنْجَرُ لَمْ يَصِلِ المِنْحَرْ
فَالحَرْبُ سِجَالٌ يَا طَيْرِيِ يَومَاً نُهْزَمُ يَومَاً نُنْصَرْ
لَكِنَ الرَايَةَ صَامِدَةٌ لاَ تَسْقُطُ بَلْ تَعْلوْ أَكْثَرْ
لَاَ تَيْأَس أَبَداً يَا طَيْرِيِ وَتَقُولُ المَوّعْوَدُ تَأَخْرْ
مَوْعُودُ المَوْلَىَ بِالنَصْرِ أَتٍ لَا رَيبَ إِذَا تَنْظُرْ
فَأِهْدِأِ وَتَفَاءَل بِالخَيرِ فَسَتَخْضَرَ الأَرضُ وَتُثْمِرْ
ولَعَلَ المَوّلَىَ يُصْلِحَنَا لِنَعُودَ إلىَ الحَقِ ونَنَفِرْ
شعر وائل جنيدي ..
The post قصيدة عصفور مهاجر في بلاد العرب (كاملة) شعر وائل جنيدي appeared first on بوابة اليوم الإلكترونية.