قيمة الاشياء وقدر الاشخاص
بقلم الكاتبة/ غادة العليمى
ليس جديدا ابدا اننا نحيا فى مجتمع ذكورى وليس امر مفاجئ ان يظن الرجل الشرقى فى بلادنا ان الشمس والقمر والارض والسماء تدور فى فلكه وتعمل من اجله ومن اجل راحته
ومنذ نعومة اظافره يتعلم الرجل الا يبكى لان البكاء ضعف وهو خلق قوى دون شرح منطقى لمعنى واضح للقوة والضعف وانما ما يهيأه له خيال الاطفال
وتتفتح عين الصبى على رجل يصيح وامرأة تؤتمر وقائمة من الاوامر تعد وكلمات طاعة تردد فيظن ان هذه هى الحياة الزوجية وتلك هى العلاقات
دون ان يعرف هذا الصغير ان خلف هذا الباب المغلق على ابويه طاولة اجتماعات كونية تدار تنفق فيها الام عمر وعافية ومشورة وعون وحرقة قلب وتفكير وارق حتى يشتد كتف الاب ويخرج بوجهه الشمشونى ممتن لوجودها لكن ناكر لدورها امام اولادها وكأن الامر ينقص قدره ويمحو قوته
ويظل الشاب جاهل لا يعلم ولا يريد ان يعلم من العلاقات الا ما يراه سطحى منها الى ان تصارعه حلبة الحياة فيتعلم على يديها المعنى الحقيقي للقوة والضعف
ومن المؤكد والغريب ان لا يعلم الرجل قيمة المرأة فى بلادنا الا حين يقطع الاربعة عقود كاملة من العمر واحيانا اكثر ، بعد ان يضعف وتقويه وينهار وتجبره ويحتاج وتساعده ويحتاج المشورة وتوجهه ويعود اليها مهموما محملاً بالثقيل من الاعباء وتعيد معه ترتيب رفوف الامل ، ليستقيم الظهر وينتصب البطل امام شاشة الرؤية ويكمل العرض الشمشونى القوى المخادع امام الابناء ، والضحية هنا هم الابناء الذين شبوا على فهم ناقص وصور مشوهه للعلاقات
علموا ابناءكم قيمة الاشياء وقدر الاشخاص وقيمة ما يٌقدم وقدرة من يٌقدمه واعطوا كل ذى حق حقه ، حتى لا تجعلوا ابناءكم يقطعون العمر فى جهل الغرور بصور ممسوخة لقوة الرجال ومسخ دور المرأة
توفرون كثير من اللغط والغلط والتشويش وتضييع العمر فى تعلم امر حتمى يستطيع الطفل فهمه ممزوجا بحليب الرضاعة.. كفاكم مسوخا ياسادة رجاء افهموهم صغاراً.. قيمة الاشياء وقدر الاشخاص