مطامع إثيوبيا في البحر الأحمر تهدد استقرار القرن الأفريقي
مطامع إثيوبيا في البحر الأحمر تهدد استقرار القرن الأفريقي
✍️ بقلم: طه المكاوي
في تطور جديد يعيد التوتر إلى منطقة القرن الأفريقي، صعّدت إثيوبيا خطابها السياسي تجاه دولة إريتريا، عبر تصريحات مثيرة للجدل لرئيس الوزراء آبي أحمد اعتبر فيها حدود بلاده المعترف بها دوليًا مع إريتريا “خطأ تاريخي” يستوجب التصحيح، في إشارة واضحة إلى رغبة أديس أبابا في الحصول على منفذ مباشر للبحر الأحمر عبر ميناء عصب الإريتري.
تصدير الأزمات الداخلية إلى الخارج
تحليلات سياسية رأت أن هذا الخطاب ليس سوى محاولة من الحكومة الإثيوبية لصرف الأنظار عن أزماتها الداخلية المتفاقمة، خاصة في أقاليم أمهرة وأوروميا التي تشهد اضطرابات واسعة، إلى جانب استمرار التوتر في تيجراي بعد الحرب المدمرة بين عامي 2020 و2022.
ويرى مراقبون أن الحكومة تسعى لاختلاق أزمة خارجية توحّد الجبهة الداخلية المنقسمة وتمنح النظام مخرجًا من الضغوط السياسية والاجتماعية.
استعدادات عسكرية وتصعيد إعلامي
وعلى الرغم من التزام إريتريا باتفاقيات السلام السابقة، فإن مؤشرات ميدانية تشير إلى تحركات إثيوبية عسكرية وتصعيدًا في الخطاب الرسمي والإعلامي ضد أسمرة، ما أثار مخاوف من إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية جديدة في المنطقة التي تعاني أصلًا هشاشة أمنية واقتصادية.
تحذيرات من كارثة إقليمية
مركز فاروس للدراسات الإفريقية حذر في تقييم حديث له من أن أي مغامرة عسكرية إثيوبية ستكون كارثية على استقرار القرن الأفريقي، مؤكدًا أن أديس أبابا تفتقر حاليًا إلى القدرات الاقتصادية والعسكرية التي تمكّنها من فتح جبهة جديدة.
وأضاف أن المجتمع الدولي يقلص دعمه لإثيوبيا بعد انتهاكات حرب تيغراي، ما يجعل أي تحرك عسكري مغامرة غير محسوبة.
محاولات للهيمنة وتحكم في الممرات البحرية
ويرى خبراء أن هذه التحركات تأتي ضمن مشروع إثيوبي لفرض هيمنة إقليمية والسيطرة على ممرات البحر الأحمر الحيوية، بما يهدد أمن الملاحة ومصالح الدول المطلة عليه، خصوصًا مع وجود استثمارات دولية كبيرة في موانئ إريتريا والصومال.
عزلة متصاعدة وانتهاك للقانون الدولي
ويشير محللون إلى أن النهج الإثيوبي في التعامل مع الملفات الإقليمية — سواء في قضية مياه النيل أو العلاقات مع الجوار — يعكس نزعة أحادية تتجاهل مبادئ القانون الدولي وميثاق الاتحاد الأفريقي، ما قد يدفع أديس أبابا إلى مزيد من العزلة الإقليمية إن استمرت في انتهاج هذا المسار التصعيدي.
في ظل هذه التطورات، تبدو المنطقة مقبلة على مرحلة حساسة تتطلب حكمة دبلوماسية وحرصًا على استقرار القرن الأفريقي، بدلاً من جرّها إلى صراعات جديدة ستدفع شعوبها ثمنها السياسي والاقتصادي والأمني.
