معنى الإسراء والمعراج.. لنريه من آياتنا

معنى الإسراء والمعراج.. لنريه من آياتنا

بقلم: د. رحاب أبو العزم✍️

إن لله تعالى الحِكَم والمقاصد لأفعاله وأحكامه، وإن لم ندرك ماهية الحِكَم علينا التسليم والإيمان والتصديق فهذا من حيثيات الإيمان بالله تعالى. حديثي اليوم عن تلك المعجزة الإلهية للنبي صلى الله عليه وسلم وهي حادثة الإسراء والمعراج، مهما اختلفت الأقوال لتحديد تاريخها فذلك ليس بالمهم والضروري، وإن كان على أرجح الأقوال حدوثها ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، بيد أنه من الضروري معرفة الحكم والمواعظ من وراء هذه المعجزة ومعرفة المعنى للإسراء والمعراج، حيث الإسراء هو السير ليلًا وهذا ما حدث للمصطفى صلى الله عليه وسلم حينما أسرى به الخالق الباري من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى حيث سار به البُراق بأمر الله تعالى من البيت الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى بالقدس لقضاء جزءًا من الليل ثم يعود به إلى مكة المكرمة في نفس الليلة، وأما المعراج فهو العروج أي الصعود إلى السموات السبع وما فوقها ورجوعه في جزء من الليل.

“المكافأة الربانية بعد الآلام والأحزان”

بعد تنكيل بالنبي صلى الله عليه وسلم دام أكثر من عشر سنوات، وبعد حصار في شعب أبي طالب دام ثلاث سنوات، وبعد فقد السند والعزوة العم أبي طالب، وبعد فقد الرحمة والرأفة والزوجة والوزير المعين، وبعد تنكيل سفهاء ثقيف أراد الله تعالى أن يكرم نبيه المصطفى ويكافئه بـ إسرائه إلى المسجد الأقصى وعروجه إلى السموات وما فوقها للتسلية عنه صلى الله عليه وسلم، وتخفيف حدة الألم والحزن على التنكيل وفقد الأحباء.

وأي هدوء للقلب الحزين أكبر من ملاقاته صلى الله عليه وسلم للأنبياء والرسل في كل سماء، حيث يقابل سيدنا آدم في السماء الدنيا، ليرى سيدنا يحيى وعيسى في السماء الثانية، وأما السماء الثالثة فقد قابل فيها سيدنا يوسف، وصعد إلى السماء الرابعة ليقابل سيدنا إدريس، ثم يصل إلى السماء الخامسة ليقابل سيدنا هارون، أما السماء السادسة فقد رأى وحاور سيدنا موسى، ليصعد إلى السماء السابعة فيرى سيدنا إبراهيم وقد أسند ظهره إلى البيت المعمور، ثم صعد إلى سدرة المنتهى وكان قاب قوسين أو أدنى من الله تعالى، ورفع الله إليه البيت المعمور ليفرض على الأمة المحمدية الصلاة التي كانت خمسين صلاة حتى أصبحت خمس صلوات.

“الحكمة من حادث الإسراء والمعراج”

رؤية الرسل والأنبياء ليقروا جميعًا بالنبوة المحمدية ويعلنوا إيمانهم بالمصطفى صلى الله عليه وسلم، وتأكيد هيمنة الإسلام على جميع الشرائع، وهذا أوجب على أتباع الأنبياء والرسل السابقين إتباع محمد صلى الله عليه وسلم لأن أنبيائهم صلوا خلف إمامهم وإمام الخلق جميعًا محمد صلى الله عليه وسلم، بيان عظم وحرمة المسجد الأقصى وقدره عند الله تعالى وعند نبيه وعلو شأنه عند المسلمين حيث أقر حادث الإسراء والمعراج ارتباط الأقصى بالمسجد الحرام، وإقرار الإسلام بفضله والبركة التى فيه وحوله، “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”، ومن أهم ما نتدبره في معجزة الإسراء والمعراج تلك المكانة العظيمة للصلاة التي فرضها الله تعالى عند سدرة المنتهى حيث أعظم الأماكن السماوية شأنًا.

“الإسراء والمعراج مع الواقع الحياتي”

ولما كانت مأساة المصطفى شديدة كانت المكافأة للتسلية على قلبه عظيمة، وهذا يعلمنا أن تكون المكافأة لتلامذتنا ولأبنائنا على قدر عملهم ونجاحهم. ولقد رأينا أخوة الأنبياء والرسل تحت قيادة محمدية موحدة وذلك يعلمنا أن جميع أتباع الأنبياء أخوة تحت سماء واحدة وفوق أرض واحدة. وأما الصلاة والواقع الحياتي في تربية أبنائنا فعلينا واجب مؤكد وأمانة أمام الله تعالى بتعليمهم للصلاة بأسلوب مرن وفي وقت عظيم ليتدبروا عِظَم شأنها، فتارة نحكي لهم متى وأين فرضت، وتارة نعلمهم ثوابها وأجرها العظيم، وتارة نرشدهم إلى أخلاق المصلين الحميدة.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.