“مهندسو الوهم”.. من يقف وراء مشروع ريفيرا غزة؟

مهندسو الوهم”.. من يقف وراء مشروع ريفيرا غزة؟

طه المكاوى 

مشروع غامض يثير الجدل

كشفت تقارير غربية كـ واشنطن بوست وفايننشال تايمز وإلبايس عن خطة مثيرة للجدل تُعرف باسم “ريفيرا غزة” أو “The GREAT Trust”، تهدف – بحسب الوثائق المسرّبة – إلى تحويل القطاع إلى مركز سياحي وتجاري حديث عبر مشاريع ذكية وجزر صناعية، لكنها في الوقت نفسه تتضمن آليات يُنظر إليها كتشجيع على تهجير الفلسطينيين عبر حوافز مالية ورموز رقمية.

من واشنطن إلى تل أبيب.. جذور الفكرة

الخطة أُعدت على هيئة شرائح عرض PowerPoint وقدمت في وقت سابق إلى إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بمشاركة رجال أعمال إسرائيليين ومستشارين أمريكيين.

اللافت أن مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، وهي واحدة من أكبر شركات الاستشارات في العالم، أقحمت أسماؤها في بعض المراحل قبل أن تنفي أي دور رسمي.

مؤسسة غامضة بقيادة ضابط سابق في الـCIA

ظهر اسم مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) كذراع لوجستي لتوزيع المساعدات ضمن المشروع. المؤسسة يقودها فيليب رايلي، وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) ومؤسس شركة أمنية خاصة.

رايلي التقى في مارس 2025 رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير للتعريف بأنشطة المؤسسة، لكن مكتب بلير سارع لنفي أي مشاركة مباشرة في الخطة.

شبكة الأسماء البارزة

الوثائق المسرّبة أظهرت أن شخصيات متعددة ارتبطت بالمشروع، أبرزهم:

ليران تانكمان: عميد سابق في الاستخبارات السيبرانية الإسرائيلية ومؤسس شركات أمن سيبراني.

فيليب رايلي: ضابط الـCIA السابق ومؤسس شركة أمنية مرتبطة بآليات المساعدات.

ستيف ويتكوف: رجل أعمال ومستشار مقرب من ترامب.

جاريد كوشنر: صهر ترامب ومستشاره السابق، حضر بعض الاجتماعات الخاصة بخطة “اليوم التالي” لغزة.

توني بلير: ورد اسمه في اتصالات جانبية، رغم نفي مؤسسته أي مشاركة مباشرة.

خطط سابقة: من “غزة أولًا” إلى الجزر الصناعية

لم يأت مشروع “ريفيرا غزة” من فراغ، بل يندرج ضمن مسار طويل من الأفكار المشابهة:

في تسعينيات القرن الماضي، طُرحت مبادرات اقتصادية تحت شعار “غزة أولًا”، ركّزت على مشاريع استثمارية مقابل تقليص البعد السياسي للصراع.

في العقد الأخير، أعاد سياسيون إسرائيليون طرح فكرة إنشاء جزر صناعية قبالة سواحل غزة، يتم عبرها التحكم في التجارة والميناء بعيدًا عن سيطرة الفلسطينيين.

جميع هذه الخطط حملت بعدًا اقتصاديًا لتمرير أجندات سياسية، مع إغفال جوهر القضية الفلسطينية المتمثل في الحرية والسيادة.

انتقادات واسعة وتحذيرات خطيرة

الانتقادات التي وُجّهت للمشروع تمحورت حول اعتباره محاولة لإعادة توزيع سكاني قسري تحت غطاء استثماري، بما قد يُصنّف كـ “تطهير عرقي مقنّع”.

 

كما أثيرت مخاوف من دمج رأس المال الخاص مع أهداف سياسية حساسة في واحدة من أعقد قضايا الشرق الأوسط، ما يجعل المشروع أقرب إلى هندسة سياسية – اقتصادية تستهدف إعادة تشكيل غزة بما يتجاوز إعادة الإعمار.

                    مشروع ريفيرا يكشف عن تشابك مصالح رجال أعمال، مسؤولين سابقين، وأجهزة استخبارات

قد يبدو مشروع ريفيرا غزة على الورق خطة للتنمية وإعادة الإعمار، لكنه في الواقع يكشف عن تشابك مصالح رجال أعمال، مسؤولين سابقين، وأجهزة استخبارات. وبينما يُقدَّم بواجهة استثمارية براقة، يخشى كثيرون أن يكون مجرد أداة لإعادة رسم ديموغرافيا غزة وفق حسابات سياسية خارجية، بعيدًا عن تطلعات الفلسطينيين وحقهم في تقرير مصيرهم.

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.