هل تجلب الهدايا الأمن والسلام للمنطقة ؟

تم نشر المقال بصحيفة اليوم الدولى عدد شهر مايو

هل تجلب الهدايا الأمن والسلام للمنطقة ؟

 

في كل مرة يزور فيها رئيس أمريكي منطقة الشرق الأوسط ، يُعاد فتح الجدل القديم الجديد ما الذي يريده منّا ؟ وما الذي نحصل عليه في المقابل ؟

بقلم / محمد امين

وزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية و قطر و الإمارات لم تكن استثناءً ، بل كانت في رأيي من أكثر الزيارات وضوحًا في التعبير عن المصالح الأمريكية البحتة ، وفضحًا لحالة الارتهان التي تعيشها بعض الأنظمة العربية تجاه الإدارة الأمريكية .

في زيارته إلى الرياض مؤخرا ً إلتزمت السعودية بضخ استثمارات في الولايات المتحدة بقيمة 600 مليار دولار على مدى أربع سنوات ، وبعد أن التقى ترامب الرئيس السوري المؤقت أحمد الشراع في السعودية ، دعا إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل كجزء من اتفاقيات أبراهام ، و أعلن عن رفع جميع العقوبات الأمريكية عن سوريا ، ليهديه الشرع برج باسمه في سوريا

وقطر التي أهدت ترامب طائرة بوينغ 747-8 فاخرة ، تُقدر قيمتها بـ400 مليون دولار ، تحتوي على غرف نوم ، حمامات فاخرة ، وصالات متعددة و عقدت صفقة تاريخية بين الخطوط الجوية القطرية وشركة بوينغ لشراء ما يصل إلى 210 طائرات ، بقيمة تُقدّر بـ96 مليار دولار ، مما يُعد أكبر طلبية في تاريخ الشركة .

أما الإمارات فقد أعلنت عن التزامها باستثمار 1.4 تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي على مدى السنوات العشر القادمة .

هذه الهدايا بالمليارات تفاخر بها ترامب أمام الإعلام الأمريكي ، و لم تكن مجرد صفقات تجارية ، بل كانت ربما أقرب إلى “جزية سياسية” مدفوعة من أموال الشعوب ، في مقابل “وهم الحماية” و ”غض الطرف” عن ممارسات داخلية أو سياسات خارجية.

والسؤال هنا هل جلبت الهدايا الأمن والسلام ؟
الجواب الواضح والصريح لا ، فما زالت الحروب مستعرة ، والأزمات تتفاقم ، والشعوب العربية تُهجر وتُقصف وتُستنزف .
لم تحقق زيارة ترامب ، ولا من قبله من الرؤساء ، أي سلام حقيقي ، بل كانت مجرد محطة لتعزيز الهيمنة الأمريكية ، ونهب المزيد من الثروات ، وتمكين إسرائيل من فرض الأمر الواقع .

لكن وسط كل هذه التغيرات ، تبقى مصر – بثقلها السياسي والتاريخي والجغرافي – حجر الأساس لأي توازن في المنطقة ، فمصر ثابتة قوية فتية بشعبها وقواتها المسلحة وحكمة قيادتها السياسية و الدبلوماسية الذكية ، والقدرة على الوساطة النزيهة ، لتظل مصر صوتًا للحكمة ، لا تابعًا لترامب أو غيره.

و في الاخير ، العالم يتغير و محور القوى لم يعد كما كان ، والاعتماد المطلق على واشنطن هو رهان خاسر .
على الدول العربية أن تعي أن كرامتها وسيادتها وأمنها تبدأ من داخلها ، لا من صفقات في قاعات مغلقة مع رئيس أمريكي جاء فقط ليجمع المال، ويرحل

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.