يوم لا يُنسى في ذاكرة الوطن .. من الحزن والإنكسار للعزة والكرامة

يوم لا يُنسى في ذاكرة الوطن .. من الحزن والإنكسار للعزة والكرامة

بقلم / أحمد طارق الزغبي

يوم لا يُنسى في ذاكرة الوطن .. يظل يوم السادس من أكتوبر عام 1973 يومًا خالدًا في ذاكرة الأمة المصرية والعربية، فهو اليوم الذي استعاد فيه المصريون كرامتهم ، وحققوا ملحمة نصرٍ مجيدة ستظل علامة مضيئة في سجل التاريخ العسكري والوطني .
ففي هذا اليوم إستطاع الجيش المصري أن يحطم أسطورة العدو التي طالما رُوّج لها ، وأن يثبت للعالم أن الإيمان بالحق والإرادة الصلبة أقوى من أي سلاح.

مرحلة الإعداد والتخطيط بعد النكسة

بعد نكسة يونيو 1967 عاش الشعب المصري سنواتٍ من الحزن والمرارة، لكنها لم تكن سنوات استسلام أو ضعف، بل كانت مرحلة إعدادٍ وصبرٍ وإصرار.
عملت القيادة المصرية في صمتٍ على إعادة بناء القوات المسلحة، وتزويدها بالأسلحة الحديثة، وتدريب الجنود على أحدث الأساليب القتالية.
كانت الروح المعنوية العالية والإيمان بالوطن هما الركيزة الأساسية في تلك المرحلة، حتى أصبحت مصر تمتلك جيشًا قويًا مؤمنًا بقضيته، مستعدًا لاستعادة الأرض والكرامة.

اللحظة الحاسمة: صيحة “الله أكبر” تهز الصحراء

وفي الساعة الثانية من ظهر السادس من أكتوبر، الموافق للعاشر من رمضان عام 1393هـ، دوَّت صيحات “الله أكبر” في سماء سيناء، لتعلن بدء أعظم عملية عسكرية في تاريخ مصر الحديث.
حيث انطلقت الطائرات المصرية تُهاجم مواقع العدو في عمق سيناء، بينما بدأ أبطال المهندسين العسكريين في تنفيذ معجزة عبور قناة السويس باستخدام خراطيم المياه لتحطيم الساتر الترابي لخط بارليف الحصين، الذي كانت إسرائيل تراه مستحيل الاختراق.

ملحمة العبور وتحطيم خط بارليف

كانت خطة العبور محكمة ودقيقة، جمعت بين عنصر المفاجأة والسرعة والتنظيم.

استطاع أكثر من 80 ألف جندي عبور القناة خلال ساعاتٍ قليلة، وسط نيران العدو، ليقيموا رؤوس جسور قوية على الضفة الشرقية ويرفعوا العلم المصري على أرض سيناء الغالية.
انهارت أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”، وامتلأت قلوب المصريين بالفخر والاعتزاز، فقد استعادوا في ذلك اليوم ثقتهم بأنفسهم، وبدأت مرحلة جديدة من الانتصارات والإنجازات.

إرادة لا تُقهر وشعب يقف خلف جيشه
لم يكن نصر أكتوبر مجرد تفوق عسكري فحسب، بل كان انتصارًا للإيمان والإرادة والعقل.
حيث قاتل الجنود المصريون بروحٍ عالية وشجاعة نادرة، وهم يرددون “الله أكبر”، فكان الإيمان بالله سلاحهم الأول، والعزيمة زادهم في مواجهة العدو.
وفي الجبهة الداخلية، وقف الشعب المصري خلف جيشه بكل قوة، يقدم الدعم المادي والمعنوي، ويعمل في صمتٍ وإصرار، مؤمنًا أن المعركة هي معركة وطنٍ بأكمله لا جيشٍ وحده.

من النصر العسكري إلى النصر السياسي
بعد أن حققت القوات المسلحة انتصارها العظيم، جاءت مرحلة لا تقل أهمية: مرحلة الدبلوماسية والسياسة.
استطاعت القيادة المصرية تحويل الانتصار العسكري إلى مكاسب سياسية أعادت لمصر كامل أراضيها، ووضعت الأساس لاتفاقيات السلام العادلة التي أنهت سنواتٍ من الصراع.
وهكذا أثبتت مصر أنها لا تسعى للحرب من أجل الحرب، بل من أجل السلام القائم على استرداد الحقوق والكرامة.
لقد أثبت نصر أكتوبر أن المصريين عندما يتحدون حول هدفٍ واحد يصبح المستحيل ممكنًا، وأن الوطن حين يجد أبناءه مخلصين قادر على تجاوز أقسى التحديات.

واليوم وبعد مرور أكثر من نصف قرن على ذلك النصر العظيم، ما زال السادس من أكتوبر يومًا نحتفل به بكل فخرٍ واعتزاز.
إنه ليس مجرد ذكرى عابرة، بل درسٌ خالد في الوطنية والتحدي، ورسالة لكل مصري أن يبذل جهده في بناء وطنه كما بذل الأجداد أرواحهم من أجل رفعته.
مصر تصنع المجد متى شاءت
سيبقى نصر أكتوبر رمزًا خالدًا للعزة والكرامة، وشاهدًا على أن مصر قادرة دائمًا على صنع المعجزات متى آمنت بنفسها ووثقت في أبنائها.
وفي كل عام، حين تشرق شمس السادس من أكتوبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والعزة، وتعلو أصوات الأجيال الجديدة مرددة:
تحيا مصر.. أرض البطولة وصانعة النصر.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.