فلتحيا التفاهة في زمن الرويبضة

أسماء عيسوي

قال رسول الله صل الله عليه وسلم: “سيأتي علىٰ الناس سنوات خدَّعات،

يُصَّدق فيها الكاذب ويُكذِّب فيها الصادق ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين

وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال الرجل التافة يتكلم في أمر العامة”.

صدقت يا رسول الله فما أخبرتنا به قد حدث بالفعل وها نحن نشهد هذه السنوات الخدَّعات

لقد رأينا الكاذب المضل يعتلي المنبر ويخطب في العقلاء وهم فرحون منصتون له بل ويصفقون!
وهذا الخائن الذي ولّيناه خزائننا وذاك المُقيّد الأمين، والله لقد نطق فينا الرويبضة يارسول الله

وأصبحوا أصحاب سلطة وقيادة فيا للتفاهة وويلٌ لمجتمع التفاهة!

لقد لاحظنا كيف أضحىٰ المجتمع يسودهُ التفاهة ويُحرِّكه بين أصابعه هؤلاء التافهين

وكأنه نهجٌ نسلكه بعد دراسة وتخطيط،

والعجيب في الأمر ممارستنا للدور المخوّل لنا دون اعتراض أو تشجيب،

وقبل التعمق في الموضوع أود أن أعرض لكم ما المقصود بالتفاهة؟
التفاهة تعني: لاعلم، لاحكمة، لا معرفة بمعنىٰ أدق هو الشيء عديم النفع والجدوىٰ والذي لا شأن له ولا قيمة.
إذًا كيف سادت التفاهة؟ الإجابة بترويج التافهين لها.
وهل هم كثرة حتىٰ استطاعوا فرض آرائهم وأفكارهم علىٰ المجتمع بأسره؟

يبدو أنهم كذلك، وإلّا كيف سادت وانتشرت حتىٰ أضحىٰ لها أنصار

يحافظون عليها بكل ما أوتوا من قوة وكأنها عقيدة مقدسة.

بالأمس القريب خرج علينا أحدهم يُغالطنا في عقيدتنا السماوية بتبجح وزاد الأمر بِلة

بنشر دعوته وكأنها أمر سماوي وما علينا غير الانصياع والطاعة.

أيضًا رأينا كيف يتم دفع أموال طائلة لتسخير التافهين بعمل دراما تافهة تجذب أكبر قدر ممكن من التافهين
وقد نجحت بالفعل من خلال نشر وإذاعة البرامج والمسلسلات والأفلام التافهة
وكيف لا وهي تُدر عليهم المزيد من الأموال الطائلة.
لقد غزت عقولنا وكعادة الغزاة دائمًا محو الهويَّة وتبديدها ثم فرض عقيدتهم وسيطرتها،
ولكن هل من مخرج يُخلصنا من التفاهة، وهل نشعر بمدىٰ خطورتها علينا؟

نعم مازال هناك فئة منّا تشعر بمدىٰ خطورة التفاهة علينا وعلىٰ المجتمع ككل وهذه الفئة

تسعى سعيًا حثيثًا لنبذها وتدعيم أواصر العقيدة وترسيخها من خلال العلماء والحكماء والقادة المُحنَّكين،

فيا أيّها التافهين أفيقوا من غفلتكم فلن تنالوا منّا ولن تفلح معنا مخططاتكم فنحن في رباط إلىٰ يوم الدين.

ويا أيُّها العلماء الأجلّاء أعلم أن طريقكم محفوف بالمخاطر لكن يقيني أن العلماء ورثة الأنبياء

وأن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر،

فيا كل أديب ومُفكر ويا كل مبدع في مجاله، العلم العلم عليكم به حتىٰ لانترك لهؤلاء التافهين

الساحة فارغة فيعيثوا فيها فسادًا وتخريبًا.

فعلىٰ الأدباء و كُتَّاب الروايات والقصص تقديم مادة درامية خالية من الإبتذال والفُحش ومراعاة القيم والأخلاق،

ويا كُتَّاب الأغاني مراعاة اختيار الكلمة الراقية الهادفة غير الخادشة للحياء

وياصُنَّاع البرامج الغوث الغوث أغيثونا من البرامج التافهة ومقدميها التافهين وعليكم بالإنفاق علىٰ البرامج

الهادفة ذات المحتوىٰ النافع للفرد والأسرة علىٰ حدٍ سواء.
ولا شك أن المردود سوف يكون مُربح لكم وللمجتمع ككل وهناك بالفعل تجربة قُدِمت منذ فترة

ولاقت نجاحًا كبيرًا حتىٰ صار منها مواسم متتالية ومتتابعة ولنا في (العباقرة) خير قدوة.
وعلىٰ الأسرة الإنتباه لأبنائها بحسن تربيتهم والإعتناء بهم وجدانيًا وعقليًا

حتىٰ لا نتركهم للفراغ يعبث بهم وبمخيلاتهم، ولا تنسوا الرقابة وأوصيكم بأنفسكم خيرًا فتكونوا خير قدوة ومعين.
أما بالنسبة للدولة فينبغي وضع تشريعات وقوانين تراعي الشرائع السماوية والتي تطبق بصرامة

علىٰ كل من يُفتي في كل أمر بغير وجه حق حتىٰ لايخرج علينا المتفذلكين يلوكون بأفواههم

في كل أمر من أمور الحياة سواء في أمور الشريعة والدين وحتىٰ في أمور السياسة.

فقد رأينا الفترة الماضية العديد من الفتاوىٰ واللغط في أمور الدين والسياسة

وكأن الجميع أصبح سياسيين محنكين يُحللون الوضع السياسي والأقتصادي الراهن

بل ويفرضون سياسات ويلقون بنصائحهم علىٰ الحكومات “ينبغي أن …ولا ينبغي أن …وعلى رئيس الدولة أن ….”
أو كعلماء دين وقورين يُحللون ويحرمون ويفتون ويبررون بأهوائهم وينكرون الشرع والدين.
والحرص علىٰ متابعة تطبيق تلك القوانين حتىٰ نُحدَّ من هؤلاء المروجين للتفاهة

والمحدثين المضلين، فنتجنب الرزايا والهُراء المبين.

تحرير أسماء عيسوي

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.